الجزء السابع و الأربعون

3.6K 378 15
                                    

وقفت سيارة الأجرة أمام النزل فقمت بالآداء قبل أن تنطلق مغادرة ، كنت متجهة إلى النزل أحمل في يدي الكيس لكن رابمون ظل واقفا مكانه ثم صرخ :
- هيييي! إلى أين أنت ذاهبة ؟
التفت إليه مستغربة من سؤاله ثم نظر إلى ملابسه و قال :
- أنا لن أدخل إلى النزل هكذا .. سأصبح مهزلة الأعضاء لما تبقى من حياتي..
استدارا مبتعدا عن النزل بينما كنت واقفة ساكنة :
- يااا إلى أين أنت ذاهب ؟
تابع طريقه و هو يحاول نزع الوشاح عن رأسه و يقول :
- اتبعيني فقط !
تبعته بخطوات متثاقلة بكسل و أنا ألعب بالكيس في يدي ، كان يسبقني متجها إلى الحقل ، بينما كنت ورائه ابتسمت بخبث و أخرجت هاتفي و التقطت له صورة ، فجأة وقف مكانه و التفت إلي بسرعة و قال :
- هل كنت تقومين للتو بالتقاط صورة لي؟
- ماذا ؟ لما أنت مهووس هكذا ؟ لما سأصورك ؟ أنا أتفقد كم الساعة .. ألا تعلم أننا تأخرنا !
نظر إلي مطولا نظرة شك ثم تابع طريقه بينما كنت أهمس :
- ما هذا ؟ هل لديه أعين خلف رأسه ..
ما إن وصل إلى جانب الشجرة التي اعتدنا الالتقاء عندها حتى نزع العباءة عنه ، وضعت الكيس بجانبه و أنا أتجنب النظر إليه ، أخذه و سحب منه قميصه و هو يهمس لنفسه :
- عجيب أمر هذه الفتاة .. لم تكن تحس بالخجل حين كانت تتجسس علي في المسبح ..
- يااا ! ماذا قلت ؟؟
- لا شيء .. كنت فقط أحدث نفسي ..
ارتدى رابمون ملابسه و وضعنا الملابس النسائية في الكيس ، كان رابمون يريد التخلص منها لكني أصريت على أخذها معي ، كنا نمشي بمهل عائدين للنزل و نحن صامتان، كنت أفكر في لقائي بوالد ندى أعاتب نفسي و أفكر في حوارات أخرى ربما لو قلتها لوافق أو ربما كان علي أن أتبع هذه الطريقة في الحديث أو ربما هذا و ذاك ، إلى أن أخرجني رابمون من دوامة الأفكار حين أمسك بيدي ، نظرت إليه فابتسم لي و قال :
- لا تلومي نفسك .. ثم بما أنه لم يقل شيئا ربما يحتاج وقتا للتفكير ..
- لا أعلم لكنه بدى غاضبا و غير مكترث بكلامي .. لقد كان على وشك طردي..
- ارتاحي الآن و حتى إن لم يوافق سنجد حلا آخر بالطبع ..
المشي وسط الحقل و بجانبي رابمون الذي يمسك يدي بيده الناعمة و الدافئة .. الشمس تكاد تغرق بين الجبال الشامخة تاركة ورائها أشعتها الذهبية تودع الأرض لترحب يقدوم الليل .. كان مشهدا خفف عني حزني و جعلني أنسى همومي ، تمنيت لو تختفي جميع آلامي و همومي كما تختفي الشمس عند الغروب..
عدنا إلى النزل و وجدنا الأعضاء مجتمعين في الردهة ينتظروننا ، ما إن رأونا ندخل من الباب منهكي القوى حتى وقف جيمين و ركض إلي و قال :
- نونا .. طمنيني .. كيف كان اللقاء؟
التزمت الصمت و لم أجرؤ على النظر في عيني جيمين لخجلي من إخباره بما حصل، بل تلألأت عيناي بالدموع .. فتدخل رابمون و قال له :
- جيمينااه .. أظن أنه من الأفضل أن تتحدث إليها لاحقا.. لنتركها تذهب و ترتاح الآن..
تغيرت تعابير وجه جيمين فقد سرى في ذهنه أن مهمة إقناع والد ندى قد فشلت بالفعل .. قلت له بصوت شبه هامس :
- آسفة جيميني ..
ثم غادرت مسرعة إلى غرفتي و أقفلت الباب علي ، أطلقت العنان لدموعي و أنا أفكر في ثقة جيمين في قدراتي و كيف خيبت ظنه و أفكر في مصير ندى و في ملامحها حين أخبرتها بأمر المنحة ، ربما تحمست كثيرا لإخبارها و لكني الآن كل ما فعلته أنني منحتها أملا و أعطيتها نبذة عن مستقبلها الزاهر الذي ينتظرها ثم أخذته بعيدا عنها ..
استلقيت على سريري و لا أعلم لكم من الوقت بقيت جامدة عليه أرثى لحال ندى إلى أن استغرقت في النوم ..
استيقظت ذلك اليوم باكرا لكني لم أبارح غرفتي ، فقد شعرت بالخجل من رؤية الأعضاء بعد أن تركتهم البارحة و غادرت إلى غرفتي دون إخبارهم شيئا ، مضت ساعات و أنا مستيقظة و مستلقية على سريري أحدق في السقف و أحاول التفكير في خطة بديلة ، إلى أن اقتحمت فاطمة غرفتي كعادتها ، ركضت إلي و قالت :
- صبااح الخير .. أنت مستيقظة بالفعل ؟ إذن لم تنزلي نحن ننتظرك لتناول الفطور .
- أخبريهم أن يأكلوا بدوني فليس لدي أي شهية للأكل
نظرت إلي و هي تعقد دراعيها و قالت :
- أنت تتجنبين مواهجهة أسئلتهم أليس كذلك ؟
- ماذا .. بالطبع لا .. أنا فقط ..
قامت فاطمة بسحبي من دراعي للنهوض من السرير و قالت :
- هيا هيا انهضي و توقفي عن الكذب فقد صرت أعرفك جيدا.. على أي حال لقد قمت ببذل أقصى جهدك .. لهذا ليس خطأك .. آآه هيا بسرعة فشوقا أوبا يشعر بالجوع !
- حسنا حسنا .. فقط توقفي عن دفعي سأغير ملابسي و أنزل .
- لا تتأخري ..
غيرت ملابسي و نزلت إلى الطابق الأرضي ، توجهت إلى قاعة الطعام التي كانت ضوضاء الأعضاء تخرج منها بقوة .. دخلت إلى القاعة و قلت بصوت هادئ :
- صباح الخير شباب ..
رحب بي الجميع و التزموا الصمت للحظات ثم عاودوا ضجيجهم المعتاد ، كان واضحا أنهم يقولون أيا كان فقط كي لا أحس بالثقل لفشلي في إقناع والد ندى ، كان جيمين يتناول طعامه ببطئ يصمت لحظات ثم يبتسم ابتسامة خافتة للأعضاء ، شعرت بالأسف عليه
فدفنت رأسي بين كتفاي و ركزت على صحني لأتفادى التقاء عيناي بعيناه ، فنظراته كانت لا تزيدنا سوى عذابا ..
ثم صمت الجميع فجأة بعد أن تبادلوا النظرات فيما بينهم و قال جيهوب :
- نونا .. نحن نعلم أنك قمت بأفضل ما لديك .. لهذا لا يجب أن تلومي نفسك..
تابع تاي :
- هيونغ محق .. لو كان شخص آخر لما فعل ما فعلته أنت ..
أجبتهم بصوت شبه هامس:
- لكن كل ما فعلته لم يأتي بنتيجة ..
نظر إلي جيمين و ابتسم و قال:
- لا عليك نونا .. سأفكر في حل آخر.
ثم قال جين أوبا :
- ياا لما لا نقوم بمساعدتها على الهرب و حسب .. نحن بالفعل لدينا تجربة في مثل هذه المهام السرية..
علق عليه شوقا أوبا بصوته الهادئ :
- نعم و نغير اسمنا من فرقة BTS إلى عصابة BTS بقيادة أرمي عربية..
و قال كوكي :
- و نوسع أعمالنا لننافس المافيا الأمريكية ..
تحمس تاي و قال و هو يقفز في مكانه :
- و نقوم بالسطو على محلات GUCCI *_*
فضحك رابمون و قال :
- بل سنقوم بالسطو على المتاحف ، هناك كتب نادرة لا يمكن الوصول إليها وقراءتها.
كنت أضحك لخيال الأعضاء الواسع و روح المرح لديهم الذي خفف عني الحمل الذي كنت أعاني منه ، في تلك اللحظة أتت إحدى الخادمات طرقت الباب فصمت الجميع ينظر إليها ثم اتجهت إلي و قالت :
- آنسة سمر .. هناك شخص يريد رؤيتك.
- أنا ؟
سألتها فاطمة :
- ألم يخبرك من يكون؟
- لا أعلم آنستي .. إنه ينتظر في الحديقة ..
رحلت الخادمة فأخبرت الأعضاء بما قالته و أنا مستغربة فأنا لا أنتظر وصول أي شخص ، وقفت لأغادر فوقف رابمون أيضا و قال :
- انتظري سأرافقك ..
أمسك جين أوبا الجالس بجانبه بذراعه و جعله يعود إلى كرسيه قائلا بتذمر :
- لما تستمر باللحاق بها كلما كانت ذاهبة إلى مكان ما ؟؟
(نامجين 💔😂😂😂)
ثم قال هوبي و هو ينظر إلى رابمون نظرة شك :
- لقد تفاجئت البارحة حين عاد رفقتها بعد أن خرج دون أن يخبرنا إلى أين هو ذاهب ..
أضاف كوكي :
- هذا و قد أصرت على ألا يرافقها أحد ..
تغيرت ملامح رابمون بعد أن هاجمه الجميع بملاحظاتهم و بدأ يتمتم :
- ما .. ما الذي تقولونه الآن ؟ .. نحن فقط ..
قاطعه جين أوبا قائلا :
- انسى الأمر .. بما أن شخصا أتى لرؤيتها لا بد أنه معجب ..
ضحكت و قلت :
- أي معجب أوبا ؟ لا وجود لشيء كهذا .. على أي سأذهب لأرى من هذا الشخص
التفت تاي لكوكي و قال له هامسا :
- هل نذهب لنلقي نظرة ؟
- هيا..
تبعني الماكنيز ثم لحق بهم باقي الأعضاء و فاطمة بينهم ، التفت لأدخل إلى الحديقة فصدمت حين رأيت أن الشخص الذي كان واقفا يضع يديه وراء ظهره و ينظر إلى الأشجار كان والد ندى ، توسعت عيناي و أحسست بلساني يتجمد..
- أوو ماي غوود !
تجمع الجميع حولي يسألونني ماذا هناك .. التفت إليهم و قلت :
- إنه والد ندى ..
عدل رابمون نظاراته الطبية و قال و هو يحدق فيه :
- و لكن لما أتى إلى هنا ؟ أربما غير رأيه ..
- لقد طلبت منه أن يطلعني بقراره كيفما كان .. لم أظن أنه سيأتي إلى هنا بما أنه كان غاضبا حين تحدثت إليه ..
خرج جيمين من بين الأعضاء و قال :
- نونا سأرافقك ..
أمسك شوقا أوبا بكتفه و قال :
- من الأفضل أن تبقى هنا .. يبدو شخصا عصبيا.
- لكن ..
نظرت إليه و قلت له :
- يونغي أوبا محق .. من الأفضل أن تبقى هنا .. أرجوكم لا تتدخلوا مهما رأيتهم .. سأذهب لأحاول إقناعه مرة أخرى في حال رفض.. رغم أن ملامحه لا تبشر بالخير ..
خرجت إلى الحديقة تاركة الأعضاء يتابعونني من الردهة ، كنت كلما اقتربت من والد ندى ترتفع ضربات قلبي أكثر و أكثر ، وصلت إليه فقمت بتحيته :
- السلام عليكم سيدي .
التفت إلي ليراني أمامه بتعابير جامدة :
- و عليكم السلام ..
- آسفة جدا لأني تركتك تنتظر .. لم أكن أعلم أنه أنت سيدي.
- لا بأس.. كنت سأتصل بك فقط لأعلمك بجوابي مادام لا يستحق الأمر القدوم إلى هنا .. لكن لدي شيء أقوله ..
أحسست بقلبي يتوقف في تلك اللحظة و كل ما بدر إلى ذهني أنه رفض العدول عن قراره و قد أتى ليقوم بتوبيخي على التدخل في أمورهم العائلية الخاصة ..
صمت قليلا ثم قال :
- ذلك اليوم .. كنت محقة .. حين كنت طفلا كانت لدي أحلام .. لكني عشت طفولة صعبة ، ربما لا يمكنك تخيل الأمور التي عانيت منها لأصير ما أنا عليه الآن .. أبا لأطفال و زوجا .. عشت و أنا مؤمن بأننا نعيش في عالم لا مكان فيه للضعفاء و أن الجميع أشرار كل ما يريدونه هو إيذائنا و الاستهزاء منا و أن الأشخاص مثلنا لا يجب عليهم أن يحلموا لأن أحلامهم لن تتحقق بما أنه لا مكان لهم في الأصل .. أنت لا تعلمين كم كان صعبا علي إجبار ابنتي على ترك دراستها رغم أنها لطالما كانت من الأوائل .. لكني فعلت ذلك لأجعلها تفتح عينيها على واقعها .. أنا مجرد عامل بسيط أجره لا يكفي لسد حاجيات إخوتها فكيف بإمكاني تدبر أمر دراستها .. كان جعلها تترك أحلامها ورائها أهون من جعلها تعيش في كذبة و أن أعدها بمساعدتها و الوقوف بجانبها لتحقيق حلمها بينما أقترض المال في بعض الأحيان لشراء الطعام لهم .. بعد أن شاهدتها تتعذب و تتحمل ما لا طاقة لها في العمل أتتني فرصة تزويجها .. كانت فرصة لضمان مستقبلها و مستقبل إخوتها .. لكن.. حين رأيت كل ما قمت بفعله لأجلها .. ربما كنت سعيدا لأن ابنتي حصلت على صديقة تفعل الكثير لأجلها .. خصوصا أنها لم تكن تحظى بأصدقاء بسبب مستوانا الاجتماعي .. فكرت حينها أنه ربما و أخيرا أتت الفرصة لتحقق ابنتي ما لم أستطع الوصول إليه و تكون قدرة لإخوتها .. في ذلك الحين سأمشي في الحي رافعا رأسي و أنا أفتخر بابنتي التي تخرجت طبيبة بجدارة ..
التزم الصمت لثوان ثم استدرك و هو يضحك ضحكة خفيفة و لأول مرة :
- كما قلت سابقا .. لا أريد صهرا يمن علينا بماله.. بل أريد صهرا يعاني لأقبل زواجه منها..
ثم أخرج وثائق المنحة و الكلية من وراء ظهره و مدها لي و قال بتعبير جاد :
- هذه الوثائق لقد وقعت عليها و أنا موافق على عودة ندى للدراسة.. و قد ألغيت بالفعل موضوع زواجها البارحة..

الضائعة و الفرسان السبعة - الموسم الثالثजहाँ कहानियाँ रहती हैं। अभी खोजें