الجزء 34

7.8K 179 14
                                    

-
كانت جالسة الأرض ومتكية بظهرها على السرير تغرّق راسها بين
رجولها ، ودموعها ماجفت للآن من تراكم كل شيء عليها خلف بعضه فتحت عيونها بذهول من سمعت صوت أخر غير صوت شهقاتها ينطق بقوله: ليه تسـوين بي كذا ياغُـروب ؟
رفعت راسها من سمعت صوت خطواته تتأكد بأن الصوت حقيقي وله ، تنزل دموعها من جديد ونطقت باسمه من بين دموعها : مِتعـب
انحنى قدامها يجلس على رُكبه وتمتم بعتب وبنبرة مُثقلة بالهم : ليه تسوين بي كذا ؟
ماجاوبته قول إنما شدّت ذراعه تقرّبه لها تسند راسها على كتفه ويدّها تشدّ ذراعه من قبضات قلبها : بمـوت من عبـراتي
شالت كل عتب كان بقلبه وبدلته بحنان لو وزّع على البشرية كفّاهم وزاد ، يقرب راسها له يقبّله ويدّه تمسح على شعرها بحنو تمرّهم الدقايق وهم على هالحال هي تبكي وهو يطبطب ، وقطعت الصمت غُروب تبدله بإنه هو يسمع وهي تشكي : هددني ، عصبني ، خفت عليك كان يقول بيجيني لو ماجيت ، قلت مايصير ماتقدر الناس هنا كثير ! قال بذبحهم واحد واحد قال ما بيرحمهم ، قال بيقتلهم بدم بارد مثل ماقتل بابا ! مِتعب بابا مات على يدّه ، وعمي مات بريء! كنت أظن عمي هو اللي قتله كرهته كرهتهم كلهم لأنهم حرموني منه!
شد عليها أكثر يحاوطها بذراعه وكملت بنفس عبراتها : كنت أنام وأصحى على كوابيس ، كنت أعيش بين وهم وقاتل بابا حُر! مِتعب كانوا يدرون ! شهدوا على الحادث بس تركوه ! تركوه يعيش هنيّ وأحنا متكدرين!
رجع يقبّل راسها من جديد ، يطلب ثباتها ، يطلبه بعد ماتفرّغ كُل شعورها ، وهو مات من قلقه طول بحثه وماخف من لقى أثرها بأحد الفنادق يتوجه له ومباشرة بعدها للاستقبال ياخذ مفتاح غُرفتها من عرف بوجود نزيّل باسمها ، يفتح الباب دون لاينبهها ومن دخل كانت بالمشهد اللي يهد ظهره يعاتبها ويترك عتابه من نبرتها وحالها : مـات ومات معاه الماضي ، غرب حزنك ياغُروب أخذه الله وبيحاسبه عنده !
هزت راسها برفض تشدّ على ذراعه :ماسألته ! ماعاتبته ! ماقلت ليش أخذت أعظم شيء بحياتي ؟ ليش حرمتني النوم وليش تسلّطت على كل شيء أحبه ! راح دون جواب ! مِتعب أبي أعرف !
مِتعب : يومه ، أذكري الله ياغُروب
أخذت نفس من شهقاتها تهمس : إنا لله وإنا إليه راجعون
سكن نبضها وبعض من شعورها من حست بالسكيّنة مركونة بين "إنَّا لله وإنا إليه راجعون" تخف رجفتها وسط حُضنه يهدى نبضها لثوانـي ومن حس بهدوئها أخذ نفس يرفع نظره للأعلى ، أخذت من عُمره عمر بالخمس ساعات اللي مرّت يتذكر كيف كان ينتقل من حي لحي ومن كاميرة لأخرى لحد ماوصل لأخر نُقطة وقفت عندها : خفت علـي؟
نزل نظره لها يبتسم لأن راوده إحساس بإنها تقرأ أفكاره : خفت؟ وش الخوف جنب اللي عشته بهالتسع ساعات ياغُروب ؟ وهن قلبي من قربت تشرق الشمس ومالك أثر للحين..بتحرقني هالشمس وبيحرقني القيظ لو مالقيتك
رمشت لثواني تبعد عن صدره ، ترفع نظرها له : ولأني أدري الشمس بتحرقك جيتك بهيئة غروب
ضحك لثواني يرتفع صدره من النفس الطويل اللي أخذه وزفـره يبعد خُصل شعرها على نُطقها : تشيل بقلبك علي مِتعب ؟
وقفت حركته ينزل نظره لعيونها ، وكملت غُروب تبرر : رحت دون خبر اعتمدت على نفسي وما اعتمدت عليك
عدل جلوسه يوقف يجلس على الكنبة اللي خلفه : إما قلبي مايشيل إلا حبك ، لكن البلاء عقلي عتبان وواجد ياغُـروب تدرين كم شارع مريته وكم تسجيل كاميرة شفته ؟
نزلت نظرها ليدّها تلعب بأظافرها الملونة بدون رد ، وأخذ مِتعب نفس يقدم جسده للأمام : ١٣ شارع مريته و١٤٥ تسجيل كاميرة شفته! ليه مارجعتي للبيت بعد الحادث ؟ ليه مابلّغتيني أجيلك؟
مسحت ملامحها وأثار الدموع عنها تنطق ولُغة جسدها وحركة يدّها بالتبرير تجنّنه : كل الأماكن تخلت عني بذيك اللحظة ، ماعرفت وين أروح ! مشيت وخطوتي جابتني هنا
رفعت نظرها له تكمل : ظنيت إني بس أكون لحالي بقوى بفهم شعوري وبقوى ، لكني ماقويت .. ماقويت إلا من جيتني وسمعت صوتك
ارتخت أكتافه وأعصابه المشدودة يبوح بأول حروف شكلها لسانه : تعالـي
-
كانت على وشك تغفى عينها ، على وشك تغط بنوم عميّق لكن صوت ميهاف بعثـر كل نُعاسها : مناهل وش تسوين ؟
رفعت اللحاف عن وجهها تجلس ، وسكرت ميهاف الباب تتقدم للداخل على نُطق مناهل : أكمل بحثي
ضحكت ميهاف تجلس على طرف السرير : بالحلم ؟
عضّت مناهل شفتها بعضب تضرب سريرها من غيظها : وش تبـين !
عدلت ميهاف شعرها توقف تشغل الأباجورة تنور ظلام المكان ورجعت تجلس بمكانها : وش رأيك باللي صار ؟
تأففت مناهل من موضوعها ورجعت تتمدد : نامي ميهاف نامي خلينا نصبح
سحبت ميهاف اللحاف عنها تتمتم بغضب : مناهل بسولف لك أنا !
زفـرت مناهل تعدل جلوسها : نعم نعم وش بتقولين! شفتي الساعة قبل تجيني ! هذا وقت سوالف الله يصلحك!
عدلت ميهاف ياقة بجامتها وتربعت بوسط السرير : ماقدرت أنام من تفكيري باللي صار ! وش شعور زينب ؟ زعلت عليها والله بس تصرفها كان غلط وأكبر غلط !
مسكت مناهل راسها تستعد لموّال ميهاف: تدرين وش أكثر شيء عجبني وسط هالمعمعة كلّها ؟ ردة فعل غروب سكتتهم ثلاثتهم! واضح أصلًا إنها ماكانت تعرف بس تداركت الصدمة وطلعت أنيابها من وصل الموضوع لكرامة أُمها وأبوها الله يرحمه
همست مناهل بضيق : الله يرحمه ، بس مافهمت أنتِ وش لك بالناس ! تقيمين المشهد كأنه لقطة من مسلسل ومو حدث واقعي ومصيبة!
ضحكت ميهاف تهز راسها : وهو وشو ! لقطة من مسلسل "الضراير" رد الكفوف عجبني ماتحددين مين أقوى !
تقدمت ميهاف للجهة الثانية من السرير تتمدد جنب مناهل ، وتبدلت ملامحها لاشمئزاز من تذكرت بيادر : يوه يوه تذكرت بيادر! تهقين صدق سوتها وبغرفة نومهم وعلى سريرهم بعد!
ميّلت مناهل شفايفها بعدم معرفة : سكوتها عن التهم يأكد لي وأصلًا شفتها لما فزت تلحق غُروب! هذا دليل يدينها!
غمضت ميهاف عيونها تعض شفايفها لوهلة من تذكرت : كنت بوظفها عند عمّار! الحمدلله اللي رفض بس
ضحكت مناهل تلف بنظرها لها : كأنه حاس سبحان الله
سكنت ميهاف لثواني تعيد المشهد ببالها وتمتمت بينما هي تفكر : لو بنقيم غدير وزينب مابتنتهي المنافسة بفوز وحدة! كلهم حلوات بس وحدة على غنج زايد هقوتي هذا اللي جاب راسه
ابتسمت مناهل تتكي بظهرها على السرير : تعجبني غدير وغنجها وشنطة جلد التمساح اللي بيدها وين ماراحت! كلها تهبل تهبل!
ضحكت ميهاف تضرب كتفها :طحتي على وجهك عندها؟
هزت راسها بالنفي : الحق ينقال عرف يصيد الغزال جسّار
نطقت ميهاف بهدوء : إحساسي يقولي جسّار لعوب
هزت مناهل راسها بالنفي : لالا ولو كان بينهي عقده مع هالشغلة بعد ما أخذ منبع الغنج ، وين تعرفوا بظنك؟
رفعت ميهاف كتوفها بعدم معرفة : سمعت غدير تتكلم عن حُب وماحب ! تهقين كانت تعرف إن مِتعب بيصير زوج بنتها؟ وأصلًا متعب كيف عرفها؟ معقولة غدير دلته؟
هزت مناهل راسي بالنفي : مُستحيل ماتوقع ودّها تغامر هالمغامرة وتربط مصير بنتها مع قرايب زوجها! كل شيء كان صدفة وبلشت بها سمعت إنها كانت رافضة الزواج بالبداية!
شهقت ميهاف بذهول : كانت رافضة! ليش!
رفعت مناهل كتفها بعدم معرفة : بس مِتعب واضح متولّع فيها ماعاقه عنها شيء وأخذها بالحلال
تنهدت ميهاف بزعل : وأنا متى يتولّع فيني عريس الغفلة وياخذني بالحلال!
ضحكت مناهل تتمدد : اللهم لا حسد! قولي ماشاءالله لايتطلقون الحين مع هالمشاكل !
ضحكت ميهاف لثواني : عيني مب حارة! بس عشانهم حلوين وينحسدون ماشاءالله
-
بقى على مكانه مذهول من جُملتها "تركتني له قبل! اتركني هالمرة بعد!" أخذ نفس وتمتم بطولة بال : أدمحي زلات الماضي ياليلى ، كود ننشغل بحاضرنا!
صدت ليلى بنظرها عنه لثواني : يشهد الله لو كان الموضوع بيدي مابقيت معك ولا ليلة وحدة ! صرت علكة بلسان اللي يسوى واللي مايسوى!
رفع عبدالعزيز حاجبه بذهول من انفعالها لثاني مرة : كنت بطلب طلاقي ! كنت بنهي هالزواج الباطل لكن دموع نورة رحمة الله عليها وقفتني !
عقد عبدالعزيز حواجبه باستغراب : دموع نورة! وش تخثردين به ياليلى !
نزلت دموعها من تذكرت الماضي مع نورة تلف بنظرها له : ماتحملتك ولا تحملت وجع مِتعب ! كنت بترك البيت باللي فيه لك لكن نورة ردّتني ، وحلّفتني أسمع لها لآخر جملة بتنطق بها !
كانت تنزل دموعها بغزارة دون سُلطة منها عليها ، تنزل تعويضًا عن الأيام اللي كبحت دمعها فيها : قالت أيامي معدودة ودّي أموت مرتاحة ! عيالي مابينخاف عليهم وأنتِ بهالليّن ، قالت عمري ضاع وودّي مابقى من عمري نعيشه جنبكم وحولكم ! ودمحت الزلة ووش صار ؟ ماذقت منك إلا الوجع والتهميش ! صبرت وتحملت عشان رجاويها ! وعشان العيال مابغيتهم يضيعون بلا أم والأب غايب وجودة وعدمه واحد ! والحين جايني بعد كل هالسنين تطلبني أدمح الزلة ؟ دمحت لين دمحت ماعاد بقى بي حيل للزيادة !
شتت نظرها عنه تنطق وذرات غضب الماضي تجمّعت بلحظة وحدة وانفجرت بوقت واحد : اطلع من عندي !
ماقدر بإنه يُصر على وجوده حولها أكثر وهو يشوف منها كل هالغضب ، وحمل بقايا ثباته يخرج بها للمكتب.
-
نزل جواله على الطاولة بعد ماجاوب على الأسئلة اللي تنوعت من زيد ومن وَتر ومن رِماح ، يطلب من زيد يكمل إجراءات الدفن دون مشاكل ، ووقف بعدها يمسح ملامحه بتعب ، وتوجه لها يبتسم من لمح هدوء نومها على السرير بعد تعبها قدامه ، ينهزم من رغبته بلمس شعرها وجلس على طرف السرير ، ينزل يده لها ياخذ خُصله منه ، وقبّلها لثواني ولانت ملامحه من وعت فيه تلف بنظرها له : مِتعب
هز راسه يُصغي لها ، وعدلت غُروب جلوسها : كم صارت الساعة ؟
نزل نظره لساعة يدّه يتنهّد لثواني : ثنتين الظهر
شهقت غروب بذهول ترفع اللحاف تنطق وهي تنزل من على السرير : نمت كل هالوقت !
ابتسم لثواني يهز راسه بالإيجاب : ماغفت عينك إلا سته بعذرك
-
مايعرف كيف صار قلبه يلعب به من بعد ليل أمس ، وهو كل مافتح عينه أو سكرها تمرّه ملامحها ، يتعذّب من عقله اللي صار يسهى كثير : وش السواه ؟
مسح ملامحه ينزل راسه على المكتب ، وسرعان ما أعتدل من حس بضربة أسفل راسه : تنام بساعات الدوام !
لف بنظره للخلف يزفر بغضب من كان زميلة : يارجال مافيه راحة هنا إن وقف الدوام اشتغل قلبي
رفع وليد حاجبه لثواني يتكي على المكتب : بوش شغال قلبك ؟
ناظره زيد بطرف عينه ، وضحك وليد بذهول : تحب !
وقف زيـد يجمع الأوراق : أي حب! تتوهم تراك! خلني أخلص شغلي وأريّح أبرك لي
سحب وليد منه الأوراق ورفع نظره له بعد ماقرأ الموضوع : منهي له ذي ؟ تحليل طبي وإثبات لوجود مرض نفسي؟
سحب زيـد منه الأوراق يضربها براسه : لاتحشر نفسك بشيء لا يمت لك بأية صلة ! مات الرجال الله يرحمه
تمتم وليد بينما هو يمسح على راسه : بدر آل راشد هو اللي كان بيرفع شكوى على عمّه بتهمة شروع بالقتل؟
هز زيد راسه بالإيجاب : مصيبة ذا الحمدلله اللي ربي سلّمنا منه
مسح وليد على شنبه يتذكر : هو اللي بسببه قوم الدنيا ولا قعدها المحقق مِتعب؟
هز زيد راسه يشدّ على الأوراق : والله يا أني بلعت شتايم لين قلت بس
ضحك وليد : هذا هو الله يتوب عليه ماودك تطيح بيده عصبي وشديد لا عطاك نظرة تسكت أسبوع لاقابلته
ضحك زيد يهز راسه بتأييد : ليا شتم شكيّت بنزاهتي تحس الكلمة تطلع من قلبه وتصيب قلبك ، لكني ما ألومه وخصوصًا أمس والله ياهو عصّب
رفع حاجبه باستغراب : ليه ؟
استوعب زيد لوين وصل الموضوع وفتح الباب يتمتم مع خروجه : تسحب الكلام من لساني سحب !
