الجزء 9

10.3K 235 19
                                    

اللهم صلِ على محمد
-

هز راسه بمجاراة له يربت على كتفه : بتوصلك رسالة بعنوان "تم إيداع الراتب " وشوف النقص وقتها ، يصير خير
ضحك رماح يهز راسه بأسى يمثّل الحزن بملامح وجهه : مابليد حيلة . تجي نتقهوى ؟
أبتسم فهد لثواني لأنه يحاول يبيّن إهتمامه وحزنه لكنه فعليًا مايهتم وهذا اللي يشوفه : رماح أنا محتار منك
عقد حواجبه بأستغراب ، وأبتسم فهد يسكنّ داخلة لثواني تسكن نبرته بالمثل ، وأخذ نفس : غريب أنت ماشفت أخصائي مثلك ، كلهم أولوياتهم الراتب ، وأنت تحاول تسوي زيهم لكن لا ماهو هذا اللي أحسه معك
رفع حاجبة لوهلة ، وأبتسم فهد لأن هذي الملامح اللي ينتظرها ، هذي اللي تأكد كل كلامه ، رجع يربت على كتفه يترك كوب قهوته بيدّ رماح اللي كانت ملامحه تتفجر أستغراب ومشى بعدها يترك رماح بأستغراب وحيرة أكبر ، أستغراب لأنه ماتوّقع أن فيه أحد بيلاحظه ، رفع يدّه يبعثر شعره وأنظارة على ظهر فهد
-
-
~ القصر الخالي
أبتسمت ليلى من سمعت صوت سيارة متعب ، الصوت اللي تميّزة ولو حولة مليون صوت ، تميّزة لأن قلبها يفز معه ، تركت الورد على الطاولة وأبتسمت ترجع شعرها خلّف أذنها يذوّب قلبها من تلمحه ، كانت واقفة قدّام الشباك الزجاجي الواسع اللي يوضّح حديقة قصرها كلّها ، من كان بثوبه الأبيض وعقاله على راسة ، وكان تارك شماغة على كتفه ، من كان يلعب بخاتمه بيدّة الثانية وهالحركة هي تعرفه فيها ، تعرف أنه مايسويها إلا من يكون باله مشغول بشيء كبير ، من كان نظرة للمدى لكن مايشوفه ، مايشوف غير السواد من تراكم مشاعرة ، من كان كتفه ثابت رغم الجبال اللي عليه ، تتأمله وماتشبع تأمل كان يشبه أبوها بتفاصيله اللي ماتكون أبدًا بسيطة عليه ، يشابهه بأهتمامه المخفي واللي مايجي خفيف أبدًا على قلبها ، يشابهه بطريقة دخوله وجلوسة ، اللي ترجّف كل من شافها ، طريقته بالكلام ونبرة صوته ، اللي ماتجي خالية أبدًا ، أسباب حُبها كبيرة وكثيرة وماتنتهي ، قفلت الشباك من أختفى عن مدى نظرها ، من صارت تسمع صوت خطواته وثقلها ، لفت بأكملها له تبتسم مباشرة لأن من أول ألتفاتتها كان هو اللي قدامها : السلام عليكم
توسّع مبسمها أكثر : وعليكم السلام ياحي الله حبيب الروح !.
أبتسمت من أبتسم هو ومن تقدّم يقبّل أعلى راسها لثواني طويـلة ، ثواني تجمّع دموع عينها غصب عنها ، لأنها تحسّ حرارة قلبه توّصلها تحسّ بلهيب نارة يقشعر بدنها ، وأخذت نفسّ طويـل نفس يكتم صدرها من أعتدل وباقي يدّة تلامس كتفها : كيف قلبك يا أبوي أنت ؟
سكنت ملامحه لثواني ، سكنت لأن " يا أبوي أنت " تعني له أكثر مما تعني لها ، لأنه هو يعرف أبوها مين يعرف أبوها أي شخص ولهالسبب عصفت هالكلمة بقلبه وماجت سهلة أبدًا لقلبه : كان طيب ، وصار مسرور
أبتسمت لثواني لأن سؤالها هذا كان دايم موجود وجوابة دائمًا يكون " طيّب " لكن هالمرة بُدلت المشاعر وهي أكثر وحدة تفهم ليش صار مسرور : الله يزيده سرور ياحبيب روحي الله يزيدك أضعافه
كان مُبتسم ولا فيه نهاية لأبتسامته ، شعور الراحة اللي يساور قلبة بوجودها ماله مثيل ، كل الجبال اللي على ظهرة يخف ثقلها من يلمح أُمه أو يجالسها ، أخذت نفس من تبدلت ملامحه بلحظة يسرح بتفكيره ، وتمتمت ليلى بتساؤل : وش مشغل بالك يايمه ؟
تنهد متعب يتمدد على الكنبة جنبها ، يسند راسه على فخذها ، وأبتسمت هي تخلل أصابعها بشعره : ما أتذكر متى أخر مرة نمت فيها بهالشكل
أبتسم لثواني لأن نبرتها تبيّن قد أيش هي حنت ، وسكر عيونه يتمتم بتساؤل : يمه اللي يسرق طفل رضيع ليش يسرقه ؟
رفعت حاجبها بأستغراب من سؤاله المُفاجئ والواضح بأن الموضوع يلعب براسه بشكل كبير ولا ماكان سأل مثل هالسؤال : ممكن يتاجرون فيه؟ ممكن فيه أم عقيم تتمنى طفل وماجاء لها ؟ .. ليش تسأل ؟
تنهد متعب لثواني يلعب بخاتمه وعيونه ماتشوف إلا السواد للآن : وصلت للقسم قضية .. سرقة طفل
كان منها الصمت لثواني تحاول تستوعب ، وبلحظة وحدة شهقت تُرعب قلبه بشكل مجنون ، وأعتدل يلف كله لها يتطمن عليها بعيونه قبل لسانه : لاحول ولا قوة إلا بالله لاحول ولا قوة إلا بالله !
مرّت ثواني صمت قليلة ، كان فيها متعب يتأملها وكانت هي فيها تحاول تستوعب هوّل الفاجعة وتتخيل شعور الأم اللي متأكدة مايهنى لها النوم وطفلتها ماهي عندها . هي رغم تعمقها وتفكيرها بهالموضوع إلا أنه ما أنحصر بالحزن على حال الأم وبس ، إنما أسترجعت أحداث ماضيها تتنشط ملامحها لثواني : تأكدتوا من طبيبة التوليد ؟ حققتوا معها ؟
عقد حواجبه لثواني يحاول يتذكّر وسكنت ملامحه لوهلة لأنه ماحقق إلا مع الطاقم الطبي فقط إما دكتورة التوليد ماكان لها وجود بالمستشفى : لا ماكانت موجودة أخر شخص ولدت له كانت هالأم اللي فقدت ولدها بعدها أخذت إجازة
تنهدت ليلى بضيّق : كانت جارتي بمثل حالتها ، وأكتشفوا أن الدكتورة هي اللي سرقت الطفل بعد ماعانت الأم سنوات طويلة
أعتدل بجلوسة لثواني يصير كل تركيزة عليها : ليش تسرقه ؟
تمتمت ليلى بغصّه تشتت أنظارها لأن قلبها تعبّ: باعته على أم عقيم كان المبلغ .. عالي ماتقدر تقاومه
سُلب من شعوره تمامًا من سمّع صوت صرخة وَتر ، اللي أذهلت مسامعة ، ومسامع ليلى بالمثل يوّقف بكل قوته رغم أنهداد روحه وأنزعاجة يوقف بلحظة وحدة ومثل البرق ، يركض للأعلى يركض لغرفتها اللي كانت مصدر صوتها ، كان كل تفكيرة سيئ بشكل مايتصوّرة يتخيل - خالد - عندها يتخيّل الأسوأ ويجن جنونه مايتحمل نبض قلبه ولا نبض شعوره بهاللحظة ، مسك مقبض الباب وماتوقف حركته عند هاللحظة أبدًا فتح الباب بكل قوته لدرجة أرتد الباب يتسكر من جديد ، وذابت عظامه تمامًا من كانت وَتر متكورة على نفسها بزاوية الغرفة ، بين رفّ أكوابها وبين الجدار ، ذابت عظامه تمامًا لأن منظرها ورجفتها تشبّ ضلوعه ، جبّر الخطوة لها ينزل على ركبته عندها يحاوط أكتافها ، وصرخت هي من رعبها تحاول تبعده : وَتر هذا أنا ياوَتر متعب أخوك !
