الجزء 10

10.9K 240 35
                                    

-

واللي بتوصلها لخارج القصر ، هي مستحيل تتسلق جدارهم مثل نزولها ومستحيل تكون بنفس سهولة النزول ، تنحنحت لثواني ترّجع نظرها له : أنا بنت السواق برجع لأبوي
عقد حواجبة بتعجبّ وضحك غصب لأنها تلعب عليه : ومن متى سواقنا سعودي ؟
عضت شفتها بتوتر ، تشدّ حبل الكاميرة وتشدّ بمسكتها للشنطة بنفس الوقت ، وأخذت نفسّ : طيب أكذب ودخلت بيتكم من ذاك الجدار !
أشرت على الجدار ولف هو بنظرة للمكان اللي أشرت عليه ، وركضت بنفس لحظة ألتفاتته لأنه كان يناظر بجهة مُعاكسة للبوابة الكبيرة المفتوحة ، ركضت تخرج منها وضحك سُهيل من سمع صوت خطواتها ضحك يتمتم بهمس : غبية
رجع يضحك من جديد يتأمل الحديقة : بس جريئة . عندنا كاميرات ياحُلوتي جودتها أعلى من اللي على رقبتك
ماكان يعرف سبب ضحكته اللي ماتخفّ أساسًا وتوجة لغُرفة الكاميرات بعد ثواني تأمل للمكان ، فتح الكاميرات اللي كانت تطل على الجدار اللي هي أشرت عليه ولكنها مادخلت من عندة ، وماكان لها وجود وشغل التسجيل الثاني واللي كان للجهة المقابلة وأبتسم من كانت هي ، تسلقت النخلة اللي كانت على الرصيف اللي كان خارج بيتهم وقريّب منه ، وكذا وصلت لجدارهم اللي كان عاليّ جدًا : جريئة وغبية مايهمها أحد واضح
كان يتأمل همسها لنفسها وكيف هي ماخذة راحتها بالحديث مع نفسها كأن المكان لها وكأن مكان جلوسها طبيعي ومايشكك أبدًا ، تأمل نزولها وكيف نزلت على أطرافها الأربع وكان كل ثانية يتعجبّ فيها أكثر ماكانت حركتها عادية أبدًا ، كانت تعطيه شعور أن المكان لها وأنه هو الدخيل من كثر ما أخذت راحتها : جايبك والله جايبك
شغّل التسجيل الثاني واللي كان حوالين البوابة الكبيرة وعقد حاجبة بذهول من تسلقت بنفس الطريقة قصر أخر : يعني هذا بيتك ولا حبيتي تتسلقين ؟ باتمان على غفلة !
ضحك بذهول لأنها ماتغلط غلط واحد بخطواتها كأنها مدروسة أو متعودة على مثل هالأماكن ، ظل يتأمل التسجيل لنصف ساعة وماخرجت من القصر ، وأبتسم يطقطق أصابعه ويوقف : لقيتك ياحُلوتي
-
-
~ قصر أخر
رمت الشال عن ملامحها تاخذ نفس ، وأرتمت بعدها على الكنبة الطويلة اللي تتوسط غرفتها : من وين طلع ودمّر كل شيء !كنت بأقصى مراحل متعتي يالله !
أعتدلت لوهلة تسترجع الحدث من أولة وأول ماحُطت عينها عليه وأبتسمت لثواني : بس كان وسيّم يجي منه ، دقنه خفيف ستايلي ! والله ستايلي
ضحكت لثواني تبعثر شعرها : طولة وأبتسامته الخفيفة عالم أخر ، هذا غير ملامحه ورموشة ياااربي ! وش هالرضى ليش مادريت عنك وينك عني ياحبيبي !
ضحكت بغباء تستوعب وين وصلّت : سروري هدّي ياحبيبي أول مرة تشوفينه وصار حبيبك ! هدي اللعب
وقفت تجر خطواتها بغُرفتها ولا تحدد وجهة لأنها تغرّق بتفكيرها : لو رجعت أتسلل من جديد مُمكن يطلع لي أبوة ! وأكلها وقتها ! كيف بجيب راسك طيب ؟
-
-
~ القصر الخالي غُرفة وَتر ، قبل بوقت
كان جالس على الأرض وهي جنبه ، وباقية وسط حضنه ، رغم أن خوفها خفّ وأنها بأعلى مراحل أمانها إلا أنها مابعدت عنه : وَتر ؟
رفعت نظرها له ، تعتدل بجلوسها ، وأبتسمت من نظرته : ياقلب وَتر !
