الفصل السابع

63 9 3
                                    

ظل فيليب يراقب ابتعاد الشابين عنه في ذهول ثم التفت الى الممرضة قائلاً:"ما الذي أصاب ذلك الشاب على الكرسي المتحرك بالضبط؟" ردت الممرضة حالاً:"نعتقد أنه تعرض لحادث سير مروع و الشاب الذي يرافقه هو من انقذ حياته و هو الان يتلقى علاجه في الجناح (ب)و يبدو أنه تحسن كثيراً"، فجأة لمعت عينا فيليب و كشف عن ابتسامة حيوية و عاد يدخل الى العيادة.
لاحظ سائق الأجرة أن الشاب فيليب صار أكثر هدوءً كما أن انفعاله زال لسبب ما و أصبح فجأة يوزع الابتسامات دون سبب، استغرق السائق طويلاً يحاول سبر أغوار الشاب الغامض ثم استسلم متنهداً و قام من مكانه و قال مخاطباً فيليب:"أظن أن جرحك قد تم الاعتناء به كما يجب لذلك أرجو أن تسمح لي"، وقف الشاب من مكانه بدوره لدى سماع كلام السائق و تقدم نحوه و أمسك بيده و هزها بإخلاص و قال بنبرة امتنان:"أقدر لك ما فعلته من أجلي سيدي، إني مدين لك أكثر مما تتصور، لقد وضعتني حيث كان من المقدر أن أكون و صدقني إن نلت منشودي هنا فستكون أنت من يسّر هذا"، ثم تنهد فيليب و استطرد:"أنا راضٍ عن مصيري و عن مآلي،أشكرك من أعمق نقطة من قلبي يا أداة القدر"، قطب السائق حاجبيه ثم تنحنح و أعلن:"على كل حال ذلك كان واجبي و أرجو أن تنال مرادك أياً كان"،استأذن و انصرف بينما استلقى فيليب و استرخى يفكر في خطط الليلة.

تقدم روبن في الرواق بينما يدفع الكرسي المتحرك و قبل انعطافه على يساره التفت خلفه للحظات ثم أكمل سيره باتجاه غرفة ماركو في صمت تام جعل ماركو ينتبه اذ التفت لروبن قائلاً:"هذا ليس من شأني لكني اكتشفت أنك حافظت على صمتك لأكثر من خمس دقائق متواصلة على غير عادتك" ابتسم روبن و قال فجأة:"هل تسمح لي أن أبيت هذه الليلة هنا يا ماركو" قطب الشاب المقعد ملامحه و قال:"ألست تفعل هذا طيلة فترة مكوثي هنا؟" رد روبن بتلقائية قائلاً:"لا، اخبرتك أني سائح لذلك أنا أنزل بفندق و أعود لغرفتي كل ليلة بعد نومك"، التزم ماركو الصمت للحظات محاولاً إخفاء دهشته و في نفس الوقت حاول أن يفهم دوافع هذا التصرف و ذلك ما أثار حيرته أكثر فأكثر ثم قال:"لست أمانع،كل منا مسؤول عن تصرفاته ثم إني لم اجبرك على المكوث معي يمكنك التسكع في إقليم الخريف بأكمله دون إذن مني"، همهم روبن موافقاً ثم أدخل ماركو الى حجرته.

قضى فيليب فترة الظهيرة و العصر في غرفة عيادة المشفى متشبثاً بحجته في أخذ قسطٍ من الراحة و قد لاحظ أن الممرضة تتردد على العيادة كل نصف ساعة و كأنها تحاول أن تتبين إن كان قد غادر الحجرة أم لا لكنه لم يكترث لأمرها على الإطلاق و أخذ يصب تفكيره على ماركو و كيفية الوصول إليه، وقتها كانت الشمس تنزلق نحو الغرب منذرة بدنو الظلمات و قد انتبه فيليب الى أن الحركة قلت كثيراً في الرواق بالتزامن مع إسدال ستار الليل ثم نهض من مكانه و هم بمغادرة العيادة و أخذ طريقه الى الامام يتوغل أكثر في مبنى المشغى واضعاً يديه في جيوبه طلباً لبعض الدفء، و في طريقه تذكر كالمعتاد زوجته بياتريس و إنما بإسهاب هذه المرة إذ رن صوتها في أذنيه و سمع ضحكاتها.

المغناطيس: الشظاياWhere stories live. Discover now