-
خرجت من الحمام ترفع شعرها للأعلى وابتسمت توقف خطوتها من لمحت تمدده بعرض السرير بثوبه والواضح بأنه نايم من تعبه ، توجهت له تحمل صَبوَتها ووجهها يشعّ حُبور ، وتمددت على السرير بشكل مُعاكس له لكن ملامحها تقابل ملامحه ، وسندت راسها على يدها وكُل نظرها صار على ملامحه ، رموشه ، جفنه ، حواجبه ، وتبسّمت من عقد حواجبه مع نومه تقرب له أكثر ورفعت يدّها لشعره تلعب فيه ، وضحك ثغرها من تمتم وهو للآن مسكر عيونه : وش تسوين؟
غُروب : أنتظرك تصحى
فتح عيونه وتعقيدة حواجبه للآن مافكت تُرسم على جبينه وابتسمت من سكت لسانه تتكلم عيونه لثواني بددتها غُروب من اعتدلت تضم رجولها لصدرها : بنظل كذا طول الوقت ؟
جلس هو بالمثل يسحبها لصدره يبتسم من لمع خدّها بابتسامة لما صارت بحضنه : اما أنا ماعندي مشكلة..مستعدة غُروب؟
تمتمت بتعجب وداخلها يخجل من أفكارها : لوشو !؟
نطق مِتعب بتنهيدة تشرح : نلمس السحاب ، ونشهد على غروب رمض الحياة بالمكان اللي ودّك به
ميلت غُروب شفايفها بعتب لأفكارها ، وتداركت وضعها تتمتم بهدوء : بقد ما أنا متأكدة من حاجتي لك ، مستعدة
ابتسم من حروفها اللي تحكي عن عشقها له ولو ماكانت واضحة مثل وضوح الشمس بموعد المغيب ، ابتسم وصخب قلبه بالطرب علا من حلاوة انتقائها لكل جُملة كأنها تستقصد هلاكه بين حروفها ، وماتجي عادية مهما حاول يشوفها بهالشكل ، فائضة أكثر من ماء البحر ومن نجوم السهر
-
رفعت نظرها للشباك من سمعت صوته ، ورجعت نظرها لحوالها بعدم اهتمام لحد ماجُذب كل تركيزها له وقت سمعت منه جُملة تدل على دهشته ، وتوجهت للشباك تفتح طرفه تسمع باقي الحديث : كيف مات ! أجل ماكان بالمستشفى!
عقدت عزوف حواجبها باستغراب لثواني وكمل هو وهو يمسح جبينه : لاحول ولا قوة إلا بالله !
ماكانت تعرف مين المقصود لكن الخوف دب بقلبها بشكل يزيد نبضها : لا بقول لأبوي نعزّي ببيتنا ! ولد أخوي وماله أحد هنا !
رمشت بذهول تكتم شهقاتها ، تتراجع للخلف وجلست بذات ذهولها على الكنبة من حستها تلمس فخوذها من الخلف ، ينساب دمعها مثل شلال على نعومة خدّها وماتستوعب سبب هالدمع ليش ؟ لأنه مات وحقّها وحسابه بالأرض ضاع وصار حسابه بالآخرة وبيد الله ؟ مات وهي مخدوعة منه وللآن تتشافى من ندوبها ؟ أو لأن حبه باقي بقلبها للآن ؟ تعاتب دمعها وسببه ، تعاتب نفسها ووهن قلبه قدامه مثل كل مرة ، لمست منه شيء ماكانت تحلم به لهالسبب وجعها كان أكبر وأعظم من وجعها وقت استغفل قلبها الهشّ ، واللي تكسّر لأجزاء صغيرة بسببه ترفع نظرها للأعلى تحاول توقف دموعها لأن لو شاف هالدمع خالد بينكسر من جديد ، وبتجرحه من جديد ، لكن كل محاولاتها مُنيت بالفشل دمعها مارضى يوقف وخالد شاف دمعها ، وتوجه لها مباشرة ينحني لها يتمتم بتساؤل وهو يحاول يقرأ لو جملة بين دموعها : شنوحـك! توجسـين شيء ؟
هزت راسها بالنفي تصد بنظرها عنه ، وتنهد هو يجلس على ركبته يرفع يدّه لملامحها يردها له : علميني وشبك! أطيّب جرحك
لف بنظرة للشباك اللي ضرب بالجدار من هب هواء شديد عليه ورجّع نظره لها يتمتم بأمل خداع : سمعتيني؟
ماقدرت ترفع نظرها لعينه وتجاوبه بكل قوّة ، ماقدرت وهي تشوف منه محاولات بائسه بإستكمال هالزواج : لا
ماكانت بتنفي ، كانت بتحكي بصدق لكن لسانها ردّها تستغرب هي لسانها وتسكن ملامحها ودمعها ينساب مع كل لحظة تمر ومع كل نظرة منه لها : ماسمعتيني ؟
هزت راسها بالنفي تمسح أثار الدموع عن خدها : أنت كنت برا وش المفروض أسمع منك ؟
زفـر براحة تلين ملامحه لأن الدمع ماكان لوفاته ولو كان سببه بدر واللي سواه بها مايهمه ، لكن كل همه تكون هي تبكي لأنه فارق حياتها وفكرة اجتماعهم انتهت بوفاته ، لو كان هذا سببها بينهي هالمهزلة وهالوجع اللي يتجرّعه من كاسها كل يوم : متى بتلينين لي ياعزوف ؟
رجعت تمسح دموعها من جديد تتمتم وهي ماتشوفه : لامني طبت وجروحي ضمدت وندوبها محاها الزمن
وقف يتوجه لها يوقف قدامها يتمتم بثـقة تلمسها من نبرته : اتركي جروحك لي لاتتركينها للزمن
رفعت نظرها له بذهول ، وأخذ هو يدّها يقفل عليها بين كفوفه كفوفه : بعالجها لك بنفسي وبيميني ، لاتركناها للزمن بينتهي العمر وأنا أنتظرك
وقف انسياب دمعها من تعجبها! وكمل خالد بنفس النبرة وبنفس الثقة وبنفس علو الصدر من وقاره : ذوقتيني لذّة انتظارك لكنّـي متأكد لذة قربك أحلى ولها شعورها المختلف
لو بتقول أنها سهت بهاللحظات عن كل مُر ذاقته بيكون هو السبب ، من حلاوة الموقف ومن الزهور اللي تحسّها تتفتح بقلبها وبمكان كل جزء كُسر كأن بتلات الزهور بتكون هي الضماد لقلبها ولجروحها ، صار كل تفكيرها وكل عقلها يشتغل على جواب له ، جواب يريّح شعورها وضميرها اللي بدأ يتآكل من حكت لها غُروب عن شهامته بذاك اليوم ، ومن حكت لها بأنه كان بيدخل السجن ويضيّع عمره بسببها ، رجع يتمتم خالد من جديد من طال سكوتها : أنتظرك ؟
وعت من تفكيرها على حضرة الموقف تهز راسها بالنفي دون وعي : لاتنتظرني عيش شعورك المُختلف
مالحقت تشوف تعابيره من حسّت بالسواد يغشى عينها ، من حسّت بتسارع نبضات قلبها وقلبه اللي صارت مسموعة بشكل أوضح من صار راسها على صدره ، يلم جروحها بمكان واحد وبصدره ، تحس بالدفء يحوفها من كل جهة وسببه كان 'حُضنه لها' وأول قُرب بالتراضي بينهم ، يطول ولايشوفون مداه ، يطول ولا يحددون دقايقه ، يذوق حلاوة الشعور وتعيش هي لحظتها ...
-
دخل البيت بملامح مُرهقة ، يقفل الباب وتتردد خطوته لا يكملها ، وأخذ نفس بضيق من سمع صوت بيادر : من وين جاي ؟ يومين ماشفناك ! وماتدري عن هوانا !
تأفف رِماح يلف بنظره لها : بيادر صدي عني
رفعت حاجبها بغضب تتكتف : وش فيكم ! لما جاء دور ماما فجأة كلكم صرتوا محايدين!
تخطاها يصعد للأعلى ينادي أُمه ، وخرجت له صِبا من سمعت صوته: ماما طالعة
عقد رِماح حواجبه باستغراب يتنهد : مع من !
سندت صِبا راسها على طرف الباب : مع بابا بيراضيها بكم طقم
ضحك رِماح بذهول ينزل نظره لبيادر اللي كانت تصعد الدرج ورجعه لصِبا : يعني صاحب الحق راضيه عليه والمظلوم حيلها فيه ؟
تنهدت صِبا تهز راسها بالنفي : تعرف ماما أنت وتعرف أنها ماتحب الاستغفال ، أنت بدورك استغفلتها وصاحب الحق أعتذر ، تركتها يومين بدون عذر رِماح ! لو اعتذرت بتدمح الخطأ وتسامحك !
-
كانت تحاول تغض نظرها عن رسائل واتصالات أمها وهي فعليًا تحتاج وقتها لجل تحاول تتفهمها تحاول تبرر موقفها ، سُلبت من حبل أفكارها اللامتناهي على دخول مِتعب الغرفة : يالله غروب
هزت راسها تعدل لثمتها وخرجت من الفندق معاه ويدّها تغرق وسط خرائط يدّه والأخرى تشدّ فيها جوالها ياللي ماوقف رنينه للحظة ، تصمّته على سؤال مِتعب : من ؟
رفعت كتفها تنزل الجوال : مو مهم
ركبت السيارة تسكر الباب وتوجه هو لجهة السائق يربط حزامه على نُطقه بعد مارجع يهتزّ بيدها : ردّي
أخذت نفس ترفع الجوال لثواني ولأن هي مالها رغبة تسمع أي تبرير منها قفلت جوالها تتركه على فخذها وتحسّ بأن نظراته عليها لهالسبب هي تمتمت ورغبتها باستفراغ مشاعرها زادت ، خصوصًا بأن المُستمع كان "مِتعب" : عندي أسباب كثيرة تمنعني عن الرد
لفت بنظرها له تنطق وعينها تحكي قبل لسانها : الكذب أول أسبابي الكذب تدنّس صورتك لو كذبت علي
شتتت نظرها عنه لأن هذي طاقتها ولأن الرسالة وصلته وشغل متعب السيارة يتنهّد ، عنده علم بالموضوع من رسالة وَتر له بليل أمس من خوفها على غروب وعلى أخوها وعقله هي حكت له وشرحت له طرف الحديث تكتفي بقراءته لرسالتها ، ويفهم بأن الأسباب تجمعت عليها واختارت الهروب لأبعد مدى : معك حق ولا عليك ملامة لكنها أمك
رفعت نظرها للأعلى من تشوشت رؤيتها من دموعها : أسمعيها ولاتنهين الفرص عليها حق تبرر وعليك حق تسمعينها
-
غابت شمس وتجمعت غيوم فوق صدرها ولأن هي تدور الإنشراح دخلت مصنعها ، تأخذ عبق المكان وتعيش يومها بعيد عن هموم البشر، تشكّل تركيبات جديدة وتشم روائح جديدة : قواك الله
لفت بنظرها للباب تبتسم من كان مِتعب : تعال
جلس جنبها ورفعت هي له زُجاجة العطر : جربها
بخ على طرف معصمه توصله فوعة العطر يبتسم لأن مافيها ضجيج ولا فيها فلسفة زايدة : طيّبة ريحته
ابتسمت ليلى تاخذها من مدها : كنت أسويه وأنا أفكر بغروب شكله بيصير من نصيبها
ضحك مِتعب : تشبهها
ابتسمت ليلى : وعشان كذا عجبك ؟
هز متعب راسه ماينفي : بنسافر أنا وزوجتي ليا ضبطت أموري ، توصين على شيء بخاطرك شيء ؟
هزت راسها بالنفي تربت على فخذة : توصلون بالسلامة ياحبيبي ، كيف أمورك أنت مرتاح ؟
ابتسم يتنهّد صدره لأن السؤال يخصّها بشكل يعجّزه عن التعبير ، يعجّزه عن الكلام بحجم شعوره قربها : حتى التعب بسبيلها أشوفه راحة
ابتسمت ليلى تمسك يدّه تربت عليها ، وكمل مِتعب : عنيدة بالحيل يمه حتى على البسيط تعاند
ابتسمت ليلى : لكنك تحبها وتبي هالعناد لاصار منها
ابتسم يهز راسه بقبول وهو يستوعب لأي مرحلة من اللوعة وصلّها معها ولو حاكى نفسه بينتهي أمره من كثر غبطه لنفسه عليها : تستاهل هالحب غروب غيّرت بنفسك واجد ، أشوف السعادة تنضح من عينك لامر طاريها وأشوف كيف هي تذوب من الخجل ليا مر طاريك
قبّل مِتعب يدّها يبتسم : لاعدمناك
ابتسمت لأن هي سمعت الحديث من أوله ولتوها تستوعب بأن كل شيء صار واضح لعينه ، ولأن هي مابتتحمل طغيان الأم وولدها عليها صعدت للأعلى لجناحهم ولببغائها تبتسم لأنها من أول مافتحت الباب سمعت صوت الببغاء يناديها وتوجهت له : غياب
-
~ بعد ثلاث أيام
يضيق صدرها من كل جهة وماتعرف كيف مرت هالأيام وعزمها ثابت تشوف الداخل والطالع من المُعزين وينهّد ظهرها لأنها اللي تستقبل التعازي مع أم بدر ياللي مانشفت دموعها أبد على ولدها ، وبالمقابل نشّفت قلب عزوف من كثر حزنها اللي بثّته عليها : عجزت فيه حاولت أربيه لحالي لكني ماقدرته عنيد وراكب راسه ولايهاب الموت يدوره لين جاه الله يرحمك يابدر وش سويت بحالك ؟.
تعزيّها ؟ ولا تشكي لها الحال ولأي مدى وصل أذاه ؟ تبلّغها بأن موته فرح لغيرها ؟ ولا تصبّر قلبها وتسكت ؟ هي هذي الحيرة اللي تعيشها طول ماهي تسمع لهموم الهنوف ، لفت بنظرها لجوالها من رن باسم خالد توقف وتخرج من المجلس وتوجهت له من لمحته واقف بالخارج : هلا !
لف خالد بنظره لها : بقي أحد من المعزيّن؟
هزت راسها بالنفي تتنهد : بقت أمه بس
ربت خالد على كتفها يقويّها : تعبتي واجد إرتاحي
هزت عزوف راسها تثبت يدها فوق يده : كلنا تعبنا ، وكلنا نحتاج نرتاح ، عمي وينه؟ صار وقت نومه
نزّل خالد شماغه : راح للديرة مع راكان ولد عمتي بيجلس عندهم
رفعت حاجبها باستغراب تتبعه للغُرفة : ليش ؟
خالد : يقول مشتاق لعمتي
ابتسمت عزوف بسخرية : وكلنا متأكدين مو هذا السبب
ابتسم خالد يجلس على الكنبة : مالنا إلا رغبته
باغتها من مرّت من جنبه يسحبها من ذراعها لفخذه ولحضنه ، يحس بربكتها ويشوفها : بيضتي وجهي ياعزوف مـ..
قاطعته هي من نطقت ويدها تحرك شعرها اللي يوصل لنحرها : حق وواجب ماسويت شيء ، الحرمة هناك جالسة لحالـ.
قاطعها خالد يثبّتها من حاولت توقف : ماعليها خوف مقابل أخوها قبل أجيك ، أكيد إنها راحت معه
مالها مهرب وعقلها وقف من ارتفاع دقات قلبها ، وابتسم خالد من صارت تمرر أناملها على عُنقها : عزوف
لفت بنظرها له ترمش لأكثر من مرة لعدم استيعابها لقُربه الشديد منها : مابقى بي صبر . قضى صبري
زمّت عزوف شفايفها ويضطرب قلبها لأنها تفهم رغبته : تجيني مُغرية بكل حالاتك ، وأكثرها إغراء ملامح الحزن هذي شُدت أطرافها بأكملها من حست بزيادة القُرب تنتفض خلاياها من لف ملامحها له بأصبعه يقبّل ثغرها تطول الثواني بينهم ، ويعبر عن لهفته لقربها ، يعبر عن رغبته ياللي زادت على قد جياتها المُغرية لنظره وأكثر ، يترّفه بلذّة القرب اللي حكى به قدامها وشهد عليه معها يعيش رِقة الوصل على قد جوى قلبه ..
-
نزلت جوالها من صار وقت رجوعه ووقفت تاخذ قفص الببغاء تثبته فوق طاولة مَكتب مِتعب وابتسمت من تذكرت أول درس من دروسه اللي تعلمته فوق هالطاولة والكرسي ، تمرر أناملها على ريش الببغاء وعقلها راح لذيك الذكرى ، تختفي الأصوات عنّها وماتطول الثواني من حست فيه يحاوطها من الخلف تخرج من صبوة خيالها على وجوده حاضر معها : أخذ مكاني !
ضحكت غُروب تعذّب له قلبه ، وشدّت على كفوفه اللي تاخذ مكانها على خصرها : مكانك ثقيّل بالحيل ماهو بخفّة الريش عشان يتبدل
ابتسم مِتعب يقبّل خدّها : كلّمتي أمك ؟
سكن ثغرها للحظة من الطاري تهز راسها بالنفي ، ولفت بنظرها له تحاوط وَسطه وتثبّت راسها على صدره : لا
رفع يدّه لشعرها يمرر باطن كفه عليه : مالك رغبة ؟
هزت غُروب راسها : مو مستعدة باقي
-
تحس برجفة جسدها ، وتحس بانعدام الأمان من غابت غُروب عنها ، وتفهم بأن الغيبة تهدد راحتها لهالسبب هي منها كل هالخوف ، رفعت راسها للأعلى تشابك كفوفها : أفهميني يابنتي أفهميني
رنَ قلبها مع رنين الجرس تنزل للأسفل بعجل ، ووقفت خلف الباب تنطق قبل تفتحه : مين ؟
ذاب حماسها من وصلها صوت جسّار الهادي تفتح الباب بهدوء : مساء الخير
تكتفت غدير تتوجه للداخل : مساء النور ، جيت متأخر
هز جسّار راسه يوقفها يمسك كفوفها : جايك من الشركة ، مهلوك بالحيل شاب راسي من الشغل
عدلت شعرها غدير تنطق بخفوت : تبي قهوة ؟
هز جسّار راسه بقبول : ما أردها ومخصوص لا صارت من يدك
توجهت غدير للمطبخ ، وتبعها جسّار يتنهد من انطفاء روحها وتبدل حالها بهالثلاث أيام : ماردت لهالحين ؟
ابتسمت غدير بسخرية : وين بترد علي ؟ شايف أنا وش سويت ؟ كذبت عليها ! سألتني إذا مخبية عليها شيء وقلت لا ! قلت لها لا تسأليني عن شيء ! جسّار لو خسرت بنتي خسرت حياتي ! مابي أفقدها عقب تعبي بتربيتها
أخذت غدير نفس تضرب الرخام من غضبها : ماقلت لها إني حامل ! ولا أدري كيف بقولها ! مابتتقبل وبزيد النار حطب
جسّار : أتركيها يومين زيادة وبتلين
هزت غدير راسها برفض : لو به شمس بانت من أمس ! ماتلين راسها يابس
ضاق قلبه من نزلت دموعها يتوجه لها يحضنها لثواني : بتلين ياغدير أصبري عليها شوي ، وإن عيت وقضت الحلول من يدك بكلمها أنا يمكن تلين معي وتهدى
-
نزل للأسفل وبيده قفص ببغاء غُروب يلاعب ريشه باستمتاع ، وبلحظة أرتفع حاجبه بذهول من سمع صوت صرخة وَتر الغاضبة : سُهـيل!
ضحك لثواني ينزل القفص على الطاولة : خوّافة أنتِ؟
رمت عليه الخدادية بغضب : أكيد منزله عشان تخوفني ! وسيع وجه أنت داخل عندهم عشان تأخذه؟
ضحك سُهيل يهز راسه بالنفي : مِتعب مصرفة عندي بعد ماصلينا الفجر الله أعلم وش يسو..
عضت وَتر شفّتها بدهشة تقاطعه : صدق إنك ماتستحي ! ، بعدين الصبح بان أكيد أزعجهم بصوته وطلّعه
رفع سُهيل حاجبه بتعجب ، وجلس بعدها يقرّب قفص الببغاء له ، ونطق وعينه تتوعدها : أفتح عنه؟ نشوف لسانك يبقى على طوله ولا ينقص!
وقفت وَتر تضحك لثواني : ماتسويها مـ.
ماسمح لها تكمل جُملتها من فتح عنه تركض للأعلى وضحك سُهيل من فزّتها يقفل القفص من صعدت يختفي أثرها ، وأخذ نفس يوسّع ضيق قلبه : قوية راس
نزل نظره لجواله من رن ياخذه من جيبه ، ورد مباشرة بدون لايشوف من المُتصل : نعـم
تبدلت ملامحه لدهشة من سمع الصوت ، يفزّ واقف : حيّ هالصوت
عضت شفتّها بغضب : يالصعلوك أختار كلماتك زين لاتبتليني فيك
ضحك سُهيل يحك حاجبه : أبشري والله على خشمي
تنهدت سرور وأناملها تشكل دوائر على الطاولة قدامها من ربكتها : فكّرت بكلامك لي ، وموافقة
ارعدت غيمته ثم ابرقت تنزل غيثها عليه يُذهل تمامًا من جوابها : تقولينه صادقة ؟ أجيب جماعتي ونخطب؟
شدّت سُرور على قبضتها وتكره نفسها وهالشعور اللي حُطت فيه : إيه
وصله صوتها هامس ويلعب فيه الخجل يفهم هالنبرة منها ، وضحك من خجلها يهز راسه : أجل من بكرة وحنّا عندكم
قفلت الاتصال مباشرة وضحك هو بعدم تصديق يناظر رقمها للحظات بدهشة ، وصعد بعدها للأعلى ينادي ليلى : يمه يمه
سكرت ليلى باب غُرفتها على صوته تلف بنظرها له : لبيه ! لبيه سُهيل علامك يمه؟
وقف ياخذ نفس ، وابتسمت ليلى تمسك ذراعه : اخطبيها لي
ضحكت ليلى بذهول تناظره : عزّمت خلاص ؟
هز سُهيل راسه فورًا ، يقبل راسها : وافقت البنت
ابتسمت ليلى تربت على كتفه تستوعب بإنه قالّها "يمه" : أبشر بالسعد نتجهز ونروح نخطبها لك ، لكن من هي بنت له؟
سكنت ملامحه للحظة يناظرها لثواني : بنت سليمان الفرّاج بنت جيراننا
ابتسمت ليلى لثواني تحاول تتذكرها : اللي عايشة مع خالها؟
هز سُهيل راسه بالإيجاب وابتسمت ليلى : أبرك الساعات والله ! يمدي نخطب قبل يمشي متعب؟
ضرب سُهيل جبينه يتذكر مِتعب : متى رحلته؟
ناظرت ليلى ساعتها : العصر عقب أربع ساعات
زفر سُهيل يمسح ملامحه :عطيتها وعد بكرة
فز سُهيل يعدل وقوفه من سمع صوت مِتعب من الخلف : نأجلها الرحلة ماهنا خلاف
ابتسم سهيل بذهول يناظره لثواني ، وضحكت ليلى من توجه سُهيل لمتعب يقبل جبينه ، وخرج بهاللحظة عبدالعزيز من مكتبة يتنهد مِتعب من مظهره اللي يدل بإنه كان نايم بالمكتب : وش عندكم موقفين هنا؟
ابتسم سُهيل بيتكلم لكن جواب ليلى قاطعه : بنخطب لسُهيل جهز عمرك
رفع سُهيل حاجبه بتعجب يناظر مِتعب ورجع نظره لعبدالعزيز اللي ظل ساكت ، وكملت ليلى : بنت سليمان الفرّاج
أشر عبدالعزيز على مِتعب بعيونه : ورحلته؟
جاوبه مِتعب بهدوء : نأجلها
لف سُهيل بنظره لمِتعب : لايكون تزعل علينا المدام؟
ضحك مِتعب يهز راسه بالنفي : تراضيها
ابتسم سُهيل يخمن رقم : كم؟ خمس ولا ست؟
ربت مِتعب على كتفه : ميه
شهق سُهيل بذهول ، وضحكت ليلى من نطق سُهيل : مهر ذا!
توجه مِتعب لأمه يقبّل راسها ، وتوجه بعدها لأبوه يقبل راسه بالمثل يستودعهم الله على سؤال ليلى : بتروح مكان؟
هز مِتعب راسه ينزل للأسفل :به كم شغله ودي أخلصها بحفظ الرحمن ، سُهيل الببغاء إنتبه له
لفت ليلى بنظرها لعبدالعزيز اللي رجع يدخل المكتب ، وتمتم سُهيل من سمع صوت الباب الخارجي يتأكد من خروج مِتعب : صرت مُربي حيوانات على حسابه هو وزوجته
ابتسمت ليلى : جيبه لي ماعندي شغل أنا
-
يُضرب قلبها من كل جهة من تتذكر أول منظر فتحت عيونها عليه ، من كانت هي تتوسط سريره القُطني ويلمّها لصدره تغفى عينها قبل عينه وتضيّع ساير الوقت بتأمله لها لنحرها اللي يبرز كامل له ، ولشعرها ولونه الغامق ، لسواد رموشها وكثافتهم يضيع وقته هنا بين تفاصيلها وأكثرهم تأثيرًا داعج عيونها ، توعى من كل تخبطاتها على سؤاله لها : بتودعيّنها؟
رفعت عزوف حاجبها باستغراب : مين؟
نزل خالد كوب قهوته يجلس على ذات كنبة الأمس : غُروب
ناظرته بعدم إستيعاب : أودعها؟ ليش وين بتروح؟
خالد : بتسافر اليوم ، كان ودّك تجهزي
أخذت جوالها تفتحه ورفعت نظرها له من كان من غُروب رسالة : أرسلت لي رسالة بس ماشفتها
ابتسم خالد لثواني يشرب من كوبه : متى وقتها؟
شتتت نظرها عنه تتصل على غُروب لأن ماودها تجاوبه بالوقت ، وضحك هو بعدم تصديق يتأكد من إنه نفس وقتهم بالأمس ، تمر الثواني وعينه تتبعها مايركز بتفاصيل المحادثة كثر تركيزه على تفاصيلها ، يضحك مع ضحكتها ويسكن ثغره معها ، يبتسم إذا ابتسمت ويميّل شفايفه بعدم إعجاب من تلقيه ظهرها تختفي ملامحها عن عينه ، وترجّع له الحياة وزهوها من لفت له تبتسم بعد ما إنتهى الاتصال : أجلوها تقول
عقد خالد حواجبه باستغراب : ليه!
رفعت كتفها بعدم معرفة تنزل جوالها على الطاولة وجلست على الكنبة اللي تقابله : عندهم مشروع خطبة لأخو متعب الصغير بينهونه
ابتسم خالد : الله يبارك لهم

أنتِ بين النفس والهوىWhere stories live. Discover now