الجزء 36

5.3K 159 46
                                    

-

وَقفت السيارة قدام القصر بعدما وصّلت عزوف ، وفكت حزامها تأخذ شنطتها معها ونزلت تتوجه للداخل وقفلت البوابة خلفها تسحب خطواتها للداخل تسمع الهدوء اللي تخافه بهالقصر تسمعه وينبض قلبها بلوثة من رفعت نظرها للأعلى تلمح وقوفه بعرض طريقها متكتف وتشوف منه نظره تفسّرها على ماتشتهي : مشتاق لي ؟ تستقبلني على الباب وكذا ؟
ماجاوبها تبتسم هي بربكة من إنه عرف باللي سوته وقربت له تهمس بتساؤل : فيك شيء ؟
وقفت قدامه بالضبط تجس النبض بتأمُلها له : مِتعـب !
حرر كفوفه يتقدم خطوة لها وينبض قلبه لأن نظرتها تتفحّصه بحيرة وتقتله وش ماكانت نظرتها له تقتله ، من رمشها اللي كان مثل حدّ السيف له ولقلبه لطريقة وقوفها المتملله بهاللحظة لأن ودّها تهرب من الإستجواب : أبطيتي
هزت راسها تتنفس وتنزل طرحتها على أكتافها وعدلت شعرها بربكة بتبرر له : لأنو عـ..
قاطعها هو من عقد حواجبه يبتسم من 'لأنو' من لسانها تسلبه وعيه من أسلوبها بالتبرير اللي يقتله بعزّ غضبه يقتله ، وبعزّ حاجته للجواب يقتله ، وتوقع النهاية هي توقعها من رجعت تنطق"لوسمحت" وحاولت تلاحقها بجملة "لاتعصب" لكنها النهاية فعلًا النهاية لغضبه منها ومن المخالفة اللي وصلته من سُرعتها الجنونية معاتبها ، ولايمها لأن هالسرعة تصدر من شخص بايع روحه لكن روحها ماهي لها لوحدها لهالسبب هي مُحاسبة على كل فعل يغامر بروحها : روحك لي دوسي علي قبل تغامرين بها
مازاحت نظرها عنه ولو للحظة تشوف منه تعابير وجُمل كثيرة مركونة بين نظراته ، وبين حروفه ونطقت بصدق وتُدرك بأن مافيه مفر من الجواب : كان الشارع فاضي وكنت أبغى أجرب
مسكت غروب ذراعه بعد جُملتها تشدّ عليها : وش تقولي دايم أنت؟ ماعلي خلاف ، ماعلي خلاف ! وأنا بقولها لك هالمرة ماعلي خلاف وأنت زوجي
نزل نظره لها وغضبه راح مهب الريح من أول ما لمحها لكنه ثبت ومُحال يبقى ثباته من لمسته بأسلوبها وطريقة حكيها الأخاذة وابتسمت هي تخجل حروفها من ظهر على ثغره طيف ابتسامة : تلعبين بالحكي واجد ، تورطين نفسك بشيء مانتي قده
رفعت حاجبها تبتسم لأن وش اللي هي مو قدّه ؟ : وش اللي أنا مو قده ؟
لف بنظره للقصر خلفه يأشر على شباك جناحهم الظاهر له ، ورفعت هي نظرها للمكان اللي أشر عليه تبلع ريقها من همس بابتسامة تفهمها : هناك بعطيك العلم كامل
-
صباحه كان خير فعلًا خير وهو يومه الموعود وأول مشاويره بطريقة معها ، يجهّز نفسه على أكمل وجه ماينتهي يومه إنما يبدأ ، يبدأ عند الساعة اللي أذن فيها المؤذن لصلاة المغرب يتوجه للمسجد هو وأبوه ومِتعب وصقر وماتنتهي صلاته دون لا يتضرع بدعائه لله بكل رغباته وأولها كان تيسير هالخطبة له ويسكنه يقين تام باستجابة دعواته لأنه مؤمن بحكم الله وبأنها لو تعسرت خلفها خيره ، سلّم من صلاته ولف بنظره لصقر اللي همس له : ول ول وش مسويه بك هالبنت
رفع سُهيل حاجبه باستغراب يلف بنظره لأبوه ومتعب ورجّع نظره له : وش تقصد ؟
ابتسم صقر يقّرب له : سمعتك وأنت تهمس بكلام بسجودك الله أعلم وش تدعي به
ضحك سُهيل يضرب فخذه : وأنت أدع تجيك بنت الحلال لاتعنس مثل عمك
وقف سُهيل من وقف أبوه ومتعب يخرجون ووقف خلفه صقر يحاوط كتفه : عمي توه شباب بأول الأربعين
بعّد سُهيل يد صقر عن عنقه ونطق بعتب : لاتخرب الكشخة ياخسيس
ضحك صقر : على أساس بتشوفها إنتبه وأنا أخوك لاتسوي شوفة شرعية أخاف تهون بنت الحلال
رفع سُهيل حاجبه يلف بنظره له وسحب شماغه يطيحه بالأرض مع عقاله ، وضحك صقر ياخذهم على نُطق سُهيل : لو أشرت بأصبعي بس صفّوا قدامي بنات الحارة كلهم يرتجون نظرة مني
ضحك صقر بسخرية يشمت فيه : الله يسامحك ياخالة ليلى أوهمتي ولدك إلا ما تقولي وش أكثر جملة تقولها لك خالتي ليلى؟ ألف بنت تتمناك؟
ضحك صقر يتراجع للخلف من نزّل سُهيل عقالة : ماعليه ياسُهيل هذولي هم الأمهات ماسمعت بالمثل اللي يقول القرد بعين أمه غزال؟ إيوه ذا المثل ينطبق عليك
رجّع سُهيل عقاله يعدل ترسيمته وتبع أبوه للداخل : أنا غلطان اللي جبتك معي بهاليوم الله يخلف عليك يامزنة جبتي حمار
رفع صقر حاجبه بذهول يركض له :ياورع لاتجيب اسم أمي على لسانك
لف سُهيل بنظره له يبتسم :ليه تزعل أمك مزنة؟
عض صقر شفّته بغضب :هذا والله اللي يبيني أرسم خطوط العقال على ظهره بتبليني بمصيبة متأكد أنا
-
هي صحت من نومها مفزوعة بأن الوقت تأخر وهي للآن بين أحضان السحاب تغفى عينها ، وتنعم بأحلامها اللي تبدلت بعد ماكانت كوابيس ، من رجعت تحس بالأمان وبالإستقرار جنبه ، ولأن هو يبعث لها هالشعور دون شروط ولا منّه هي تعيشها على راحتها وماتخاف القلّ ولا الشحّ فيها ، سكّرت سحّاب الفُستان على دخوله للجناح يوقف "مثل العادة"مبهور بأن كل مرة يفتح فيها باب هي وراه ينسلب عقله ، وعيه ، إدراكه ، وثباته ولأن اليوم مُهم بس لأن اليوم مهم هو مايخرّب طلّتها : مِتعب ممكن تساعدني هنا لوسمحت ؟
رفع حاجبه بعجز من "لوسمحت" اللي ماتملّها على كثر ماتنطقها ماتملّها ، وتوجه لها لأن وش له غير ينفذ آوامرها؟ : آمري
جلست على طرف السرير تسحبه لعندها وجلس تفتح هي يده قدامها وثبتت المناكير بيدّه : حطيت ليدي اليسار بس اليمين ماعرف خفت أحوسها
رفع نظره لها من رفعت أناملها بالهواء توريّه كيف إن اليسار تتلون واليمين خاليّة : تضمنيني ؟
ضحكت غروب تهز راسها بدون تردد : طبعًا مضمون بالنسبالي !
هز راسه بعجز يبتسم مذهول وفتح العلبة تمد هي يمينها له ورفرفت بأناملها قدّامه قبل يقرب فُرشاة المناكير لها تضحّكه بهالحركة تضحّكه بشكل منعه لايكمل وابتسمت هي تصوّره أمامها منزل نظره لأظافرها ويضحك ويمسك يمينها بيمناه وباليسرى المناكير وتبتسم هي بضياع من تشوف تجاعيد وجهه من رسمها واسعة على ثغره يضحك ، وتستغرب هي عشقها المجنون اللي صابها بغفلة منها وماتوعى على عمرها ولا يوعيّها إلا نظرته الآخيرة لها وسكوّن صوته إلا ثغره ماسكن يبتسم بكل قدرته تستوعب هي بأن الجوال مال وصار يصوّر نصف جسد مِتعب فقط ورفعت نظرها له تعاتب نفسها لأن هالمشهد المفروض يتوثق ويتبروز بمُتحف ذكرياتها معه يشهدون على كل هاللحظات أطفالهم خجلت كلّها تحمرّ ملامحها من خيالها ورجع مِتعب نظره ليدها يمرر الفرشاة على نعومة أظافرها ويلوّنها بالأحمر ومن إنتهى هو مسك معصمها يشوف الساعة اللي شدت إنتباهه من أول مارفرفت بأناملها أمامه : من مَن ذي أول مرة أشوفها
ابتسمت غُروب تنزل نظرها للساعة : من وحدة من المعازيم بليلة زواجنا سلّمت عليّ وهنتني وباركت لي مع بنتها الصغيرة كنت بسأل خالتي ليلى عنها لكن نسيت
ابتسم هو يتأملها من جديد وقبّلت هي خدّه تشكره بهالشكل : بنتها كانت لطيفة بشكل ! تسولف وتسأل عن كل شيء ولما سألتها عن اسمها قالت اسمي هِبة بابا سماني كذا لأني هِبة من الله لهم ماكانت ..
كان مُبتسم يتأملها طول ماهي تتكلم لكن صوتها الهادل وقف بلحظة يستغرب سكوتها هو : ليه وقفتي
نزلت نظرها ليدها تستوعب بأن هي تناست نفسها وصارت تسولف عن الأطفال قدامه تخاف يصير هذا موضوعهم تخاف لأن هي مو مستعدة ولأن هي تخاف ، ورفعت رمشها له تبتسم من رفع يدّه لثغرها يترك سبابته عليه : لاتسكت حروفك ولا يغيب حسّك إلا إذا
ماكمل جُملته لأن هو ميّل سبابته يبعده عن ثغرها يكمل مضمون كلامه لكن بفعل من قبّل ثغرها تفهم هي متى تسكت ومتى يغيب حسّها عنه ، تفهم بأن كل الأوقات مسموح لها تسولف إلا بين هاللحظات والدقايق تحترّ كلّها بشكل عجّزها عن الثبات ، ووقفت تتوجه للشباك بربكة فاضحة تظهر من لُغة جسدها يتأملها هو بصمت من كانت تعدل شعرها ألفين مرة قبل تفتح الشباك يبتسم لأن هي ماتتعود لو تكررت كثير هي ماتتعود ولا تتأقلم وخرجت هي عن صمتها تتمتم له : تحتاج تهويه الغرفة ! فجأة صار الجو حار
ضحك من كل قلبه يمسح جبينه بكفوفه الأثنين ووقف بعدها ينفض ثوبه : عجلي ينتظرونك تحت
لفت بنظرها له بذهول تهز راسها برفض : خليك عندي ! أنزل معي مابنزل لحالي !
وقف ينتظرها أو يتأملها - بالأصح - بشكل يربكها طول ماهي تلبس عبايتها وابتسمت له من خلصت تتوجه له تحاوط ذراعه : هيّا معي
-
خرجت وَتر من غرفتها بنفس وقت خروجهم تبتسم هي من طريقة وقوف غُروب جنبه تبتسم من طريقة تشبّثها بذراعه كأنها تخاف ضياعه أو تخاف من وحدتها دونه : يامساء الخير ! وش هالإختفاء غروب طول اليوم ماشفتك ؟
ابتسمت غُروب ترفع نظرها لمتعب : يامساء النور نمت متأخر وصحيت متأخر
ابتسمت وَتر تتوجه لهم وتمتمت بنبرة مُلغمة : وش مسهرك ؟ أو مين مسهرك ؟
رفع مِتعب حاجبه يلف بنظره لوتر وفهمها هو فهم بأن هي ودّها تحرج غروب وأحرجتها فعلًا ينطق هو : متى عودّتي ؟
رفعت نظرها ترمش بذهول من سؤاله المُفاجئ ونزلت نظرها لغروب اللي ابتسمت بتشفيّ : مبسوطة !
ابتسمت غروب تهز راسها بالإيجاب : أنتِ جنبي ليش ما أنبسط ؟ داخلي يمتلي سرور بعد
رفعت نظرها لمتعب مذهولة : هي دايم كذا عندك؟ ، تلعب بالكلام !
ابتسمت غروب تنتظر جواب مِتعب وهز هو راسه بالإيجاب يكتفي بابتسامة فقط وهزت وَتر راسها بأسى تنزل للأسفل : مين يلومك أجل ؟ والله إنه مايفهم
ضحكت غروب بذهول ترفع نظرها له : شفتها ! سمعت وش قالت !
هز مِتعب راسه يجاوبها : ماكذبت
-
كانت تنتظر بالصالة على الكنب وبالجهة المعاكسة لها كان عبدالعزيز ينتظر معها وتحس الوقت مثل الشرار يحرقها مع كل ثانية تمر ، تشوف نظرته لها بين كل ثانية والأخرى وتحترق بداخلها لأن نظرته فيها كلام وماودّها تسمعه : ليـلى
فهمت بأن كل مُناها راح مهب الريح من سمعت اسمها من لسانه وجاوبته بدون لاتلف بنظرها له : سمّ ؟
هي طول وقتها تجافيه بنظراتها لأن هي مابتضعف بعد ماذاقت مُر الحقيقة من لسان أقرب ناسها ولأن هي لو شافت الضعف بنظراته بترضخ لكن ماودّها لأن التغيير بيبدأ ولأن ليلى السابقة بتتغير بالجديدة : خذي وقتك بالشرهات وبيزيد الندم !
لفت بنظرها له لأن هي مافهمت كلامه ولأن هي ودّها تفهمه لفت له بتتأكد من صحيح الكلام : مين اللي له نصيب أكبر بالندم ؟ أنا ؟ مو أنت اللي ضيعت ؟
هي فهمت كلامه بأن هي اللي بتندم لا ضاع العمر وهي تشره عليه وتبعده بهالشكل ، ونطق عبد العزيز يجاوبها : أنتِ ماعدتي ليلى اللي عرفتها من بعد ماتزوجت عليك ! تنتقمين مني الحين ؟ تعتبرينها غلّطة وتكفرين عنها بعد ماضاع العمر وشاب الشعر ! وخرّفت !
رفعت ليلى حاجبها بذهول ترفض هالفكرة بخيالها قبل لسانها : لا وبالله ماشوفها غلطة ولو كانت غلطة مسموح فيها هالغلطة بالذات ! ورّثت لي نعمتين أحمد الله عليهم ليل نهار ويضمدون هم وجعك لي طول هالسنين !
سكتت لثواني لأن الكلام بداخلها كبير ولأن هي مابتقوى يخرج بوقت واحد ومنها : العتب الكبير على ضياعك أنت ! وعلى إهمالك لعيالك بعد نورة ! تظنك بتلقاها لاصرت شبة ميّت؟ أنت ماتدري ولاتحس بخاطرهم إذا ضاق ! أنت تقوم بدور الصراف الآلي ماتقوم بدور الأب !
هي لو زاد كلامها بتبكي ولأن هي ماودها رفعت نظرها للأعلى ترجّع سيل دموعها للداخل ولوقت آخر تراكم عتبها بداخلها ولحُسن حظها دخلت وَتر بهاللحظة تقاطع الجو المشحون بينهم : صرنا جاهزين ! وين سُهيل ؟
وقفت ليلى ترفع سلسلة شنطتها على كتفها وغطت وجهها لأن ماودها وتر تشوف رغبة ملامحها بالبكاء : مع صقر برا يالله تأخرنا
هزت راسها بقبول تخرج معها ووقفت خطوة ليلى للحظة من لمحت ابتسامة مِتعب مع نزوله جنب غُروب : ياهلا والله !
ابتسمت غروب تترك ذراع مِتعب ونزلت آخر درجة تتوجه لها وسلّمت عليها تبتسم ليلى من كم الترحيـب والسرور الفاضح منها : وينك ماشفناك اليوم ! أكلتي شيء ؟
ابتسمت غروب تجاوبها وهي بين حنان ليلى ، وأحضان ونعومة كفوفها : إيوه أكلت ماقصر مِتعب جاب لي أكل
ابتسمت ليلى : عافيه يابعد هالدنيا
سكن الجو من خرج عبد العزيز من المجلّس وتوجهت له غروب تسلّم عليه ولأن هو يحس بحرارة نظرات ليلى له هو يزيد العيار بترحيبه وبسلامه لها بس لأن ليلى مركزة : الله يوفقكم ويرزقكم الذرية الصالحة
ماكان هذا مُناها لأن هي كل شيء يبان على ملامحها بشكل يفضحها بينهم وسكتت ماتقول آمين لأن هم قاموا بدورها وبصوت واحد وبأمنية وحدة وتمتمت ليلى آخر كلامها : لا نتأخر على الناس
خرجوا للخارج على وصول رماح وأهله ، والجوهرة وعيالها يتوجهون جماعة لبيت سرور
-
كل مافيها يرجف مو خوف إنما توتر من اللقاء ومن ردة فعل خالها لهالخطبة والزيارة المُفاجئة ، وتعمدت هي ماتقوله لأنها تدري بأنه بيترك البيت قبل يجون وبيحرجها بينهم ، خرجت للأسفل تتوجه للمطبخ تتأكد من إكتمال الضيافة ونطقت للعاملة : طلّعيهم للمجلس الخارجي
هزت العاملة راسها بقبول تنفذ كلامها وخرجت هي للصالة تتأمل إنعكاسها بزجاج الشباك المظلم تتأمل تسريحة شعرها البونيتيل وتتأمل فُستانها الهادي ونبض قلبها من رن الجرس ترتبك كلّها من لمحت توجه العاملة للباب ولأن اللي بالخارج مايشوفون اللي بالداخل هي بقت بمكانها تتأمل دخولهم ، وعضّت شفتها من خرج خالها من المجلس يستقبل الضيوف بحرارة وبترحيب شديد مُتعاود عليه بينهم ولأن هو ماعنده علم بسبب الجيّة ومالحق يسأل سرور عن سبب الضيافة اللي جابتها العاملة من رن الجرس يستقبلهم ، وطلب من العاملة تدخل النساء للداخل ونبض قلبها من فُتح الباب تسمع صوته وتوجهت له ترفع طرف الفستان من مال عن كتفها : يا أهلين وسهلين
ابتسمت وَتر ترفع نظرها الفضولي لصاحبة الصوت الهادي على ردّ ليلى لترحيبها ومدّت عبايتها للعاملة اللي أخذت عباياتهم تعلّقهم بالدرج ورحّبت فيهم سرور تأشر لهم على الداخل : تفضلوا حياكم البيت بيتكم
ابتسمت ليلى تتأملها بإعجاب شديد ، وعضّت ميهاف شفّتها تتأملها بغيظ : حلوة ! حلوة بنت اللذين !
ابتسمت مناهل لأنها سمعت همسها وشدّتها معها يجلسون بزواية الجلسة : اركدي وخليك على خطتك الأولى لاتجيبين العيد وتفضحينا والله ماتخلينا سالمين أمك
ابتسمت مناهل تعدل فُستانها وهمست لميهاف من لمحت نظرة الوعيد من أُمها : شوفي أمك بدت سيول نظراتها
ابتسمت ميهاف تلف بنظرها لبيادر : طيب شوفي كيف اللبوة جالسة بهدوء
تمتمت مناهل بابتسامة سخرية : بزمانها لبوة الحين هي قطوة من ظهرت أنياب غروب
ضحكت ميهاف تشرق بقهوتها وتنحنحت مناهل تمد لها المناديل : فشلتينا ياغبية فشلتينا !
مسحت شفايفها من القهوة ورفعت نظرها لسرور اللي تقدمت بالحلا : حلّي
ابتسمت مناهل تاخذ قطعة منه : تسلم الأيادي
وجاوبتها سرور " الله يسّلمك "وتوجهت لباقي البنات تضيفهم ، وعدلت مناهل جلوسها من لمحت نظرة ميهاف الغاضبة لها بأن ليش ؟ وتجاهلت نظرتها تلف بنظرها للباب اللي رن تلمح العاملة اللي توجهت له تفتح الباب وشهقت ميهاف بذهول من لمحت الداخل تبتسم بإعجاب لكل المنظر..
-
كانت تحاول تتجاهل همس ميهاف ومناهل اللي يمسّها ومتأكدة وتفهم بأن كل الحديث عنها أصلًا من نظراتهم لها وهمهماتهم بين اللحظة والأخرى : أنتِ اللي حطيتي نفسك بهالموقف ماكان لازم أجي!
تنهدت تشدّ على فنجالها اللي يتصاعد دُخانه وهي للآن تحترق بحيرتها لأن ماوصلها لا موافقة ولا رفض وكل خوفها من التجاهل أو من النسيان ، رفعت نظرها تستوعب بأن تنهيدتها كانت عالية وتخاف أحد سمع ، ورجعت تصد بنظرها من صارت عينها على غُروب مباشرة تشوف منها تجاهل يغيظها بشكل مجنون ، تشوف كيف هي معاملتها معاملة الغير مرئي بشكل يزيدها غضب وزاد غضبها أساسًا من سمعت صوت دويّ الكعب العالي يتوجه نظرها للباب وهنا كانت نهايتها فعليًا من لمحت الداخل بكل طغيان "غدير" بابتسامة ثقة على ثغرها وتمتمت قبل لاتكمل خطواتها للمجلس : أعذروني على التأخير
وقفت سرور وليلى بنفس الوقت ينطقون بصوت واحد : مسموحة
ولفت ليلى بنظرها لها تبتسم من تقدمت لغدير ترحّب فيها تستوعب هي سبب رغبة سُهيل القاتلة فيها وبأن هي ولا غيرها ، تشوف منها قوة رغم هُزل جسدها ، تشوف منها ثقة رغم الضعف الخفيّ بين نظراتها : ماشاءالله
هذا همسها وهذا دليل تعجيّز الخالق فيها ، تبتسم بإستيعاب من تقدمت لها غدير بعد ماسلّمت على سرور ، وهمست مع سلامها : حياك الله ياغدير ، مارديتيني
ابتسمت غدير تنزل يدّها تثبت عينها وسط عينها ويكون هذا ردّها فقط ، وتوجهت بعدها تسلّم على غروب اللي وقفت بشكل طبيعي وبارد لأن هي ماودّها يمسكون عليها حجة ولأن هي لو بقلبها على أمها شيء بيظهر عندها هي أو بيبقى بقلبها فقط ، ومن خلّص سلامهم البارد هي توجهت للجوهرة ولزينب يمرّ السلام بصقيع بارد ولفت ميهاف بنظرها لمناهل تبتسم بذهول من فُستان غدير : بتورينا إنها حامل!
ابتسمت مناهل تغطي شفايفها لأن ماودها حكي الشفايف يبان : أقوى إعلان حمل شافته عيني مُدمر هذا مُدمر
ابتسمت مناهل تلف بنظرها لزينب لأن هي هذي الملامح تعجبها بشكل يزيد فضولها لكل ردات فعلهم ، ورجعت نظرها لغدير اللي رجعت تجلس جنب غروب وليلى وبصدر المجلس على نظرات الكل لها ، مُهلكة من فستانها الأحمر إلى الريش اللي يزين أكمام الفستان الضيّق واللي يبرز بطنها بشكل خفيف كونها ببداية الشهر الثالث : غُروب ؟
تقدمت غُروب بجزئها العلوي للطاولة تأخذ فنجالها وتشرب منه بصمت قاتل لغدير ، لكنها ماصمتت لأن هذا الغرض من جيتها وقبول دعوة ليلى لها : جيت عشانك ودّي نصلح الحال بيننا
رجعت تشرب من فنجالها دون رد وتنهدت غدير تعدل جلوسها وابتسمت من لمحت تركيز بيادر عليها ولسوء حظها ماكانت زينب واضحة لها لأن جلوسها كان خلف الجوهرة وبعيد عن عينها..
-
ماكان مُرتبك كان متحمس بشكل فَضحه فعليًا بينهم ، ومايّصبره إلا صقر ونظرات صقر له ، ولأن الفنجال الأول شُرب والثاني حار لف عبد العزيز بنظره لراجح يباشر بحديثه : ماظنّي إنك تعرف سبب هالزيارة يا أبو ياسر
هز راجح راسه بالإيجاب يعدل جلوسه : أي والله إني ماعرف سبب زيارة هالوجيه الطيّبة
ابتسم سُهيل يعدل جلوسه ونطق عبد العزيز : جايينك خُطاب لبنت أختك لولدي سُهيل
بصعوبة قدر يتمالك نفسه ويداري ذهوله بينهم ، تمر ثواني صمت بينهم وبين ذهوله الكبيـر ، تحت نظرات مِتعب له ويفهم هو بأي حيرة حاليًا : والله إن جيتكم غالية عندي لكن البنت ماودها بالزواج هالحين
توسعت بؤبؤة عين سُهيل بذهول يناظره : كيف ماتبي ! شاورتها !
لف عبد العزيز نظره له يطلبه يركد ، ورجع نظره بعدها لراجح اللي كان مركز بنظراته على سُهيل بعد جملته : أنا الوصيّ عليها إن كانك تفهم ، والبنت مالها رغبة بالزواج أبد من بعد وفاة أهلها الله يسكنهم فسيح جناته
رفع سُهيل حاجبه بذهول بشد بقبضته على ثوبه : يستهبل علي ذا !
رفع صقر حاجبه بإستنكار يلف بنظره لعبدالعزيز اللي تمتم : شاورها وأسألوا عن الولد لاتقطع نصيب البنت
مسح راجح على شنبه يستوعب هو بأي وضع حاليًا : مايحتاج نسأل عنكم صيتكم يسبقكم لكن..
قاطعه مِتعب لأن ماله قدره على الصمت أكثر وهو يشوف كيف سُهيل بيجنّ من غضبه : لا لكن ولا بس أترك الشور بيد البنت وهي تختار نصيبها وش يكون !
-
ماتعرف كيف مرّ الوقت وهي ثابته بينهم ، وبين أسئلتهم لها ونظرات البنات لها وأكثر مايحرقها الأسئلة لأنها تخص حياتها وأهلها ، رفعت نظرها للباب من فُتح من خالها الغاضب بعد ماودّع ضيوفه : وش نيـتك ! وش نيتك يابنت الكلب !
تنهدت سرور بملل تلعب بخُصلة شعرها وتجاهلته تاخذ الريموت من على الطاولة وشغّلت التلفزيون تعلّي على صوته بتجاهل تام له ، ولأن هو بركانه ثاير من غير شيء وزادته هي من تجاهلته يركل الطاولة بقدمه وسحب الفازة يضرب فيها التلفزيون يكسره : أكلمك أنا !
تأففت توقف وتكتفت تتوجه له ، توقف أمامه مباشرة ونطقت بتحدي وشرارها يتطاير من عيونها : نيتي أخذ حقي وحق أبوي اللي أكلته بطمعك وجشعك يا ..
سكتت لأن نفسّها عزّت عليها ، سكتت لأن ماودها تشتمه وتلوث لسانها وهو مايستاهل نظرة منها : وظنك إذا تزوجتي بتاخذينه ! من اللي كاذبٍ عليك ياجاهله!
ابتسمت سرور تُرسل شعاع الثقة من عيونها له : ردة فعلك تثبت لي
رفع راجح حاجبه بسخرية : وش مصلحتك من كل هذا ؟ بياخذ ورثك ولا بيشهد بالمحكمة معك !
ابتسمت سرور تهز راسها بالنفي : بجيب أطفال يورثوني وبعيش حياة طبيعية مثلي مثل غيري
نطق راجح بغضب : تتوهمين واجد ياعلّه ! بيورثون زوجك ماهو أبوك !
ابتسمت سرور تهز راسها بالنفي : كيف بتثبت جنوني للمحكمة ؟ كيف بتثبت بأني عالة على المجتمع واحتاج مصحة إذا تزوجت وصارت الولاية على زوجي ؟
عضّ شفته بغضب يتجرأ ويمدّ يده يجرح شفّتها بخاتمه ولأن هي ماتحملت ، لأن هذي كانت النُقطة على السطر هي لفت لجوالها اللي كان على الكنب ، تبعثر الخداديات لحد ماحصلته وأخذته بعيون اغرورقت بالدموع وتحت نظراته تتصل مباشرة بالشرطة ، ولأن هو هاج فعليًا هاج من نطقت "ببلّغ عن إعتداء" توجه لها بكل جنونه يسحب الجوال من يدّها ورماه على الأرض يدعسه برجله لحد ماتفتت شاشته وإنقطع الإتصال بهاللحظة...
-
عضّت شفّتها من سمعت صوت الباب تبع القصر تتخبى خلف السيارة وكتمت نفسها بغلابة من سمعت صوت باب السيارة يُفتح ، وينتفض قلبها بجنون لأن لو رفع نظره شاف جريمتها على السيارة ولأن لو تحركت السيارة بيشوفها هي ، حاولت تبتعد لكن كل محاولاتها وقفت من سمعت صوته الغاضب وشتايمه الكثيرة وجملة "سيارتي" اللي تكررت على لسانه ، تستوعب هي بأن الصوت ماهو لسُهيل وبأن اللي تعاقب بقعلته شخص غيره ولأن هي وعيها غاب عنها للحظة خرجت من السيارة بتتأكد هو فعلًا شخص غير سُهيل ، وانتفض قلبها بذهول من لمحت الشخص المُختلف : من أنت!
رفع حاجبه بذهول يتوجه لها بغضب : أنتِ اللي مسويه كذا بسيارتي ؟
لفت بنظرها لكعبها اللي يتوسّط زجاج سيارته الأمامي ورجعت نظرها له : لأ مو أنا !
رفع حاجبه بذهول ينزل نظره لها وضحك بسخرية من كانت حافيه : تكذبين !
هزت ميهاف راسها بالنفي تنزل نظرها لرجولها : مو أنا ياطفل وخر عن طريقي
رفع حاجبه بذهول من تقدمت بتدخل وركض لها يوقف قدامها : ماصار لها معي سنة راحت وطي بسببك!
هزت راسها برفض ترفع عبايتها : قلت لك مو أنا وخر عن طريقي!
رفع حاجبه بغضب يأشر على زجاج السيارة اللي تهشم من كعبها العالي المغروس وسط زجاج السيارة الأمامي بالضبط :والله ما أخليك لين تدفعين قيمتها وأضعافها يابنت
بلع حروفه لأن ماوده يشتمها وهو صار يعرف بأنها تقرب لأصحاب هالبيت من إصرارها على دخوله ونطقت ميهاف تستفزّه : يابنت الإيش؟ كمل وش بتقول بتسبني! بتقذفني؟ يالله لاتقصر ووقتها بجرك بالمحاكم!
مسح صقر على ملامحه يتنفس يحاول يهدي غضبه وقهره على سيارته : لاتظنين إنك بتنسيّني الموضوع هاتي رقمك
رفعت ميهاف حاجبها بذهول يرتفع صوتها غضب منه : تتحرش ياوصخ!
ناظرها صقر بذهول ينطق باشمئزاز وسخرية : وش أبي فيك؟ برسلك رقم الحساب وبتحولين ضعف المبلغ من أصلحها
تكتفت ميهاف بغيظ تمتم بنفس سُخريته وبنفس نبرته :وليش إن شاء الله ضعفها؟!
ابتسم صقر من نبرتها اللي صارت-تشبه له-فجأة وجاوبها : تعويض معنوي ونفسي
شهقت بذهول تتراجع للخلف : لا والله! الحين أقولك ماكسرتها تقول بتعوضيني من وش أنت من وش!
مشى خطوة صقر يأشر على زجاج سيارته ونطق يمدد حروفه مع نظرته الثاقبة : تشـوفيـن هناااك! فيه داش كام أنتِ ولا لا؟ بيوضح لي والغبية كاسره اللي قدام أول سابقة لك هذي؟
شهقت ميهاف بدهشة تلف بنظرها لسيارته تشوف الكاميرا الصغيرة المثبته قدام وتشوف مكانها وبإن مُحال ماصورتها وكلها باينه ، وعضت شفتها بجزع تتذكر بأنها كانت تكسّر والطرحة على شعرها فقط وملامحها بأكملها ظاهرة :كم تبي؟! أخلص
ابتسم صقر ينطق بالرقم بهدوء وترقّب لردة فعلها : ٢٠
رفعت ميهاف نظرها لها بابتسامة سخرية واستخفاف : مسوي كل هالبلبلة علشان هالكم ريال ! صدق إنك مادّي
ضحك صقر من برودها المؤقت وكمل جُملته : ألف ! تقدرينها؟
شهقت بذهول تغطي شفايفها أثر صدمتها وهزت راسها بالنفي تنزل كفوفها : إتقي الله ! مستحيل كيف بدفعه لك وش بيكون سببي قدام أهلي!
تنهد صقر بملل يعدل شماغه : علميهم بجريمتك كود يحطونك بمصحّة أو بسجن إصلاحي أو يشوفون لك صرفة
تجهم وجهها من تخيّلت ردة فعل أُمها من تشوف التحويلات المهولة وهزت راسها بغم شديد تلف بنظرها له وتوجهت له من ركب السيارة يصوّر كعبها وزجاج سيارته :أسمع ينفع تقسيط ؟
ضحك بشيء من القهر ، وهز راسه بسخرية منها : ينفع المهم حقي يجي هاتي رقمك أخلصي علي وراي كدّة الصبح !
تأففت تنقله الرقم بعبوس وقفل باب السيارة يحرّك من أخذه كامل ، وابتسمت هي من إختفت أنوار سيارته تضحك بسخرية : يمكن البوفية عندهم هالمبلغ ماندري
هي من نطقت -ماندري- رفعت كتفها بمعناها ، وأخذت نفس تتوجه للداخل
-
مايعرف أي غضب كان يحمله بداخله من إنهم خرجوا على رفض مبدئي من خالها وداخله يعبس ويتخبط لأن هو فهم سبب كُل حالاتها ، غضبها الشديد ، وحزنها الخفيّ ، وانهيارها قدامه ، ضعف جسدها وقوتها البدنية فهم كل سبب زلاتها اللي أوقعته بشباكها وداخله يجن وجنونه ظهر قدام صقر من كان يحكي بكل غضبه وخوفه وجنونه ، ولأن هو مابيتحمل لو دخل وشاف نظرات أهله له هو بقى بالمجلس الخارجي مع صقر تمر دقايقه بجنون غضب وشتايم ونظريات تخرج من لسانه لصقر لحد مارن جوال صقر من أهله يطلبون حضوره ، وخرج قبل خروج سُهيل ، يتركه بجنون أفكاره وغضبه وشابك كفوفه على بعضهم يشدّهم من غضبه مايشوف الدنيا ولا يشوف أحد يشوفها هي ، كأنها مُصرة على عالمه كأنها مُصرة على وجوده بحياتها من رن جواله بهاللحظة باسمها "المصورة أشجان" يسمع صوت الشوشرة من رد وجنّ عقله جن جنونه من نطقت بصوت شجي مملوء بدموعها "ببلّغ عن إعتداء" يخرج عقله من خوفه يحاول يوصلّها لكن صوت حاد خرج من الجوال وإنقطع الإتصال من عقبها يخرج للخارج وماوقفت خطوته إلا من وقف بطريقه مِتعب : سُهيل ! أوقف !
لف سُهيل بنظره له وصدره يعلو ويهبط من تضارب أنفاسه ، من شدّة غضبه : بطلع عندي شغلة ضروريـ..
قاطعه مِتعب من توجه له يربت على كتفه : البنت تبيك ؟
عقد سُهيل حاجبه يجاوب وهو يحس ناره تغلي دمه : تبيني يامِتعب تبيني هالكلب مسيطر على حياتها ، راجع لك متعب راجع
تمتم بأخر كلامه وخرج يستودعه الله مِتعب ، يشوف منه غضب ويتوقع بأن سببه رفض خالها له ، وتوجه للجلسة الخارجية يأخذ نفس ورفع نظره للسماء يتأمل نور القمر البارز يتأمل النجوم المُتألقة وابتسم يرسل لها تطلع ..
-
صار يستخدم "أسلوبها " بتسلّق الجدران بدأ تسلّقه من النخلة رجل على النخلة والأخرى على الجدار يرفع جسده لحد ماوصل لأعلى الجدار يتسلقه وطب من الأعلى للداخل يتوجه مباشرة للبوابة يسمع الأصوات ، تكسير ، ضرب ، صراخ العاملة ، وقف عقله من جنونه وقت سمع صرختها بأعلى صوتها "خـلاص!" يعرف دربه وين ، ويعرف المصدر وين ويسمع صوتها من نطقت "وقف تكسير خلاص!" : يا أبن الكلب والله ماتسلم من يدي
أول جُملة نطق بها من دخل يشوفها هي كيف كانت طايحة على الأرض وهو يكسّر بأثاث البيت حوالينها ماترك لا فازة ولا مجسم ماكسره حواليها ونطق راجح بذهول من شافه : وش جابك أنـت !
رص على فكة من غضبه يتوجه لراجح يمسك ياقة ثوبه ولكمه ،مرة ومرتين وثلاث يُرديه طريح الأرض ونزل فوقه مايكتفي يلكمه من جديد يجرح يدّه ويدمي وجهه ينزف أنفه وحاجبه وطرف خدّه ووقف بعد مالمح نزيفه الشديد ونفض يدّه يلف بنظره لسرور اللي بقت بمكانها "مذهولة" من كم الغضب اللي خرج منه وتوجه لها يمد يدّه لها ، ورفعت هي نظرها له لعينه تشوف بين شرارة غضبه رجاء منه لها بأنها تجي معه وماترده ، ورفعت كفّها للهواء تتردد لآخر مرة وارتعش جسدها من حسّت بحرارة كفّه من مسك يدها يسحبها ، ويوقفها وتوجه بها للباب مُتجاهل تهديدات راجح الكثيرة وصراخه بينما هو يحاول يوقف نزيف أنفه ، ولفت سرور بنظرها للخلف من سمعت صوت العاملة اللي نزلت من الدرج ركض تناديها وتقدمت العاملة لها بعبايتها تنطق بإنجليزيتها : إعتني بنفسك أذهبي بعيدًا عن تجبره
ابتسمت سرور وسط كم التعب اللي تحسّه ابتسمت وماتكتمل ابتسامتها من الجرح اللي لسعها ألم ، ولبست عبايتها بعجل تحت جنون غضب سُهيل من كان يهز رجله بقل صبر وخرج من خلصت تخرج خلفه هي ، وهالمرة كان طريقهم -الباب- دون غيره ، ومشى هو وهي خلفه ماودّه يلتف لها لأن بيعصب وبيرتفع صوته بالعتاب والملامة ، ومن ظّلم المكان حوالينهم ومن خفّت ضجة الأنوار ومن مرّت الدقايق البسيطة وسط غضبه المشحون ، التفت لها تشوف تردده يتكلم ؟ يهاوش؟ يعصب ولا يسكت ! ، لكنه نطق بتساؤل : أول مرة؟
رفعت نظرها له يشوف دمعها بعينها ، ويشوف كيف هي تحاول تخبيه عن عينه ونطقت بهدوء : وش أول مرة؟
تأفف سُهيل من غضبه ومن إنها تتحجج بعدم فهمها : يمد يده عليك !!
هزت سرور راسها تنفي : مامدها علي ماضربني !
نطق سُهيل بغضب : شفت الجرح ! شفت دمك لاتكذبين علي !
سكتت حروفها من الألم وقت حاولت تبرر له ، وضحك هو بجنون يشد شعره : مُصرة تكذبين رغم وضوح كل شيء لي ! ليه مابلغتي عليه ليه تتحملين كل هالعذاب!
تنهدت تجلس على الرصيف ورجع ينطق هو بغضب : تسكتين له وتمادى لو مالحقتك كان صابك شيء ! كان صابتك وحدة من المجسمات اللي يرميها بالهواء !
-
رفع نظره لها ولدخولها بدلّة القهوة وابتسم من جلست تحطها على النار : تسلم يدك
ابتسمت عزوف تجاوبه وأخذ هو الدلة يصب قهوة : خف صداعك ؟
هز خالد راسه بالإيجاب يمد لها الفنجال : بفضل الله ثم فضلك
أخذت منه الفنجال تتنحنح ، تتذكر ليلتهم اللي كانت بالمستشفى رغم اصراره بأنه طيّب وماعليه خلاف حتى للدكتور اللي فحّصه ، ويتذكر هو كم الإهتمام اللي ظهر منها له خلف جملتها بأن "هو أمانة عمي راشد لي"تلزمه بأخذ أدويته لحد ماخفت حرارته : كلمتي غروب ؟
ابتسمت لأن هذي المرة الثانية اللي يسأل فيها وماتعرف هو يسأل لأنه بيقطع الصمت أو لانه فعلًا بيعرف أخبارها : كلمتها من شوي
هز راسه بالإيجاب يمد لها القدوع : اقدعي
ضحكت هي من جُملته تاخذ حبة تمرة وأكلتها على سؤاله : وش يضحكك؟
لفت عزوف بنظرها له : نبرة صوتك واقدعي
ابتسم خالد : هذا يضحك ؟ استخفيتي ؟
رجعت تضحك من جديد تهز راسها بنفي مُطلق : كلّمني عنك خالد
ابتسم ياخذ من القدوع : وش ودّك تسمعين ؟
عزوف : عمرك ، وظيفتك ، دراستك ، ومن وين لك لقمة عيش؟
ابتسم خالد يجاوبها بهداوة : دخلت التسع والعشرين ، ودرست ماجستير إدارة الأعمال بالاستشارات
رفعت نظرها له تبتسم ، وكمل هو : لقمة عيشي الاستشارات ذي ولي مكتب صغير هنا ما أمرّه كثير
رفعت حاجبها باستغراب وقرأ هو سؤالها بأن"ليش" يجاوب قبل تسأله : كنت ساكن بديارنا الأولية وكان لأبوي ثروة بسيطة وشريت بها اسهم على المدى البعيد والحمدلله جابت رزق وفير وشريت هالبيت وعماره
ابتسمت عزوف لأن من كلامة هي فهمت ربع شخصيته وبأن هو ينوع مصادر دخله ويستثمر ، يستثمر كثير : دورك
نزلت نظرها ليدها تبتسم من تتذكر أيام جامعتها : درست تسويق إلكتروني وحملت مادتين مشتركة وبقيت أدرسها سنتين زيادة ومنها تعرفت على غروب
ابتسم خالد يأخذ فنجالها من يدها ويعرف بأنهم مو بنفس التخصص وصب لها : البيّن لي صداقتكم مواقف ، ماهي عشرة
ابتسمت عزوف تهز راسها بالإيجاب : فعلًا مواقف منها الصعب ومنها القاسي وكلّها تخطيناها بأقل الأضرار
رفعت نظرها له من مدّ لها الفنجال -ترتبك- من صارت عينه وسط عينها بالضبط : والشركة اللي تشتغلين بها؟
أخذت عزوف فنجالها منه : كان عرض عمل من زميلة لي بالجامعة وشغلي هناك أساسًا كان تسويق للكتب اللي يعرضها دار النشر كانت بتنهار الشركة بتضيع لكن اختلفت الموازين بيوم وليلة
ابتسم خالد : ووش اللي منع الانهيار؟
شدّت فنجالها تبتسم : غروب
عقد حاجبه بعدم فهم للحظة ، وكملت هي تبتسم : اشترى الشركة مِتعب وحط وَتر المُديرة ، وبعد كم شهر أنا وظّفت غروب ، ساعدتها تكون من الكُتاب اللي ينشرون كتبهم هناك بدون علمها طبعًا
ضحكت هي من ذكرت الجزئية الآخيرة تكمل على مرأى عيونه الساغبة : شفت كتابها الإلكتروني قريته وعجبني وكانت بتبيعه إلكترونيًا لكني تدخلت وأرسلت الكتاب لدار النشر بالإيميل حقها وحذفت الرسالة ولما وصلها الرد منهم كلّمتني عنها وقلت لها الحقيقة عصبت طبعًا بس بالأخير رضت
كان متعجب طول ماهي تتكلم : بذاك الوقت ماكنت فاهمه السبب وأحسب إنه شخص عادي واشترى الشركة لكن هنا مربط الفرس كله وصولًا لها ويمكن عنده دوافع ثانية ما أدري عنها لكن المهم واللي سمعته هالشركة بسببها
-

أنتِ بين النفس والهوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن