الجزء 35

6.2K 222 27
                                    

-

نزلت ميهاف للأسفل تبتسم من لمحت تجمعهم بالأسفل وابتسامات أُمها الواسعة واللي كانت تمرر أناملها على شاشة جوالها والواضح بأنها تتراسل مع أحد : رايقين اليوم ماشاء الله
عضت مناهل شفتها من لمحتها تعدل جلوسها والربكة تضرب داخل عروقها ، وهمست مناهل : أتوقع أنتِ مابيقرب صوبك الروقان بعد ماتسمعين بالأخبار
عقدت ميهاف حواجبها باستغراب وجلست على الكنبة بعدها تثبت الخدادية على فخوذها : وش قلتي ؟
ابتسمت مناهل تهز راسها بالنفي : أذكر ربي ما أذكره؟
نزلت الجوهرة جوالها تلف بنظرها لهم : تجهزي ياميهاف ، قلت لمناهل وماقلت لك
تمتمت ميهاف باستغراب : وش تقولين لي؟ لوش نتجهز وش المناسبة
الجوهرة : رايحين نخطب لسُهيل بكرة الله ييسر له أموره ويكتب اللي فيه الخير
رمشت ميهاف لوهلة تحاول تجمع إدراكها ، وهي للحظة حست بكونها دار فيها تتخبط بداخلها مليون مرة ولسانها يرتب سؤال بنبرة تخلّت عن الطبيعية : تخطبون لمين؟
تنحنحت مناهل تقرب لها ، تمسك يدّها ولفت بنظرها لأمها تبتسم تحاول تلملم شتاتها : لسُهيل قالت
ضحكت ميهاف بعدم تصديق توقف : بتخطبون له !
هزت الجوهرة راسها باستغراب ، تناظرها من أعلى لأسفل: إيه بنخطب له شفيك اختبصتي !
هزت مناهل راسها بالنفي توقف تمسك كتوفها وسحبتها للأعلى : مابها شيء مانامت كويس وحنا أمس مارجعنا إلا متأخر
صعدت مناهل بميهاف للأعلى ، تسمع عتاب أُمها وتحرّك ميهاف براحتها لحد ماوصلت لغُرفتها تقفل بابها وسحبت ميهاف نفسها منها : سمعتي ماما وش تقول !
تنهدت مناهل ترجع شعرها للخلف ، تشرح لها بكفوفها بعدها : إسمعيني ياميهاف سُهيل ماكـ..
وقفت حروفها بجوفها من لمحت دموع ميهاف يصدّع راسها من تمتمت ميهاف تلوم نفسها : بيجاكرني صح؟ لأني قلت له بتزوج سامر ولد عمي لأن أنت ماعندك أحد تناديه أمي زي سامر ؟ كنت طفلة ! كنت طفلة مناهل!
هزت مناهل راسها برفض وذهول : لا ! طبعًا لا ميهاف الزواج قسمة ونصيب ماهي حلوة بحقك تبكين على هالسبب !
جلست ميهاف على السرير تضم رجولها لصدرها ، وتنهدت مناهل بعجز تجلس جنبها وتربت على ظهرها وشعرها : حبيبي ميهاف الزواج قسمة ونصيب عمره سُهيل ماوعدك بشيء ولا لمح لك على شيء لا توهمين نفسك
رفعت ميهاف دمع عينها لها بدهشة : بتطبطبين علي كذا؟ أبد تراك ماسويتي شيء!
ابتسمت مناهل تعجز حروفها ، وعدلت شعرها : لا أقولك الحقيقة
زفرت ميهاف بغضب تمسح دموعها : أسكت له ؟ لا والله يعقب
ابتسمت مناهل لأن هذي هي حتى لو نزلت دموعها تفكر بإنتقام وحبل نجاة من كُل غرق : وش بتسوين يامهبولة !
مسحت ملامحها وعدلت بعثرتها تنطق : بيشوف وش بسوي فيه الكلب
-
كانت جالسة على كرسي مكتبة وعلى الطاولة عندها اللابتوب تنتهي من إجراءات تأجيل موعد رحلتهم وابتسمت من مال نظرها لأحد كُتبها اللي نقلتهم مو لأن المحتوى ودّها ترجع تقراه ، لا لأن بداخله ذكرياته لها وإحدى وروده وإحدى رسائله ، تفتح ظرف الرسالة ويهنئ خاطرها من تتأمل تفاصيل خطّه وكتاباته لها تقرأ كل سطر ويتسللها نفس الفَرح ونفس الشعور وغمرته ، وتفيض دموعها لأن هي تحبه ولأن هي قليلة تعبير وتقلّ حروفها فعلًا عند غزير الشعور اللي ينبثق منها له ، ينبثق مثل شُعاع الشمس ويسدل نوره على ملامحها ويبرز بالأكثر عند خدّها اللماع من ابتساماتها له ومن بهجة روحها اللي تتفسر على شكل خجلها الجامح ، توعى على زيادة خجلها وعلى ازدياد ضربات قلبها من سؤاله : غيّرتي الموعد؟
جاوبته بحركة راسها تشتت نظرها لكل جزء لأن ماودها يسأل عن سبب دمعها ولأنها مابتكذّب لو سأل ، زاد قُربه لها ياخذ خطوته لين عندها ، وابتسم من لمح وش اللي بيدها يتذكر حكيه اللي أنصب على كم حرف وبين كم سطر سطّرها لها على ورقة بيضاء ، تطيح عينه بعدها على الكتاب المفتوح وعلى الوردة اللي تتوسطّه يبتسم : تعيدين الذكريات ؟
هزت راسها تعدل شعرها بعد مامسحت أثار دموعها ورفعت نظرها له ولجلوسه على طرف الطاولة تضحك من كل قلبها وقت لمحت باقة الورد اللي بيمينه : ماجبت كل كُتبي وين بحتفظ بهذي ؟
وقفت تاخذها من يدّه تمرر أناملها على بتلات الورد ، وتقلّبت ملامحه من لمح طرف عينها ودمعها ، من لمح ملامحها المُمتلئة بدمعها : غُروب
رفعت نظرها له تقابل عينها عينه تفهم بأن السؤال جاي لها : مُمكن ماتسأل عن سببها؟
هز راسه برفض يمسك ذراعها : تعلّميني الحين !
أخذت نفس تنزل نظرها لأن وش بتقول ؟ 'بكيت لأني ما أعبر عن حبك؟' مابتقولها وهذا اللي توقّع ميثاقه : دموع فرح كانت
رفع مِتعب حاجبه بعدم إعجاب : حتى وإن كانت تحكي!
رفعت يدّها تتحسس عنقها : وين كنت أنت ؟
تنهد مِتعب من أنها تتهرب : تهربين من الجواب ؟ أوضحي لي غُروب
وقف من طال صمتها وتهرُبها بيمشي ، ووقفته هي من لمست صدره تردّه : من رسالتك
وقف للحظة مو لأن ودّه يستوعب ، والإستيعاب واصله ، وقف لأن وده يشوف هالمنظر وكيف هي تحكيها بخجل يتعاظم ويظهر على لون وجنتها ، فتحت عينها من تبدد صوته تستغرب الهدوء اللي تلبّسه ، وزاد نبضها من لمحت ابتسامته تغطي ملامحها بالورد وأخذت نفس تتراجع للخلف : وين كنت
ماكانت نبرتها سؤال ، كانت نبرة اللي ودّه يتهرب ويصدّقها لأن مافيه أوضح وأصدق من لسانها عنده : مرّيت الحلال من بعيد
لأن هو ما إنهى كلامه بشكل يوضّح لها بإنه منتهي هي رجعت تسأل : وبعدها؟
نطق مِتعب بخفوت : مريت أمك
هو سكت من ثواني لأن ماكان ودّه يشوف منها هالحال وهالملامح الغاضبة من تسمع هو لوين راح : وطلعت بنتيجة؟
هز متعب راسه برفض : النتيجة عندك طال عمرك ، وتنتظرك على أعصابها
يزود الضغط عليها ، ويزيد شعورها بعدم القدرة على السماح من تتذكر هي كانت بأي حال من دون أُمها بينما هي كانت تعيش حياتها على أكمل وجه دون تفكير فيها وبحالها وبالمسؤولية الكبيرة اللي تولتها بنفسها وبدون سند وظهر تستند عليه ، على مهرب وخوف من الظهور : ماني سُلطان على شعوري ، وإن رحت مابتحكم بلساني ولا بحسب حساب لمقامها عندي
لأن الموضوع أكبر من كونه كذب تبغضه يصعب شعورها ويغلّب زعلها على سماحها ، سحبها مِتعب له من مالت نبرتها للبُكاء ، يقبّل راسها وأعلى شعرها يحاوط كتفها بذراعه وتفهم هي من حركته بأنه معها وإن تمايل طريقها
-
وعت من نومها بشوشة لأن خُطتها تنفذت على مراحلها ولأن المرحلة الأخيرة بتوصلها من رسالة لإيميلها يمثل الرفض أو إتصال يمثل قبول ، فتحت جوالها تتأكد وزفرت من ماوضح شيء للآن ، ورجعت تتمدد وعيونها تترقبّ وضوح المرحلة الأخيرة..صباح اليوم ماكان عادي عندها 'كان البداية والمرحلة الأولى' من توجهت لنفس مكان أول لقاء بينها وبين عمّار اللي كان القريب البعيد واللي ماكانت بتعرف عن قُربه لولا الله ثم ميهاف سليطة اللسان ، من توجهت للمقهى تنتظره بأحدى الطاولات اللي تطل على الخارج وأنظارها تتوزع مرة على الملف الشفاف ومرة على الشارع ، ويمرّ وقتها طويل وبحرقة أعصاب خوف من إنه مابيحضر ، لكن السرور تسللها من لمحت وصوله تشوف سيارته وتعرفها ، ووقفت تسحب شنطتها تستعد لدخوله ، ومثلت الإنشغال بشنطتها وهي تاخذ خطواتها للباب ، اللي فُتح وتصتدم هي بتضاريس صدره ، تبتسم وتحاول تخفي ابتسامتها عنه ، تطيح منها الشنطة والملف على صوته : السموحة ماشفتك
هزت راسها تنزل للأسفل تجمع أغراضها اللي تبعثرت معاه : مسموح ومعذور برا شمس تحجب رؤيتك ، أنا اللي ماكنت مركزة آسفه
لأول مرة يكون منها حديث طويل له ، ياخذ الروج ومفتاح سيارتها وعلبة الخاتم الصغيرة يمدها لها على إمتنانها : شكرًا
وقفت تترك الملف وغايتها عنده ، وأخذه هو بدوره بيرجعه لها لكن عينه شافت المكتوب فيه 'سيرة الذاتية لمُحاسبة' يركز على كل تفاصيل الملف ويتذكر مُعاناته مع الحسابات طول الأسبوع لأن المُقدمين على الوظيفة ماعندهم المقومات المطلوبة وتولى الحسابات هو لأن مايثق بغيره : لوسمحتي
لوهلة كان الرُعب يتسلل قلبها من إنه ماركز ، لكن من رجع ينتشر صوته بالمكان اسفهلت تلف بنظرها له : هلا؟
تقدم عمّار لها ، ومد لها الملف : نسيتي هذا
نزلت نظرها للملف لثواني ورفعت نظرها له كأن ماودّها تاخذه ، وماطوّلت الثواني تاخذه على صوته اللي رجع يصدح بالمكان من جديد بالسؤال : لقيتي الوظيفة ؟
هزت راسها بنفي مباشر : أدور للآن
ابتسم عمّار لثواني يسحب منها الملف : لحسن حظي أو حظك أدور لي على موظف بمقوماتك
ناظرته بدهشة من إنه كان مُندفع أكثر منها : تمانعين لو أخذت الملف منك؟
هزت راسها برفض مباشرة : ما أمانع أحتاج الوظيفة
ابتسم عمّار ونظره ما أرتفع عن حدوده أو عن الملف : بنتواصل معك
ابتسمت تخرج من حدث الصباح اللي تسبب ببشاشتها للعصر ، ولفت بنظرها للباب من فُتح تدخل منه صِبا : بيادر أمي تقول يكفيك نوم ، تعالي تقهوي معنا
وقفت تبعد اللحاف عنها : جايه .
-
لأن اللي يقابله بالزعل أُمه هو تخلى عن كبريائه وأعتذر لها ، تلتمس زينب له العذر وتتقبل الاعتذار منه ، ينتهي الموضوع من أول أيامه بدون مشاكل وزيادة وبحبّة راس ، يوعى على خبر يكدر خاطره من جهة واللي هو "تأجيل سفرة مِتعب" لأن هو ودّه يقضي معها الوقت براحتها ولأن هو ودّه ياخذها للورشة ويعلّمها على صُنع الفخّار بنفسه لكنها دائمة الرفص وحجتها المُستديمة "مِتعب": الله يسامحك ياسُهيل إن كانك تسببت علي
ضحك لثواني ينزل نظره لجواله من وصلّه صوت الأشعار ، وتمايل ياخذه من على الطاولة وابتسم من كانت من وَتر رد منها على سؤاله عنها "بخير" يتصل هو لأن الشوق يلعب به من كل حدب وصوب : بخير بس ؟
ابتسمت وَتر تفتح السبيكر وتنزل الجوال جنبها : وش خاطرك فيه ؟ بخير ولا زلت أحبك ؟
ضحك رِماح يبعثر شعره : ماكانت على البال لكن وقعها ثقيل وهي مُفاجئة كذا
ضحكت وَتر ترتب إكسسواراتها ويسمع هو الصوت ويستغربه : وش تسوين ؟
تمتمت وَتر وهي تنقي اللي يناسب فُستانها لبكرة : أجهز لخطبة سُهيل ، بتجي صح ؟
هز راسه بإيوه يسند ظهره للخلف ويثبت رجوله فوق الطاولة -يجلس براحة- : أكيد بجي يمكن تضحك لي الدنيا وأشوفك
ضحكت وَتر لثواني : هي ضحكت لك من لما وافقت عليك
ضحك رماح يهز راسه بتأييد : أي بالله ماكذبتي ، ودّي أشوفك
هزت وَتر راسها بقبول : مايخالف بكرة تشوفني
هز رماح راسه بنفي لأنها تفهم وش قصده وتستغبي لأن ماودّها : أبي الحين
رفعت حاجبها بتعجب ، تنزل نظرها للجوال وتستخدم أخر أوراقها الرابحة من نطقت بعالي صوتها : هلا ماما..أبشري ثواني وجايه
نزّلت راسها للجوال تهمس له بثغرها الضاحك : سمعت ؟ ماما تناديني مايمدي تشوفني
قفلت الإتصال من سمعت ضحكته وتكذيبه لها ، وكملت اللي وقفه هو بإتصاله ، بينما خرج هو يتقهوى مع أهله.
-
ماكان فيه أحد بهالإستمتاع كثرها وتشوف الرحابة كيف هي تنبثق من صدرها بهالعُتي وبهالغُلو مع هالببغاء كأنه جاء مثل الضمادة لقلبها الجريح وهو كسير الجناحين ، تسمع كلماته وكيف هو يرد لها الجُمل كأنه ينسيّها كل همها ، يتركها تستوعب كيف هي الحياة بسيطة ومليانة قرارات ومنها قرار السعادة بعز الكدر بس من تتأمل رجفته لجل يتنفس لجل يعيش ولجل يسولف ويرد الأصوات ، يوريها كيف هو مُقيد ولا يرفرف بجناحينه وهو بوسط هالقفص لأنه تعود على هالعلو فقط ولا بعمره تحدى هالحديد ورفع جناحينه بشكل أعلى ، يرتفع نظرها بعدها للي خرجت بعبايتها من الباب وتبتسم من كان خلفها مِتعب بثوبه ونطقت من تقدمّوا لجلستها بحديقتها ومطلّها شتلاتها : نوّر داري
ابتسمت غُروب للحظة ترفع نظرها لمِتعب اللي قدّمها عنه عن طريق ذراعه اللي مدها لظهرها ونطقت غروب : دارك مشعشع قبل ندخله وتونا عرفنا السبب
ضحكت ليلى من كلامها -الغير متوقع- ومن قُبلة الجبين تجلس بعدها جنب ليلى ، ويسلّم بعدها مِتعب على مرأى غُروب : والهايت وينه فيه؟
ابتسمت ليلى من كان يقصد سُهيل ومن نطق بسؤاله بعد ماشاف الببغاء : عنده شغل وقلت هاته لي وونّسني بالحيل ماصرت ألومك به ياغُروب
ابتسمت غُروب تنزل نظرها للقفص : هو هذا هو غيّاب يعاكس اسمه ويرادف اسمي
ابتسمت ليلى بدهشة تلف بنظرها له : حاطه له هالاسم ؟
ضحكت غُروب تهز راسها : لونه يذكرني بغياب الشمس وحطيت له هالاسم
ابتسمت ليلى تتأمله : يناسبه على هالألوان
أرتفع نظرهم من أنتشر صوت وَتر العالي والبعيد : حتى هنا !