سكنت حركتها وكلّها ، سكنت تبعد كفوفها عن مسامعها ، ورفعت نظرها له يبان من ثغرها طيف أبتسامة ، أبتسامة جبرته بالمثل يبتسم ورفعت نفسها تحاوط عِنقه : خفت .. حيل متعب حيل
كان يمرر باطن كفّه على ظهرها وشعرها يهديّها ، وسرعان ماعقد حواجبه بذهول من سمع صوت - رفرفة أجنحة -
من لمح كائن صغير لونه أصفر يطير فوقهم : هذا اللي خفتي منه ؟
هزت راسها بالإيجاب تزيدّ رجفتها ، تشدّ على عنقه ، وسكنت ملامحه يرتخي جسدة بأكملة ، يرتخي لأن حيلة أنهد ومايمزح ، أنهد لأن المُتوقع واللي خاف منه ماصار ..
-
-
~ قبل ثواني ، بوابة القصر الخالي
كان صدرة يضجّ بمليون شعور ، يضجّ بخوفه عليها وعلى شعورها بعد اللي مرّت فيه من أحداث المشفى ، وماكان باله يهدى أبد ، لهالسبب أستخدم - خالته - اللي كانت سبب أو حجة دائمة له ، حجة لقلبه ولشعوره ولمتعته من يراوده شعور الراحة بوجودها معاه فوق نفس السقف ، هو هنا راحته هنا سكينته ، نبض قلبه يرتعد بأكملة من سمع صوتها ، صوت صرختها اللي جددت حريّق داخله ، جددت نار قلبه وركض لمصدر الصوت ، كان صوتها بعيد عن مسامعه لكن ماكان بعيد عن قلبه أبدًا ، لدرجة حسّه قريـب ، كان أول صعودة للأعلى وأول منظر لمحة - ليلى- اللي كانت تحاوّل تهدي نبض قلبها عشان تدخل الغرفة ، ومن لمحت رماح ذاب قلبها تطمنه مباشرة : بخير بخير يارماح
ملامحة يملاها الخوف ، وكل رجفته تعرف سببها ، تحسّ ثقل خطواته عليه لهالسبب تمتمت تطمنه ، تعرف قلبه ليه أرتعد تعرف سبب تغيّر ملامحه : خافت من العصفور وخوفتنا معاها تطمن مافيها شيء
كانت بكل جُملة تحاول تخفف حدّة نبضه ، اللي صارت تسمعه من مكانها ، وضوح مشاعرة ماكان يتعبه هو وبس ، يتعبها هي بالمثل لأنها تشوف حُبه الصريح لوَتر ، تعرف سبب سرحانه وجُملة " أنت معي وقلبك مع الهوى" كانت حقيقة وماهي مجرد سؤال له ، قلبه مع وَتر ، ووجودة معها يكون جسد فقط ، رتبّ نفَسه ورتب جُملة بسيطة بعدها : بنزل تحت
ماوصلتها نبرته بسيطة مثل جُملته ، وصلتها مهدودة مهلوكة ، ردة فعله ماتتقارن أبدًا مع ردة فعل متعب ، ملامحه أوّضح من ملامح متعب ، ملامحه ترّجف من خوفه عليها ، لمّحت إرتخاء أكتافه مع كل خطوة ينزلها للأسفل ، وأبتسمت ليلى لثواني لأنها تذكرت ملامحه ، تذكرت أنها كانت تتكلم من لما كان صغيّر ، من لما