ماقدر يخفي أبتسامته ، وماقدرت هي ماتبتسم لأن ملامحه والله تجنّنها ، كيف أنه كان يبتسم ويحاول مايبينها وكيف أن كل خلاياه ساكنه إلا ثغرة : لازم نشوف حل لخوفك ، مابتعيشين طول عمرك تخافين من الحيوانات كلّها صغير وكبير !
هزت راسها بالنفي ترجّع شعرها خلف أذنها : ما أقدر ! حاولت عشانك ! حاولت عشان مُلتقى وعشان تكون قريبة منك وماتحتاج تروح مسافات طويـلة وتلتقي فيها !
أبتسم غصب من صار طاري " مُلتقى " ناقته يلي ماحد يعرف سبب أسمها غيرة وغير الناقة ، يلي كان مايفكّ يذكرها بسبب أسمها طول حياتها : كنت أحاول أشوف وثائقي حيوانات وماقدرت أكمل أول ثواني ! حاولت بأبسط طريقة حتى أني رحت لمحل ألعاب وشريت حيوانات لكن باقي الخوف موجود ماتركني ملازمني !
أبتسم لثواني لأنها تبرر ولأنها تشكي بنفس الوقت ، وماتحط بينهم مسافات ، لأنه يسألها عن شيء وتعطيه أطول جواب يتخيله لأن ماودّها الحديث ينتهي معه : بتتغلبين عليه ياوَتر وأول حيوان تبغينه بجيبه لك هدية لو هو مُنقرض
ضحكت لثواني : حتى لو ديناصور ؟
ضحك يهز راسه بالإيجاب : أجيبلك المستحيل بس لاتخافين من دنياك وخافي من ربّك بس
سكن ثغرها لثواني ، تتذكر أول ذنوبها - رماح - يلي كانت تسهر لليالي طويـلة على صوته ، رغم يقيّنها ويقيّنه بالحرام إلا أن نفسها ميّاله له ولقُربه وهو كان مثلها لحد ما أنقلب كل شيء بيوم وليلة ما كأن بينهم ليالي طويـلة : مابيك تخافين من أحد وربك موجود
نزلت نظرها للأسفل لثواني ، ماتخاف تحكي له عن حُبها لأنها تدري أنه ضلعها وأنه مستحيل يكسر أحد أضلاعها بسبب شيء ماهو بيدها ، هي تخاف يشيل همها فوق همه ، سكنت ملامحها بذهول سكنت لأنه بعد صوت داخلها هو نطق كأنه كان يسمعها : أنا لو أشيل همك فوق همي ماتثاقلته ! أنتِ أختي ووحدة من عيوني وأن فقدك مالعيني فايدة من بعدها
رفعت نظرها له تبتسم لأن قلبها ما يستوعب الكثرة يلي تصير يبتسم بجنون لأن كل يوم تمر أيامها قريبة منه ماتعرف متى بدأ أول تغيير لكنها مُمتنة لكل الأسباب يلي كانت أولها دخول خالد عليها
لأول مرة تجرب حضنه ، ممتنة لدخوله رغم رعبها اللحظي من وجودة : الله يديمك لنا عز وذخر ! الله يديمك
-
-
~ بمكان أخر ، عند راشد
كان يشدّ قبضته بغضب ، ماوصل لها ورجع وملامحة معدومة من كل جهة كان فيه خدش ، تمتم راشد بغضب : مالقيت البنت ولا جبتها ياخالد ! ماجبتها لي !
تنهد خالد لثواني يشدّ بقبضته على يدّة ، ماودّة يلقاها أحد غيرة ماودّة توصل لأبوة قبل لاتوصلة وهو يعرف نوايا أبوة : بجيبها يايبة عطني وقت زيادة
هز راسة بالنفي يضرب بعصاة الأرض ينهي حديث خالد : لاتجيبها ولاشيء! لقيتها وبتوديني لها العصر
رفع حاجبه بذهول يتمتم بأستغراب : وين لقيتها ! من دلّك عليها !
