الجزء الثامن و الأربعون

3.6K 349 5
                                    

لم أستطع تصديق ما حصل في تلك اللحظة كنت مندهشة ، بعد بضع ثوان من الجمود اضحكت بسعادة و قلت له :
- حقا سيدي ؟؟
- نعم .. ربما لن تعود ندى للعمل هنا لكن يمكنك القدوم و زيارتها متى تشائين ذلك .. و أود أن أشكرك كثيرا ابنتي على ما تفعلينه لأجلها .. على أي حال انتهى دوري و علي أن أذهب لعملي ..
- شكرا لك سيدي شكرا جزيلا .. طاب يومك ..
ما إن غادر والد ندى حتى أخذت أتفقد الوثائق لأتأكد أنه وقع عليها و أن ما سمعته منه لم يكن مجرد هلوسات بل حقيقة ، حينها أتى الأعضاء رفقة فاطمة يركضون و التفوا حولي يحاولون فهم ما حصل من تعابير وجهي وقف رابمون بحانبي و قال :
- ماذا قال ؟ هل وافق؟
نظرت إلي فاطمة بقلق و قالت:
- أوني .. لما أتى إلى هنا؟ هل قال أنه موافق؟
نظرت إلى رابمون ثم ابتسمت ابتسامة عريضة فابتسم و قال :
- يا إلهي لا تقولي أنه حقا وافق
ضحكت و قلت له :
- نعم لقد وااااافق
بدأ الجميع يقفز من الفرح و يثيرون فوضى في المكان ، أما أنا و رابمون فمن شدة حماسنا و فرحنا بالخبر نسينا أمر الموجودين حولنا ، قام رابمون بحضني بقوة يهنئني بنجاحي في إقناع والد ندى ثم أمسك بكتفاي و قال لي و هو سعيد:
- أخبرتك ألا تقلقي و أنه ربما قد يوافق مادام لم يقل شيئا بعد!
ابتسمت و قلت:
- كان عليك أن ترى تعابيره لقد ظننت أني فشلت في إقناعه
التفتنا لنجد الجميع توقف عن القفز و الحماس و يتابعون حركاتنا ، شعرت بالإحراج من سعادتي تعاملت مع رابمون بحرية و نسيت أني بين الأعضاء و يبدو أنه أيضا كان كذلك ، أبعد يديه و ربت على كتفي بخفة و قال و هو يحاول إصلاح الوضع:
- إنه حقا خبر مفرح .. يجعل الإنسان يرغب في ضم أي كان .. هيهي .. أليس كذلك شباب؟ .. لما لا نحتفل بهذا الحدث السعيد ..
عقد جيهوب دراعيه و قال :
- أظن أنه علينا الاحتفال بكما أولا ..
تنهد رابمون و بدى لي و كأنه سيعترف للأعضاء لكني قاطعته و صرخت عليهم و أنا أدفعهم :
- ياا ياا لما تستمرون في إزعااجي هكذا ! ستجعلونني أغضب ! هيا .. هيا .. لنطلب شيئا نأكله فشهيتي قد تفتحت..
جلسنا قرب المسبح و طلبنا بعض الحلوى و العصير بما أنه لم يمضي وقت طويل على تناولنا الفطور ، كانت فاطمة تجلس بجانبي و تلف يدها حول ذراعي ،كنا سعداء بإنقاذ ندى .. حينها سألني جيمين :
- نونا هل ستعود ندى للعمل
- لا .. أخبرني والدها أنها ستتوقف عن العمل ..
- و كيف سنتمكن من رؤيتها؟
- حسنا لقد أخبرني والدها أنه يمكنني زيارتها وقتما شئت .. لكن لا أعلم إن كان سيوافق على قدومها إلى هنا.. لكن لا تقلق سأتدبر حلا ..
حينها قال جيهوب بصوته العالي :
- نونا حقا راائعة .. تستطيع حل أي مشكلة
ضحكت و قلت :
- أنا حتى لا أعلم كيف أفعل ذلك بما أني لا أستطيع حل مشاكلي الخاصة ..