كان موجود جسد فقط وعيونه وقلبه يفزوّن لشخص واحد - وَتر - تنهدت لثواني تنزل نظرها للأسفل تزفّر بضيّق من تذكرت السبب اللي يُبعده عنها - عُقمه - اللي بسببه صار يهوى الأطفال أكثر مما كان قبل ، من صار ملهوّف لشوفتهم وأختار أقرّب طريق لهم وهو - العلاج الطبيعي للأطفال - من كان يتلهّف لوجودهم وللحديث معهم أكثر من لهفته للراتب اللي ماكان يحتاجه من الأصل ، سُلبت من أفكارها من سمعت صوت سُهيل اللي كان مستغرب وقوفها هنا : خالة ليلى ؟
لفت نظرها لمصدر صوته تبتسم بإنهاك : لبيه ؟
تمتم سُهيل بأستغراب : ليه واقفة هنا ؟ ليش ماتدخلين عند وَتر ؟
رجّعت نظرها له من أستوعبت ، وتمتمت تعاتبه من تذكرت : ياسُهيل الله يصلح حالك ! ليش تركت الكناري يطلع من قفصة ؟ ودخل بغرفة وَتر من بين كل غرف هالقصر !
أبتسم لثواني يرفع يدّة لعنقه من الخلف يهمس لها يخاف متعب يسمع : أنا حطيته بغرفتها
شهقت ليلى وعض هو شفته يغطي شفايفها : خالة !
ضحكت ليلى لثواني تبعد يدّة عن شفايفها : أنا ماصدقتك من البداية ماصدقتك ! جبته عشان تخوّفها ؟ مثل ماسقيتها أمس ؟
تبسّم لثواني يتحسس عنقة من الخلف بإحراج : أبغى تترك خوفها وتصيّر مرّة ماهو دلوعة كل شيء يخوّفها
رفعت حاجبها بذهول : وخوفها جاء بدون سبب ؟ وبتروّحه إذا روعتها كذا ؟
رفع كتفه بعدم معرفة ، وهزت راسها بأسى تربت على كتفه تعرّف أنه بيصلح شيء لكنه مايعرف يصلّح : هذي المرة عدّت لايدري أبوك أنك جبته هنا طيب ؟
هز راسه بالإيجاب يتأمل باب الغُرفة اللي كان مقفل : بنزل لرماح أنا
نزل للأسفل ، كان مع كل خطوة يخطيها ينتقل لشعور جديد شعور مُختلف عن غيرة ، كان يحس كأن الغليان اللي بقلبه هجد وأخذ نفس من أقصاة يزفرة من ثبتت أنظارة على وقوّف رماح خارج القصر وعند البوابة الكبيرة ، رجلة تلعب بالأرض وأنظارة عليها ، كفوفة بجيب بنطلونه وباله يسرح بعيـد ، مشى على أطراف أصابعة يحسب حساب للخطوة قبل يخطيها ، وبلحظة أنقض على رماح ، يرتعد قلبة فوق أرتعادة ، وأبتسم سُهيل بذهول لأنه أول مالمحه همس يشتمه : ليش تسبني طيب ! خوّاف أنت !
عض رماح شفته لثواني ، يشتت أنظارة : وش صاير داخل ؟
أبتسم سُهيل غصب يتكتف : وش صاير داخل ولا لمن صاير ؟
تأفف رماح لثواني يصد للجهة الثانية واللي تعاكس وجة سُهيل : اللي تبغى ، جاوب !
ضحك سُهيل لأن ملامحة وهو يتصدد حكاية ثانية : جبت كناري أمس واليوم دخل غرفة وتر بالغلط
لف رماح بلحظة نظرة لسُهيل ! يرفع حاجبه بسخرية : بالغلط ! ويلك من الله !!
عض شفته لثواني مايعرف وش يسوي فيه ، حتى أنه يتلفت حوالينه يدور شيء يضربه فيه ، ومن ماحصل أخذ عنقه له ، أخذة ينحني فيه على الأرض ، وتمتم وذراعة ملتفة حول عنق سُهيل : أدوس رقبتك هنا ؟ وش أسوي فيك ؟ أنت صدق عمرك ٢٧ ولا غلطانين بالحسبة ! يمكن زايدينك عشرين عام بالغلط على هالجهل اللي فيك !
كان سُهيل يحس بثقل النفس عليه لكنّه رغم هذا مُبتسم ويحاول يفكّ نفسه من ذراع رماح : أنا جاهل بس فكني ! ياولد زينب أتركني !
تركه رماح مباشرة من صار طاري أُمه ، وأبتسم سُهيل بغرور يعدل شعره اللي تبعثر وياقة قميصه بالمثل : الله يعزّك يازينب هيبة حتى لو أنك بالجنوب وولدك بالشمال !
مسّح رماح على وجهة يخفف من غضبة : اللهم الهمني الصبر والسلوان ، وصل سلامي لخالتي
أبتسم سُهيل يهز راسة بالإيجاب يتأمل قفى رماح ورفع يدّة يودّعة : مع السلامة حبيبي ! بحفظ الرحمن كثر زوارات طيب ؟ كان المفروض نكرمك ونضيفك لكن خيرنا سابق مايحتاج
ضحك رماح بينما هو يركب سيارته وفتح شباك سيارته من صار داخلها يلف بنظرة لسُهيل : لاتحط نفسك مع جمع "خيرنا" مالك خير علي توكل
مالحق يستوعب أساسًا من تحركت سيارة رماح ، وأبتسم بذهول يتلفت حوالينه يتأكد أن ماحد سمع اللي قاله رماح
-
~ بنفس المكان لكن بجهة ثانية
شدّت شنطتها تتأمل بُعد المسافة بينها وبين الأرض ، وأخذت نفسّ ترمي الشنطة على الأرض ، وسرعان ماعضت شفتها من بان صوت عالي أثر إرتطام الشنطة بالأرض ، لفت بأنظارها حوالين شبابيك القصر وأبوابة لثواني طويـلة ، وزفرت براحة من ماخرج أحد من القصر ، رجعت تنزل أنظارها على الأرض وتمتمت بهمّس : ليش الأرض بعيدة ؟ وليش رافعين جدارهم كل هذا من بيسرقكم يعني !
ضحكت لثواني تعدل الكاب على شعرها وتمتمت بسخرية : يعني صح أني أدخل بيوت الناس لكن يدي قصيرة !
هزت راسها بأسى : أكلم نفسي ؟ وأسأل نفسي وأجاوب نفسي آخ يا سرور وش وصلّك لهذي المرحلة؟
رجعت تضحك بسخرية أكبر : طبيعي ياسرور لأن ماعندك أحد تتكلمين معاه عن أشجانك
سكنت ملامحها لثواني ، سكنت من جُملة " أشجاني " اللي تناسب داخلها ، وأخذت نفس تشتت أنظارها ماودّها تغرق بموضوع ثاني وهي ماخرجت من أول موضوع رجعت تتأمل المسافة بين الأرض وبينها وبلحظة وحدة وبدون أستعداد رمت نفسها على الأرض ، تلمس رجولها وكفوفها الأرض بنفس الوقت : حتى وأنا أنزل بثبات أتألم ! ليش كذا يعور ! آخ ياكفيّ
رفعت كفّها تتأملة لثواني وزفرت توقف وتنفض كفوفها ، أخذت شنطتها تثبّتها على ظهرها وجرّت خطواتها لداخل الحديقة تتعمّق فيها أكثر ، شُدّ أنتباهها من ألوان الحديقة اللي ماكانت بلون واحد كان فيها حياة ، تمتمت بهمس مُعجب : مايمزحون ! مايحتاج يروحون لمحل ورد عشان كم وردة والمشتل بكبره عندهم من زود الفلوس !
أنحنت تاخذ نفسّ من عِبق الورود ، اللي تخالطت بشكل مُذهل ، بشكل يُرهبها : رهيبة !
تنحنحت تعتدل بوقوفها من تذكرت غرضها من وجودها بالقصر وأنها مالازم تنشغل بشيء ثاني ومكانها أساسًا كان قدّام وحدة من شبابيك القصر الزجاجية ، وكملت خطواتها لخلف القصر ، كانت تختار الأماكن اللي تكون بعيدة عن شبابيك القصر وتمشي فيها ، ورغم راحة أعصابها إلا أنه كان أصعب خطواتها وأصعب القصوّر اللي دخلتها لأن كل شبابيكة زجاج وواسعة بمعنى أن اللي داخل يشوف اللي برا ، كانت تعلّق كاميرا على عِنقها ، وهذا غرضها أساسًا من نزولها هنا - التصويّر - ماكان لهدف محدد كثر ما أن هذي مُتعتها ومُتنفسها ، أبتسمت تتأمل المكان حولها من عدسة الكاميرا : يارهابة المنظر ! على كثر مادخلت قصوّر ولا واحد يجي بمستواك !
أخذت صورة للمكان ، اللي يجذّب عينها غصب عنها ، من كان يتخالط بألوانه مع شُعاع الشمس اللي يبرز جماله ماوّقف أخذها للصور أبد ، مع كل خطوة تخطيها تلقى شيء يستاهل تصوّرة ، تصميم الحديقة وكيف هي مليانه حياة رغم خلوّها منهم يجذبها ، أنحنت تنزل على ركبتها تتأمل المكان قدّامها بهدوء وهيمان تنهدت ثقل صدرها وتمتمت بأبتسامة : بتزوج من عندكم وقولوا سرور ماقالت ، إذا ما أخذت الكبير باخذ الصغير وإذا مرة مرة ناخذ الأب يمشيّ الحال حتى لو هو شايب
ضحكت لثواني ترفع نظرها للسماء تستوعب كلامها ، وسرعان ماشهقت من صار مدّى نظرها كلّه رأس وأكتاف ، من كان قدّامها جزء علوي لجسد رجُل ، ورحعت تشهق من جديد : ياماما !
وقفت بعجل تشدّ كاميرتها لصدرها تخاف عليها ، وتراجعت للخلف وأنظارها عليه : من أنتِ ؟ وش تسوين هنا !
رفعت شالها اللي كان حول عنقها تتلثم فيه ، وكانت أساسًا تغطي راسها بالكاب وغطاء الهودي مايبان منها إلا عيونها ، تلبّست السواد كلّها : أشجان !
أول أسم يطري على بالها ، وأول مرة تذكر أسمها اللي تلقبّ نفسها فيه وتسخر من نفسها فيه بداخلها ، لأول مرة تنطق فيه لأحد ، كانت توّزع نظرها بينه وبين المسافة اللي وراة ..

-
" السلام عليكم ، يامساء الخير
كيفكم أحباب الواتباد ؟ أن شاء الله أنكم مو زعلانين مني لأني تأخرت بمواعيد لقائنا لكن للحياة ظروفها وللأعمار مراحلها ، صرت أخاف من جملة " بدلعكم" أخاف أقولها وما تصدقون أو ما أنفذ ، لكنّي بإذن الله العلي العظيم بخليكم تشوفون الدلع بدال ما أحكي عنه . تابعوني عشان يوصلكم أشعار لما أنزل بارتات! 🩷"

أنتِ بين النفس والهوىWhere stories live. Discover now