رفع نظرة الغاضب له : مالك حاجة بهالعلوم جهزّ نفسك العصر ماشين لها
تمتم بكلامة وضغط زر كرسية المتحرك يمشي لخارج المجلس وظلّت أنظار خالد مُعلقه على مكان وقوفه يخاف عليها يخاف يصير اللي أبوة ناوية وهي تستاهل أحسن من بدر : يارب
ثقل لسانه لوهلة مايعرف وش يدعي فيه ، ورفع كفوفه ينزل شماغة على الكنبة وجلس بعدها جلس بثقل الكون : يارب ياخذها غيرك يابدر يارب ياخذها غيرك
-
-
~ المركز الصحي
كان المكتب يضج بضحكته يضحك بجنون ماكأن فيه بهالكون غيره وغيرها كان مبسوط بشكل مايتصوّرة على سوالفها وحماسها وكيف هي ماتوقف سوالف وخصوصًا عن أيهم يلي مستحيل ماتشتمه أو تشبهه بأي حيوان يطري على بالها : أشتقتي له صح ؟
هزت راسها بالنفي تصرخ : لا ! ماحبه ياعمو ما أحبه ! يشبه السنجاب
ضحك رماح بذهول ينزل نظرة للأسفل يحاول ياخذ نفسّ : حرام ! حرام ياعمو تشبهين خلق الله بالحيوانات !
رفعت حاجبها بذهول : صدق حرام ؟ ماكنت أعرف خلاص أنا آسفه يارب
ضحك بذهول لأنها رفعت نظرها للسقف تعتذر لربي : قولي أستغفرالله يغفر لك ربي
هزت راسها بالإيجاب : طيب ! أستغفرالله ياربي عمو ليش أسمك رماح ؟ يعني وش ؟
ماوقف تدريبه لها على الألعاب يدربّها عشان تستقيم خطواتها وترجع تمشي طبيعي نفس أول ، وماكان يوّقف إلا لما يضحك على سوالفها وهي أساسًا تتكلم وتشيّل همه تجبره يبتسم : أسمي ماله معنى قَولي تعرفين الرمح ؟
هزت راسها بالنفي تستغرب ، وأبتسم هو يطلع جواله من جيبة يوريها صورته : هذا الرمح أسمي مأخوذ منه
رفعت حاجبها بتعجبّ تاخذ الجوال من يدّه : واو ! مرة يجنن أسمك حلو !
أبتسم هو وكملت هي بتساؤل : طيب وش أسم زوجتك ؟
أبتسم رماح : ماتزوجت للحين
رفعت حاجبها بذهول تلف بنظرها له وتمتمت بأستغراب : بس أنا شفتك تفكر نفس بابا لما يفكر بماما يعني أنت متزوج !
ضحك غصب لأن هي عندها كل شيء بالأجبار وكل شيء تفسرة على أمها وأبوها : ماتزوجت لكن أحب وحدة
شهقت هِبة بذهول تغطي ملامحها وأبتسم هو لأنها خجلت ، وهمس قريب من مسامعها : بس هذا سر لاتقولين لأحد !
هزت راسها بالإيجاب وقرّبت منه تهمس : عادي طيب بس أقول لبابا؟ بابا ترى مايقول لأحد وعد؟
هز راسه بالنفي يبتسم : ولا أحد سر بين هبة ورماح بس !.. خلصنا جلستنا اليـ
ماسمحت له يكمل كلامه من توجهت للخارج وكفّها باقي يغطي شفايفها ، أبتسم رماح لوهله ينزّل نظرة للأسفل أثر عجزه بعدها ، ووقف يتبعها للخارج ، وقفت خطوته عند الباب يتأملهم من مكانه كيف كان سعود منحني عندها وقلبه يبتسم قبل ثغرة لأنه أبوها قبل لايكون مُحب لها : ليش تسكرين فمك يابابا ؟
بعدت كفّها عن شفايفها وتمتمت بهمس : ماقدر أقولك يابابا ! سر بيني أنا ورماح ! مايصلح مايصلح !
أبتسم سعود لثواني ، ورفع نظره للباب من لمح رماح واقف وأعتدل يتوجه له يصافحه : الله يجزاك خير ويسعدك يارماح ماعمري أخذت هبة من مركز وهي مبسوطة زيها عندك ، ماكانت تحبه لكن الحين هي اللي تعد الدقايق عشان تلقاك
أبتسم رماح لثواني ، يشدّ بمصافحته له يثبّت يسارة على صدرة بأمتنان : ماسوينا ألا الواجب يا أبو مُهاب ، وهبة ماشاءالله عليها فصيحة لسان تنحب
كان قاصدها هي تنحب ، قبل لايكون السبب أعاقته كان فُصحها وأنتقائها لكلماتها جذّاب ، وكيف هي توسّع مدى تفكيرها أكثر من اللي بعمرها ، كيف أنها تبدأ كل حديثها بسؤال ومع كل جواب تلقى سؤال أخر ، ماكانت تترك فضولها على جنب وهذا أكبر سبب يحببه فيها
ضحك سعود من كل قلبّه يتمتم بسخرية : فصيحة لسان ولا أم لسان ؟
ضحك رماح يهز راسه بالنفي : حاشاها ألا فصيحة لسان الله يحفظها لكم
أبتسمت هِبة تتأملهم : كانكم أخوان !
توسّع مبسم رماح غصب يلف بنظرة لها يتنهّد من أعماق قلبه ، يتنهد تمني ببنت مثلها ، تمنيّ بروح تاخذ أسمه على الأقل ، كان يتأملها وغارق تمنيّ لدرجة ماحسّ على صوت سعود ، ماسمع حكيه ورجّع نظرة له : المعذرة ، وش قلت ؟
أبتسم سعود يكرر جُملته : متزوج أنت ؟
هز راسه بالنفي يتحسس عنقه : ماحصل نصيب
-
-
~ المغرب ، بيت مُهرة
كانت جالسة على كرسي جدتها ، يلي صمد معها وشاركها كُل خطوات ومراحل نجاح كتابها وقصتها يلي ترويها بداخله ، كانت تجلس بفراغ يدّها تلعب بشعرها وما لفكرها نهاية ولا له بداية ، مواضيعها كثيرة وأكثر مايشغلها - وَتر ، وقلب وَتر - تعرف صعوبه اللي عاشته وتفهم شعورها ، ومايفهم الشعور ألا مجربة ، رفعت كفّها تمسح رحيق عينها ، تأخذ نفس يداهم مشاعرها يلي تحسّها يداهم صعوبة الذكريات على قلبها ، وغصب عنها ترجف يدّها ، ترجف ذكريات قبل رجوع أمها ، ضُعفها من سوء مشاعرها وسوء تغذيتها وخوفها لوحدها ، مهما كانت قوية وبينت داخلها يرجف بدون أمها ، شدّت اللحاف الصغير على جسمها تتدفى فيه من حست بالبرد ، كان يعانق أجزائها بجامة حرير رغم برودة الجو ألا أنه يناسبها البرد أكثر من غيره وتحبّه ، وقفت تلبس الشبشب من سمعت صوت الجرس تتوقعها عزوف ، توجهت للباب تمسح ملامحها وتعدّل بعثرتها ، تعدّل وقوفها وشعرها بنفس الوقت ، فتحت الباب وثغرها مُبتسم وبلحظة وحدة بدت تختفي أبتسامتها تدريجيًا ، ماكانت فيه رجل توطى عتبة الباب بهالوقت ألا أشخاص قِله وهي تعرفهم ، ماكان ضيف متوقع لقلبها ولا لعينها ، تتبدل ملامحها ويسكن ثغرها تسكن ملامحها وكلّها : الأبتسامة ماكانت أستقبال لجدك ياغروب ؟
ماكانت تسمع كلامة ، كانت تسمع صوته فقط ومُشوش ، تعاظُم شعورها كان طاغي أكثر من صوته ، تراجعت خطواتها للخلف ترمش عيونها ذهول وعجبّ : جـ ، جـدي !