لف متعب بنظره لها يتأمل وقوفها بالخلف وبعيد عنهم بألف خطوة : أقربي ثم خافي
وَتر : أنا لأني خايفة مابقرب
ضحكت ليلى تناظرها بتعجب ، ورن جوال متعب يقاطع كل الحديث ووقف يبتعد عنهم على تأمُلها له ، وزَها ثغرها من عدّل ميلان عقاله ينتهي الإتصال عند هاللحظة ومايطول وقرّب هو من وَتر يحاوط كتفها وابتسمت هي من هالحركة تلف بنظرها له : أغلبي خوفك لايغلبك بنروح وبحطه بأمانتك لين تغلبين هالخوف
هزت راسها برفض تناظره بذهول : متعـب!
لف بنظره لها يأكد كلامه : وش له خوفك ؟ من الماضي ؟
ابتسمت ليلى تذكر عندهم عضّة الأرنب لأصبعها واللي من بعدها تشكّلت عندها حلقة هالخوف وكملت: المفروض نحاسب رماح هو اللي جاب الأرنب لك وجاب الجزر
خجلت كُل ملامحها تشتت نظرها عنهم لأن كل طفولتها كانت مع رماح تمرّهم ، وهز مِتعب راسه بالموافقة : أزهميه لي بحاسبه
هزت غُروب راسها برفض تبتسم : مايخلي الخوف يغلبها رماح ، بيساعدها تغلبه أكيد
لفت وَتر بنظرها لها ، وضحكت غُروب تحاول تخفي ضحكتها عن مرأى وتر : أشوف مكان العضّه
لفت وَتر بنظرها لمِتعب تعاتبه: مابقى إلا زوجتك تشمت فيني وشمتت
ضحكت غُروب بذهول تهز راسها بالنفي : بس بشوف وعد
مسك مِتعب يد وَتر يتأمل أصبعها لثواني : مابقى من الأثر إلا شيءٍ بسيط
مانتهى صوته ، رجع ينتشر لكن هالمرة هامس ولمسمع وَتر اللي ضوت ملامحها خجل مع كل جُملة همس بها : شكى علي رِماح ، يقول تردني واجد خوف منك ، مابحاسبك لاطلعتي معه وهو زوجك ، روحي ينتظرك برا
شتت نظرها عنه ويزيد خجلها من تشوف نظرات غُروب وابتساماتها لها وتفهم منها بإنها سمعت الحديث ، ولأن هي ودّها بالهرب .. هربت تأخذ نفس من دخلت للداخل ولسانها يعاتب رماح مع كُل حركة تتحرّكها
-
فتح الباب يستغرب خلوّ الغرفة منها وماطال استغرابه من سمع صوت الدش من الحمام ينزل شماغه وعقاله وبعثر شعره يجلس على طرف السرير ، ولف بنظره للجوال اللي رجع يضوي من جديد من لمسه بطرف أصبعه ، ولأنه هو لها ومفتوح قدام نظره مارد فضوله أبد ، ياخذه وكُل عصب بداخله يشتدّ لأخر مدى خوف من إنه بيحصل شيء يكسر شيء بداخله ، دخل للصور يبتسم بذهول من ضجة الصور ومقاطع الفيديو لها هي ، صورة لها هي وغُروب بحديقة الحيوانات وخلفهم زرافة ، صورتين ليدها وهي تلمس عنق الناقة ، ويفهم من ضجة الصور بإنها تحب الحيوانات بشتى أنواعها ، ويزيد أكيده من لمح صورة لها وهي بالإسطبل على ظهر الخيل ببنطلونها الضيق وبالخوذة اللي ماغطّت طول شعرها ، يشوف تاريخ الصورة اللي ماكان بعيد ، يفهم بأن التغيير جديد بشعرها بعد ماكان ينسدل على كُل ظهرها ويغطيه صار يوصل لنصف عنقها ، وبكل الحالتين هي تأسره ، منها نظرة للمصوّر تسحره ، تبعثره ، وتخبّط داخله يعيش صيف وشتاء ، حرقة ودفى بين صوّرها ، يشوف ربيعها وتوردها مع غُروب وأُمها ، ويشوف خريفها بصور لها بالمطل وخلفها أضواء المدينة وضوء غُروب الشمس ، تتوهّج ملامحه من لمح صورهم الكثيرة مع كل مشوار صغير كان أو كبير هم ياخذون منه ذكرى ، يعيش معهم أيامهم بكم صورة ، وينتهي الفِيلم المعروض من وقفّ صوت المويا يقفل الجوال ويتركه بمكانه ، يأخذ نفس ويخلل أصابعه بشعره
لأن الفصول الأربعة اللي عاشها بالصور أتعبته ، والفصل الزايد اللي هي شكّلته بروعتها مع كل صورة زاد تعبه فوق الطبيعي يشتّد وريده : جيت !
وعى على صوتها يخرج من دوامة ماكان يشوف لونها إلا من سمع صوتها يلف بنظره لها ، كيف إن المويا صار يقطّر من أطراف شعرها القصير لكتفها وينهمر لصدرها وباقي جسدها تضيّع عقله وثباته ، ولأن هالمنظر يفوق صبره نزل نظره للأرض ، ينحني بجسده وتوجهت هي للسرير تأخذ المنشفة الصغيرة تنشف بها شعرها وتمتمت عزوف : بطلع مع غُروب اليوم ، عازمتني
ماكان خالد يرد لها الصوت وتستغربه لأن هو كان كثير كلام معها وش الحاصل ؟ لفت بنظرها له تلمح إنحناء ظهره ، وتوجهت له توقف على بعد مسافة بسيطة منه : فيك شيء؟
رفع نظره لها ، تلمح تعقيدة حاجبه وكيف هو بصعوبة يفتح عيونه : تعبان !
هز خالد راسه بالنفي يمسح ملامحه يوقف : بوصلك أنا
لفت عزوف بنظرها له لثواني تشوف كيف هو يكابر على إرهاقه وتعبه لجلها : لا
لف بنظره لها تبلع هي ريقها من نظرته واللي لأول مرة تشوفها وتعجز تفسّرها : هي بتجي لي وبنطلع من هنا
ماجاوبها تستغربه هي ، وخرج هو للخارج لأن كل شيء يشتدّ عليه
-
ابتسم من خرجت له وَتر يعدل جلوسه ، ولف بنظره للباب من فتحته تركب بدون صوت ورفع حاجبه من سكرت الباب يسمع صوته ويفهم بإن الغضب يحرقها : الأخلاق تجاريه اليوم؟
لفت بنظرها له تناظره من فوق لتحت لثواني ، وتنهدت تبلع حروفها : أنت السبب
ضحك يفهم السبب بكل هذا ، وشغّل السيارة يحرّك : متعب السبب
تكتفت وتر تتجاهله ونطق هو : أربطي حزامك
تجاهلته وَتر ، وضحك هو يخفف من سرعته : إذا بتتجاهلين أنا اللي بسكره لك وما أضمن زلاتي
رفعت وتر حاجبها بذهول تلف بنظرها ، وربطت الحزام لأنها تعرف جنونه وإنه مابيهتم حتى لو كانوا بمجلس أبوه : وين بتوديني
ابتسم رماح يلف بنظره لها : بعلّمك على الفخّار
لفت بنظرها له بدهشة تهز راسها برفض : لو كان بورشة الجوري مابتعلم ومابنزل من هالسيارة ، بلّغتك باللي عندي رماح!
رفع رماح حاجبه بتعجب : المكان أنا اللي مستأجرة ياوتر
تنهدت وتر تعدل عبايتها : قلت اللي عندي
ضحك رماح لأن هي فعليًا معصبة ومثل القنبلة الموقوتة وبأي غلطة بتنفجر فيه : وش يرضيك؟ أحرق الورشة ولا
قاطعته هي بتنهيدة : أحرق ذاكرتي لأني مابنسى ذاك اليوم
تنهد رماح يسترجع ذاك اليوم ، هو ماوصلها إلا للباب وهذا قصده لكن من لمحها ولأنه يفهم سبب الجيه خرج بسيارته ولحاله ظنًا منه بإنه إذا تأخر بالخارج بتمشي لكن كل ظنونه خابت من رجع وهي للآن موجودة : وصلّتها لين باب الورشة وطلعت بسيارتي لحالي
نطقت بسخرية لأن توه يبرر : مايهمني
رفع حاجبه للحظة ، وفتح شباك السيارة لأن ودّه غليانه يهدى : وَتر!
لفت وتر بنظرها له : قلبك أعرفه وقلبها لا رماح!
ضحك بسخرية يلف بنظره لها :وظنّك إنها بتطل بوجهي؟ وتر لاتجننيني
رفعت حاجبها بذهول تلف بنظرها له :عصب علي وأرفع صوتك! هذا اللي كان ناقص وماقصرت كملته!
رجع رماح نظره للطريق يشد على الدركسون يفرّغ غضبه فيه ولا فيها : تدورين حرش أنتِ ، تثورين الماضي ليه!
وتر: لأنه ماهو ماضي بالنسبة لي!

أنتِ بين النفس والهوىWhere stories live. Discover now