الحزء 40

5.1K 152 27
                                    

-

كان كل مافيها ينتعش لأن هنا هي تنتمي وهذا الشعور هو اللي تحبه-شعور البراد عقب قيظ المشاعر-داخلها قلب رهيّف مايتحمل لسعة الحرارة ويعيش على لسعة البرودة، ولأن هي تعوّدت كل طلباتها تتلبّى لحد مافقدت اللي يلبّيها، عاشت شعور الفقد مرتين، وأكثرهم إيلامًا لقلبها فقد السخي والكريم والشجاع بحياتها : آخر شتاء مع بابا كان أفضل فصل يمر علي بحياتي، يمكن السبب لأنو كان الأخير معاه؟ من فقدته ماعاد صرت أفرق بين الفصول الأربعة كلها كنت أعيش فيها نفس المشاعر ونفس الحرقة
لفت بنظرها لشباك القطار تتأمل جبال الألب والثلوج المُرصعة بأعلاها وتبسمت : وأنا أحب الشتاء وبرده يطفي الحرقة اللي عشتها
يشتعل داخله لأنه يحس بتقصيره وعجزه، يعجز عن شيل ألمها عن قلبها، ويعجز لايعبي مكانه بقلبها : أبوك راح وترك لي أثمن مايملك
لف بنظره لها يلف وجهها له : راعيني غروب
رفعت نظرها له-تراعيه-بنظرها : العبي بي من كل حدب وصوب إلا هالصوب مايمديني أشيله عنك حتى وإن سعيت أعبي مكانته بقلبك وأنسيك إياه
ابتسمت غروب لأن هي تفهمه : هذا الحمل بالذات أحبه وأرضى بوجعه لكن لايمرك أنت آذى منه، لأني لو نسيته بعيش وجع ثاني ما أستوعبه ولا أحتمله
سكن ثغره يتأملها، وحتى الطبطبة بأبوها مايقوى عليها، ولأن هي تحس بجهده ترخرخ وجعها وتبّسمت تسند راسها على ظهر الكرسي تتأمل حاجبه، أنفه، شنبه، ودقنه الخفيف : طال الزمن ولا قصر بيظل بابا حبيبي ببالي بأسعد لحظاتي قبل أتعسها ، لكن أنت بتكون جنبي ويميني زي كذا مثلًا
ابتسم مِتعب لأن كل حديث يبتدي بمنحنى وينتهي بمنحنى آخر مايشابهه، ورفع نظره من وقف القطار يلف بنظره لها : توكلنا على الله
وقفت تأخذ شنطتها، تعلقها على كتفها ومشت خلفه ينزلون من القطار، ومن أول مارفعت راسها ضحكت من بياض الجبال والطريق المُمهد للمارين، ونزل هو يساعدها على النزول ورفعت نظرها للكوخ الصغير وابتسمت من كان الدُخان يتصاعد من المدخنة : من هنا نستأجر المعدات ؟
رفع متعب كتفه بعدم علم، وتمتمت هي : أشم ريحة البُن من مكاني هنا
ابتسم مِتعب يتوجه له، ووقف على عتبة الكوخ يطق الثلج اللي علق بالبوت حقه وابتسم من كانت تقلّده بطريقة لطيفة وهز راسه بعجز منها : الله يخلف عليك
ابتسمت غُروب لأن هذا ودّها -تضحكه- وتقدمت تسبقه للكوخ : هيا تعال معاي
دخل خلفها وابتسم من رحّب فيهم صاحب الكوخ وباشر مِتعب بسؤاله : من أين نستطيع إستئجار المعدات ؟
أشر صاحب الكوخ على نفسه ينطق بإنجليزية : هذا ليس مجرد كوخٍ عادي أستطيع بيعك ماتريده بنصف سعره، هل أنت عربي ؟
هز مِتعب راسه : سعودي
ابتسم صاحب الكوخ يحتفي به.. به ودخل بعدها خلف طاولة المُحاسبة يطلع له شنطة مُعدات التزلج الخاصة فيه وتوجه له يبتسم : هذه لك وللسيدة الصغيرة التي كانت معك داخلها جميع ما قد تحتاجانه!
كان نظره على'السيدة الصغيرة' لكن من نطقها هو لف بنظره له يأخذ المعدات من يدّه بعنف، ونطق متعب بينما هو يناظره وسط عينه : عساها للعمى
طلع مِتعب بعدها من جيبة الفلوس يتركها على الطاولة ورفع نظره لغُروب : سرينا
لفت غروب بنظرها له تبتسم : تعال شوف قرن الغزال المعلق وجلد الدُب لابق مع المكان
هز مِتعب راسه بالنفي يتوجه لها يسحبها معه للخارج ورفع صاحب المحل نظره لهم من عد الفلوس ونطق وصوته ينخفض تدريجيًا: لكن هذا أكثر من المطلوب..
نطقت غُروب من استصعبت مسايرته وهو يمشي بهالسرع لأعلى الجبل ومع الثلج اللي يصعّب خطاها أكثر : حبيبي هدي شوي!
وقف بلحظة من وَقع الكلمة ونبرتها عليه وأخذ نّفس بارد يلف بنظره لها، يترك شنطة المعدات بيديها ورفع يده يعدل لها الوشاح من إنزاح عن وجهها من سُرعة مشيه وضحكت غروب : بتنفس طيب عقب كل هالمشي!
هز مِتعب راسه برفض يتأمل إحمرار أنفها : لاتعاقبيني
رفعت غروب حاجبها بذهول : أعاقبك !
شد متعب الوشاح لناحيته يقرب وجهها له : تتحملين الشال ولا اللي تبيه نفسي
انكمشت غروب على نفسها تعدل الجاكيت عليها بربكة : الوشاح أفضل
نطقت بكلامها وصعدت للأعلى، لأعلى نُقطة للتزلج وابتسم هو يدخل كفوفه بجيب معطفه الرمادي وصعد معها للأعلى...ابتسم ينحني للشنطة، ينزل على ركبته وفتح الشنطة قدامه يطلع منها الأدوات ويعطيها لها، ولبستها غروب ترفع الهاينك لأعلى ثغرها بشوي وربطت شعرها تلبس الخوذة ولبست النظارات الواقية بعدها : خلصت
رفع نظره لها يبتسم من كانت تمشي بصعوبة بسبب الزلاجات، ولبس هو بالمثل أدوات السلامة يقفل شنطة صاحب الكوخ ووقف يأخذ مكانه، وأخذت هي مكانها تبتسم من كانوا الناس يتزلجون أو يتمشّون يمينها ويسارها : تعرفين لها ولا أعلمك ؟
ابتسمت غروب تعدل الكفوف، وثبتت العصاتين على الثلج بعدها : ما أخوض معارك ماني قدها
ابتسم مِتعب يلبس الكفوف : كفو
وقفته غروب تلف بنظرها له : اللي يوصل الأخير بيتعاقب
رفع حاجبه يبتسم بإعجاب : خطأ عمرك
ضحكت غروب تعدل وقوفها تتهيأ ، وتهيّأ هو بالمثل ينطق : لما أقول ثلاث . واحد اثنين ثلا.
ماكمل آخر حرف من تزلجت هي تسرع وناظرها هو بذهول : تبينها كذا ؟ طيب
نزل خلفها مباشرة يتبعها بعينه وين مامال طريقها، يشوف كيف هي تلعب وتتزلج بإحترافية، وتستمتع بالأكثر من العصيّ اللي تغرسهم بقاع الأرض وتدفع بهم جسمها للأسفل وتتمايل لكل جهة بإستمتاع، وهي هنا تعكس متعته

أنتِ بين النفس والهوىМесто, где живут истории. Откройте их для себя