هز راسه بالإيجاب يبتسم : جدّك يابنتي جدّك
كانت يدّها ترجف ، أول مشهد داهم عينها بهاللحظة كان "جثة أبوها " أول لون تشوفه "الأحمر" وأبتسمت تتخالط أبتسامتها مع دموع عينها ، دموعها اللي نزفت تلوّن خدها تطبع خط طويـل عليه ، خط يوصل لعنقها ، ونزف قلبها لون أحمر ماتشوفه تحسّه ...
-
-
~ سيارة متعب
ماقدر ياخذ راحته اللي كانت سبب بأنه ترك شُغلة قبل ينهيه ، ماقدر لأن الخيوط على وشك تتقطع وهو ماودّه يخرب شيء قبل يوصل للطفلة ، نزّل من سيارته للمركز يتوجة لمكتبة ، ويردّ السلام بيدّة لكل من سلّم ويكتفي لأنه يحس بغليان دماغه يحس بأحتراق أعصابه وكلّه بسبب قل نومة ، فتح مكتبة وتنهد  من كان "زيد" موجود ينتظرة مثل ماوصى أشر لزيد بالجلوس وجلس هو بمكانه يتمتم بتساؤل : عرفت موقعها ؟
هز زيد راسه بالنفي : نحاول بكل طريقة باقي ، أخر مكان كانت فيه شقتها ماعاد رجعت ولا شافوها تطلع سألت عنها وماطلعت من المدينة بنلقاها بإذن الله
هز راسه بالإيجاب وأصابعه تتشابك وهو يشدّها من توتره ، وتمتم زيد بهدوء : تسمح لي اسألك ؟
كانت كفوفه المتشابكة قريّب من ملامحه وماكان زيد يشوف من ملامحه ألا عيونه وكفوفه ، هز متعب راسه بالإيجاب ، وتمتم زيد بعدها : ليش دكتورة التوليد بالذات ؟ ماكنت مهتم بها قبل
رجّع ظهرة للخلف يتكي راسه على ظهر الكرسي وأنظارة للسقف: أُم متعب جاوبته وأخذ جوابها على محمل الجد وصار مهتم بالدكتورة
أبتسم زيد بأستغراب ، جوابه غير مسبوق لكنه يعجبه ، مليان ومُلم وبنفس الوقت مُختصر : عن أذنك
هز راسه بالإيجاب وخرج زيد يسكر الباب بكل هدوء خلفه ، وتنهد متعب ياخذ ياخذ الريموت من على الطاولة عندة يقفل الشبابيك والأنوار بنفس الوقت رجع بالكرسي للخلف يمدّ رجوله على طاولته ، يسند راسه على كفوفه ، ومامرت ثانية ألا وعيونه تشوف السواد ، من غط بنوم أعمق من لياليه كلّها ، أعمق من تعبه وأحداث أخر أيامه ..
-
-
مرّت ساعتين وزادت ساعة وهو بمكانه وعلى نفس حالة ماتغيّر ، كان يحلم وثغرة يبتسم بجنون ، كانت غروب ..
واقفة على نهاية الطريق وخلفها كان "الغروب"  يعانق جسدها فُستان أبيض أطرافه تطير بعلو أكثر من أجنحة الطير نفسه ، الهوى يداعب شعرها وثغرها يبتسم للهوى ، واقفة بثبات مثل ثباتها بكل مره تقابله لفت بنظرها له ، وتقدّم هو بخطواته لها تتلون ملامحها خجل من تقدّم هو تصد بنظرها عنه للغروب يستغربها هو وتعجبه بجنون خجلها اللي يلون ملامحها لمجرد فكرة قُربه منها يعجبه ، مشى لها برحابة ولأول مره يحسّ خطوته تسبقه لشيء هالقد ، وكلمة "شيء " ماتناسبها لكنها روحه ، وقفّ خلفها وقريب لقلبها ، وقف يحسّ شعرها يداعب ملامحه ويشكر الهوى اللي كان سبب أولي لكل هذا ، يشكر لون المكان ولون الغروب اللي يذكرة بأسمها ، يذكرة بأن كل شعور بيغرب بقربها ، لفت بنظرها له وأبتسم قلبه لأنها تحاول تخفي أبتسامتها بقربه : صار وقت نضحي بملتقى ؟ ألتقينا خلاص مالوجودها داعي
سكن ثغرة لثواني : من قالك ؟ عن أسمها ؟
أبتسمت غروب : كل شيء لك يكلمني عن حبك لي مايسكتون إذا صار الطاري حبك
رفع حاجبه بذهول يأخذ نفس تعجبه والله : وتقولين لي ملتقى قالت لك عن سبب أسمها ؟
هزت راسها بالإيجاب : تحبها ؟
هز راسه بالنفي : أحب اللي لقيتها يوم مولد مُلتقى أحبها هي
رفعت كفّها تعدل شعرها وشتت ملامحها لثواني لأنه هو يعذّبها بنظراته : تصدين ؟
هزت راسها بالنفي تبعد شعرها يلي صار يضايق ملامحها ، ورفع هو يدّه يبعده لأنه يضايقه هو قبلها هي : ما أصد لكن لاتناظرني كذا ماصرت لك باقي أنا الحين داخلك هذا مو حقيقة
ينتهي كل تأمله للغروب بهاللحظة ينتهي من فُتحت عيونه غصب عنه وهو ماودّه ، ماقدر يتعوذ من إبليس ، ماقدر لأن الحلم هي : أي والله للحين داخلي ، وبتصيرين جنبي حقيقة
رفع نظرة بأستغراب للباب اللي فُتح بدون تنبيه ، فُتح يتداهم المكان ، وهذا أنسب وصف لطريقة دخول هالشخص اللي كان خلفه زيد يحاول يمنعه ، وأشر متعب لزيد : أتركها
تنهد زيد ينصاع لأوامرة وخرج من المكتب وقبل لايسكر الباب وراه هي لفت له تمنعه : أترك الباب على حالة
عقد حواجبه بأستغراب لكنه مانطق بالحرف يترك الباب ويتركهم ، وتقدمت هي تتنهد تجلس على الكنبة المُنفردة عنده بدون لا تنتظر منه كلمة وحدة : حياك الله يا أُم غروب وش قضية اليوم بتقدمين بلاغ على أحد ؟
رفعت حاجبها بأستغراب تلف بنظرها له ، تعرف قصدة لكن هي فعلًا وجودها لغاية لو تحققت مابتحتاج تقدم بلاغ على أي شخص : تزوج بنتي ، موافقة
ماسمع كلامها  أو ما أستوعب مايعرف لكن ملامحه ماتغيرت نفسها هي ساكنة ، مارد بعد كلامها أبدًا وظل على حالة تستغربه لثواني ماطالت من نطقت هي : رفضتك صح لكن أنا أعرف وش اللي يناسب بنتي أكثر من غيري ، وأنت ..
سكتت ماقدرت تكمل كلامها ، لأن صعب عليها تقولها صعب لأن بنظرها هو مايناسب بنتها ومستحيل يناسبها لكن خياراتها محدودة ووقتها ضيّق بشكل يجبرها : تناسبها
أبتسم بخفّه أبتسم وماتبان أبتسامة نصره ودّه ويموت من الودّ ولا يرفض وهو متأكد من سبب وجودها ويرضيه لأن كل اللي توقعه صار وهي بنفسها جت عندة وماتعب ، هو قالها قبل " مرتين والثالثة ثابته " وكانت فعلًا ثابته وما أختلف كلامه أبد مارجع يخطبها من جديد ، لكنه يتعنى لها وتوصله المهم توصله ولو كانت الطريقة تضرها : عند كلمتي أنا ، ومستعد الحين أخطبها من كبيركم لو يناسبك
رفعت حاجبها بأستغراب وذهول ، ماتوقعت يبقى على رأيه ماتوقعت لأن هي رفضته وباسوأ طريقة يعذّبها قلبها تخاف تندم لكن هي فعلًا ماكان قدامها أي خيار غير أنها توافق على خُطبته : يكون بعلمك زواجنا مابينتهي إذا طلبتي زواجنا مايصير على ورق وبس ، زوجتي تبقى زوجتي
ماكانت قادرة ترفض أساسًا ماكانت قادرة تناقشه بموضوعه لأنه من حقه ولا لها كلمة على هالموضوع بالذات..
-
-
~ قبل بوقت ، المجلس
كانت جالسة وهو قدّامها وجودها معه جسد فقط ، كانت تشدّ كفوفها من ربكتها بوجودة وزادت الربكة من تمتم هو بركود : وش أخبارك ياغروب ؟ هاين عليك تتركين جدك كل هالسنين لا سؤال ولا طاري ؟
ماكانت تحط عينها بعينه ، ماتحب الصدمات وماتحب وجودة بدون علمها ويحترق قلبها لأن هو من الأسباب بكل اللي صار لها ، هو اللي يجبرها ويجبر أمها على شيء هم مايبغونه ، يجبرها كأن هو المُتحكم ، هي فقدت أبوها لكن أمها موجودة وماله حق عليها بوجود أمها : الحمدلله عايشين ، وماتركت أرضي وديرتي بدون سبب وأنت تعرف زين ياجدّي
هز راسه بالإيجاب يبتسم : أنا أدور مصلحتك ومصلحتك باللي أنا أشوفه وأخترته
هزت راسها بالنفي بتجادله ماهو على حق ويعرف هالشيء لكنه يدور مصلحة الكل قبل مصلحتها هي حتى لو كان خياره غلط ، مالحقت تتكلم من دخلت غدير ، دخلت بكل سرعتها وملامحها تتشرب ذهول هي سمعت صوته وكل مُناها تكون أوهام لكنها حقيقة.. ووجودة بهاللحظة بمجلس أُمها حقيقة : عمـي!
رفع نظرة لها وثبت نظرة عليها غصب ماتغيرت هي نفسها غدير اللي يعرفها ، غدير زوجة ولدة وبنته : بنتـي
ماقدرت تجاوبه أبدًا تعزّه وتحترمه لكنها تبديّ بنتها على كل شيء ، كل شيء وبدون أستثناء : حياك الله حيـاك الله ببيتك ، روحي ياغروب سوي القهوة وجيبيها هنا
ماكان ودّها بوجود غروب حولها أبد ، ماودّها تسمع أو تظل موجودة هنا بوجودة وهي ماتظمن زلات لسانه ، ووقفت غروب بدون نقاش هي أصلًا كانت تحتاج تهرب ولأبعد مكان عنه ، جلست غدير تجبّر ثغرها يبتسم له : كيف حالك ياعمـي ، كيف كانت سنينك ؟
كان سؤالها عن السنين أهم من أحواله ، تخاف أنه يشيل بقلبه عليها ، وهي تحبه لكن ظروفها كانت أقوى من كل شيءّ وبنتها أولى من كل شيء : الحمدلله على كل حال ، السنين مشت بدونكم ياغدير مرّه ، ماودّنا بالمر يستمر جايكم وباخذكم معي
هزت راسها بالنفي تشدّ بقبضتها على يدها : لا ياعمي ماني تاركه بيت أمي اللي تربيت فيه وكبرت فيه مابتركه بعد مارجعت له بعد كل هالسنين
ماجاوبها وظل ساكت لثواني طويـلة ، وما أستمر هالصمت من رجع راشد يتكلم من جديد ، رجع ينثر الشوك على صدرها من تمتم كأن الموضوع عادي : غروب تقدم لها بدر من جديد
سهم صاب قلبها بهاللحظة ، سهم مُلتهب يحرق قلبها وزيادة ضاق نفسها لمجرد طاريه ، ينكتم قلبها أكثر وأكثر وتمتمت بصوت مُنهمك بالألم صوت مليان حسرة : بتزوجها لقاتل أبوها بدم بارد ؟ بتزوجها له ماكأنه قتل أبوها ! كيف تعلمني عن خطبته لبنتي أصلًا!
شدّ بقبضته على كرسية ماودّه يتذكر الماضي ماودّه : الولد تاب ياغدير
صرخت هي بغضب ماستوعبت مكانها من غضبها : تاب ولالا مايعني لي ! مايعني لي ، الناس مايدرون أنه هو اللي رمى رصاصتـه على عمه وقتلـه لكن أنا أدري ! أدري وما أزوجة بنتـي! ما تعيش بنفس المكان مع قاتـل أبوها لا تحت نفس السقف ولا تمرهم شمس وحدة لو على جثتي مايفكر فيها !
كانت ترمي كلامها دفعة وحدة ماتاخذ نفس ، ماعندها القُدرة أساسًا من ضيّق قلبها وشتتت نظرها من نزلت دموعها على دُفعات ماترحم قلبها ، من كانت تمسح وحدة وتعبي مكانها وحدة غيرها ..
-
-
كانت واقفة بزاوية المطبخ ، تسند نفسها على رُخامة تاخذ نفسّ من تراكم دموعها ، حنت له بشكل ماتتصوره يذكرها بأبوها ويتعب قلبها لأنها ماتقدر تطلبه حضنه ، رفعت نظرها للسقف تمنع نزول دموعها لأن أول شيء يطري على بالها بهاللحظة كلامه لها "بتتزوجين بدر ياغروب مافيه سند بيسندك من بعد الله إلا بدر ولد عمك" مستحيل ترضى فيه ، ومستحيل يكون بحياتها هي صارت تبغض أهله كلهم والسبب هو وماتنلام أساسًا ، هي تفهم شعور وَتر لأنها مجربته وكل مُناها قلب وَتر مايعاني مثل معاناتها
-
-
~ أحد الشوارع ، عند وَتر
ماتعرف كيف ساقتها خطواتها لمكانه ، لمكان معرضه لكنها متأكدة أن قلبها يبغى مُهدى له بعد رُعبها بوجود الكناري ، تحتاج مُسكن لنبض قلبها ، لكن المسكن اللي تحتاجة من نوع أخر نوع تحبه ، أخذت نفسّ من صار نظرها كلّه على البوابة الزجاجية الكبيرة قدّام معرضه ، البوابة اللي توّضح لها كل شيء بداخل المعرض ، جبّرت خطوتها للداخل جبرتها رغم ترددها لكنها مُندفعة بكل موضوع يخصّه مندفعة بشكل ماعاد مُستغرب عندها . أبتسمت تتأمل هدوء المكان تتأمل رف الأكواب اللي يمتد لأخر الصالة يتعبى بأنواع ماتنتهي من حُبها ، نزلت نظرها لعجلات الفخار المرتبة لأخر الصالة ، تتأمل القطع اللي تُركت بدون تلوين وبدون لاينتهي تشكيلها ، ووقفت خطواتها قبل لاتتعمق بالصالة أكثر ، وقفت من لمحت عُرض أكتافة من مكانها ، من كان يعجن بالعجينه بكل قوته ، كأنه يفرغ شيء بداخلها ، سندت راسها على الجدار تتأمله براحتها من بعيد حدّها نظر ، تتأمل ملامحه وتعقيدة حواجبه تتأمل عضلات يدّه وبروز عروقها اللي تبرز أكثر بكل مرة يلمس فيها العجين ، وأبتسم قلبها لأن منظرة يعجبها مثل كل مرة تتأمله كأنها الأولى ، لحد ماداهم مسامعها صوت أخر ، صوت ماتعرف من وين خرج ودمر كل تأملاتها : رماح مابتمشي الحين ؟
كان كل أستغرابها أنها تنادي بأسمه بدون لقب ، تتكلم معاه براحة هي ماوصلت لها ، ونطق رماح بدون لايرفع نظرة لها : لا وأنتِ؟
هزت راسها بالإيجاب تثبت جوالها داخل شنطتها ورجعت نظرها له : أيوة بمشي
وقف هو مباشرة يفتح عُقدة المريلة يمسح فيها الطين اللي يلطخ يده ونزلها على ظهر الكرسي بعدها ، يأخذ مفتاح سيارته من على الطاولة ولف بنظرة لها : وقفي جوري بوصلك لبيتك
أبتسمت جوري تهز راسها بالإيجاب : صح أن بيتي طريقة عكس بيتك لكن ماقدر أرفض عرض مُغري مثل هذا !
أبتسم هو يأشر لها تتقدّم قبله ، وماكملت ثاني خطواتها من لمحت وقوف الأنثى المُستغرب بنص الطريق ، من لمحت نظرتها لرماح بشكل خاص
-
-

" لي ترحيب ولا زعلانين مني ؟."

أنتِ بين النفس والهوىWhere stories live. Discover now