الجزء الحادي عشر

5.5K 447 26
                                    

أمضت الجدة معنا وقتا طويلا حتى اقتربت الشمس من المغيب فغادرت إلى بيتها رغم أنها لم تستطع ترك تاي ورائها الذي كان متشبتا بها طوال الوقت ، حين دخلنا إلى البيت تمدد الأعضاء بعضهم على الأرض و البعض على الأرائك و انشغلوا بمشاهدة التلفاز و استكشاف القنوات العربية و محاولة تكرار الكلمات التي يستطيعون نطقها لسهولتها ، بينما ذهبنا أنا و فاطمة إلى المطبخ لإعداد العشاء ، قررنا صنع حساء خضر لأننا كنا ممتلئين من الطعام الذي أحضرته الجدة ..

- أوني أين الخضر التي أحضرت صباحا ؟

- اوووه تبا نسيت إحضار ما نحتاجه إلى هنا .. لقد فكرت في وضعها في مخزن الكوخ لأنها تسبب الفوضى و تأخذ مساحة كبيرة في المطبخ ..

- أنا لن أذهب لإحضارها المكان مخيف و مظلم

- و من طلب منك ذلك !! سأذهب أنا .. هات السلة

- لماذا لا تطلبين من أحد الفتيان أن يرافقك؟

- ألا ترين حالتهم يبدون متعبين من الماراطون الذي خاضوه صباحا .. لا داعي لإزعاجهم سأذهب وحدي ..

خرجت من البيت أحمل السلة الصغيرة و هاتفي الذي أنير به الطريق ، لم يكن المخزن بعيدا جدا عن البيت ، تمشيت بهدوء فقد كنت أفكر أنه ما من شيء مخيف بل كنت أرى أن الجو جميل بسبب بروز النجوم المتلألئة و نور القمر الذي كان ساطعا في جوف السماء ، دخلت المخزن و تركت الباب مفتوحا و اتجهت إلى الزاوية حيث كانت أكياس الخضر مصفوفة ، انحنيت أملأ السلة بالخضر قبل أن يجعلني صوت الباب يرتد أقفز من مكاني ..

- اووووه تبا لقد أخافني .. أظن أن الليلة ستكون باردة ..

بعد أن ملأت السلة اتجهت إلى الباب و وضعت يدي على المقبض و سحبته لأتفاجئ بأن الباب محكم القفل ، أحسست في تلك اللحظة بصدري ينقبض ، وضعت السلة على الأرض و استمريت في محاولة فتح الباب لكنه كان عالقا ، طرقت بشدة و ناديت فاطمة و جميع الأعضاء لكن لم يستطع أحد سماعي ، بدأت أحس بالخوف يسري في جسدي و بهالة شديدة البرودة تحيط بي ، ثم بدأت أشعر بالغثيان و صرت أتعرق ، عدت خطوات إلى الوراء مشتتة التفكير ، فجأة بدأ المخزن يهيء إلي و كأنه يتحول إلى غرفة مصعد بالتدريج مما زاد من هلعي فقد استرجعت تلك الأحاسيس التي عشتها في الحادث و التي أعيشها كل يوم في كوابيسي ، شعرت بضيق في التنفس و كأن شخصا يمسك برقبتي و يخنقني .. أحسست و كأن الهواء ينفذ من الكوخ الذي أصبحت أراه مصعدا ، حتى أن ضوء هاتفي لم يعد موجودا بالنسبة لي أصبح خافتا و المكان يصبح أشد ظلمة، بينما أنا أعاني من نفسي المتقطع تذكرت هاتفي الذي أحمله و فكرت في الاتصال بأي شخص و أطلب منه المساعدة ، كانت يداي ترتعدان بشدة .. حاولت تهدئتهما لأتمكن من إدخال رمز الهاتف .. ثم بدأت بقع دم تظهر رويدا على يداي الاثنتان و تتوسع .. ألقيت بالهاتف على الأرض و انطفئ النور و أخذت أمسح يداي بملابسي و أنا ألهث من أنفاسي المتقطعة .. حينها ظهرت جثث كثيرة على الأرض جعلت جسمي يقشعر من الرعب .. لا يمكن أن يكون هذا حقيقيا لا بد أنه كابوس اخر و لكن لما لا أستطيع الاستيقاظ منه .. كانت صدمتي أكبر حين بدأت أرى الجثث تتحرك و تقف على قدميها بطريقة مرعبة ، كانت وجوههم مشوهة و ملابسهم ملطخة بالدماء ذات رائحة قوية مريعة .. كانت تقترب مني ببطئ ، أردت العودة للوراء لكن قدماي خانتاني فسقطت أرضا أحاول الزحف لكني لم أستطع فقد أحسست بأن جسدي ثقيل ، حاولت إخراج صرخة قوية لكن تقطع أنفاسي منعني بل كنت أزداد اختناقا ، و ضربات قلبي تزداد حدة لدرجة أني فقدت سمعي و كل ما كنت أسمعه هو ضربات قلبي التي تكاد تخترق طبلة أذني .. أصبحت رؤيتي ضبابية بينما كانت دموع باردة تسيل بصمت من عيني .. كنت عاجزة على مشارف الموت .. فكرت أني ربما هذا هو الحال .. أن ينتهي بي الأمر أموت من الاختناق من الرعب في حظيرة مهجورة في قرية نائية ..

الضائعة و الفرسان السبعة - الموسم الثالثWhere stories live. Discover now