أمضينا الوقت نتجاذب أطراف الحديث ثم غادرت إلى غرفتي لأخذ قسط من الراحة بما أني لم أحظى بالنوم المريح ليلة البارحة ، ارتميت بقوة على سريري و ابتسمت بسعادة ، كنت أحس بالراحة و بأن حملا ثقيلا أزيل عن كاهلي ، ربما هو حمل لست مضطرة لتحمله لكني لم أستطع أن أحظى براحة البال بما أني كنت أفكر طوال الوقت في حال ندى، يا ترى كم "ندى" في هذا العالم عانت و لا تزال تعاني من ضياع مستقبلها ،ربما تم إنقاذ ندى لكن هناك الملايين مثلها لم تمنح لهن نفس الفرصة .. أشعر حقا بالأسف حيالهن..
قاطع خواطري صوت رسالة وصلتني على هاتفي ،تفقدتها و أنا لا أزال مستلقية لأجد أنها من رابمون فجلست بسرعة لأركز على رسالته ..
- " نائمة ؟"
- " ليس بعد .. كنت سآخذ قيلولة لكن يبدو أن حماسي جعل النوم يترك جفوني"
- " أنا أشعر بالنعاس الثقيييل -_-"
- " لما ؟ ألم تنم جيدا البارحة ؟"
- " لا .. ظلت الكوابيس تراودني بسبب تلك الملابس >_< "
- " كككككك أومووو نامجوني المسكين"
- " أنا متأكد أنك فكرت في تلك الفكرة لتنتقمي مني على كل مرة قمت بإغاظتك فيها TT.TT"
- " في الواقع لم أفكر بتلك الطريقة لكن بما أنك ذكرتني سأعتبر الأمر انتقاما "
- "آآآه هذه الفتاة .. أود حقا أن أكرهك في هذه اللحظة لكن .. لا أستطيع.. "
ابتسمت بسعادة و كتبت له :
- " حقا ؟ و لماذا ؟"
- "لأنك مصدر سعادتي .. إذا كرهتك ستصبح حياتي كئيبة .. حقا لقد أحسست بقلبي يرفرف حين رأيتك سعيدة لقبول والد ندى .. حتى أني نسيت كل من حولي هيهي"
- " أنا أيضا نسيت وجود الأعضاء .. و لكن مهلا .. هل كنت ستخبرهم بأمرنا ؟"
- " نعم كنت سأفعل .. أريد أن أتحدث إليك على راحتي فمراقبة أفعالي كي لا أثير شكهم يرهقني حقا .. لا أفهم لما تصرين على عدم إخبارهم "
- " إيااك أن تفعل ! أنا حقا خجلة منهم للغاية "
- " حسنا كما تشائين .. اذهبي لترتاحي فقد عانيت كثيرا مؤخرا بسبب موضوع ندى.. احلمي بي *_*"
- "كككك .. أراك لاحقا "
تركت هاتفي على الطاولة و تمددت على سريري و المشاعر تهيج داخل قلبي ، كنت سعيدة بانتهاء موضوع ندى كما أردت ، و كنت سعيدة بكون رابمون إلى جانبي بعد أن كنت أواجه مشاكلي وحدي و أحتفظ بآلامي لنفسي فقط ، حتى صديقاتي لم أكن أكلمهن عن جميع مخاوفي و أحزاني، ليس لأني لا أثق فيهن لكن لأني أعلم جيدا أن كلا منا لديه ما يكفي من الآلام و التحدث لساعات عنها لا يشفي الجراح ، لكني لا أعلم لما لا أتردد في البوح بكل شيء لرابمون حتى أنه يكشف حزني من عيناي قبل أن أنبس بكلمة .. ربما لأني أحب مساندته لي و مواساته لي ، تساءلت في تلك اللحظة كيف ستصبح حياتي حين يغادر ؟ هل سأتمكن من العودة للكتمان و الاعتماد على فسي كما تعودت ؟ أم أني سأتدمر كليا و أفقد طعم الحياة في غيابه ؟ .. نفضت ككل مرة الأفكار المريرة التي كانت تراودني و قررت تجاهلها .. و خلدت للنوم بعد أن أعدت قراءة رسائله مرات و مرات ..
أيقظني رنين هاتفي من نومي العميق المريح فأجبت دون تفقد من المتصل ..
- ألو ..
- أيتها الميتة ! هل تأخذين قيلولة أم سبات ؟
نظرت إلى اسم المتصل بعين واحدة مفتوحة ، لقد كان رابمون ثم تابعت :
- ماذا تريد ؟ لقد أيقظتني من حلم جمييل ! يا لك من مزعج !
- انزلي بسرعة نحن نشعر بالجوع سيصل الغذاء قريبا ..
- حسنا أنا قادمة ..
كان الأعضاء ينتظرونني في قاعة الطعام ، كان الماكنيز يلعبون لعبة ورق حجرة مقص و يقومون بضرب الخاسر على ذراعه ، بينما كان جين أوبا يحكي لهوبي عن إنجازه العظيم يوم اقتحمنا مكتب رئيس الخدم و يسرد له كيف أثار انتباه و إعجاب الخادمات و الشيف ليلى بغناءه و وسامته ، إنه لا يتوقف عن تكرار تلك الأسطوانة منذ ذلك اليوم ، أما فاطمة فكانت جالسة بجانب شوقا أوبا متكئين على الطاولة و يتابعان شيئا على هاتف شوقا أوبا ، كان يشرح لها شيئا بكلمات إنجليزية متقاطعة و يحدق فيها ليتابع تعابيرها المندهشة ثم يبتسم .. جلست بالمقابل لرابمون الذي كان جالسا لوحده يقلب هاتفه فهز رأسه و ابتسم لي ..
أحضرت الخادمات الغذاء فكن ينظرن إلى جين أوبا و يبتسمن له ، فأرسل لهن القبلة الطائرة فضحكن بخجل ثم غادرن بعد إعداد الطاولة ، كنا جميعنا في تلك اللحظة مندهشين بينما طأطأ رابمون رأسه و قال :
- آآه حقا .. هذا الهيونغ ..
تناولنا غذائنا بضجة كعادتنا نتحدث تارة و نضحك تارة ، أمضينا المساء في اللعب بأوراق اللعب و غادرنا للخلود للنوم بعد تناول العشاء باكرا استعداد ليوم عمل آخر ، خلدت للنوم بصعوبة بسبب القيلولة التي أخذتها صباحا ، و لكن لم ألبث أن نمت بضع ساعات حتى استيقظت مجددا ، كنت أتقلب في سريري أحاول العودة للنوم لكن الأرق لم يتركني ، نهضت من سريري و تفقدت هاتفي كانت الساعة تشير للساعة الثالثة ، كان ضوء القمر يخترق ستار النافذة الشفاف ، شعرت برغبة في رؤيته و شم هواء الليل النقي ربما قد يجعلني أعود للنوم ، وقفت و فتحت النافذة و عقدت ذراعي و أغلقت عيناي أزفر بقوة لأملئ رئتاي بهواء الليل المنعش ، فلفت انتباهي شيء غريب .. كنت أستطيع رؤية جزء من سيارة سوداء كبيرة مركونة في الساحة الداخلية للنزل ، لم تكن لسائقنا فنوعها كان مختلفا و حجمها أكبر .. أربما تكون تابعة للنزل ؟ لكن أضواء السيارة كانت مشتعلة ثم بعد ثوان أطفئت ، لكن لم يكن هناك أي صوت يدل على خروج شخص منها .. أحسست بالقلق .. ماذا لو كان سارقا ؟

الضائعة و الفرسان السبعة - الموسم الثالثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن