الفصل الثاني و الثلاثون

37 5 9
                                    


"كوب آخر يا فيليب ، لا اريد أن أنام في وجه العدو إذا صادفنا"، و رفع آندي الكوب المعدني في انتظار أن يمتثل زميله لطلبه، لكن فيليب قال بدل ذلك:" إنه الكوب الثالث يا آندي أليس كافياً؟"

قال آندي و هو يصوب فوهة كوبه باتجاه فمه لتنزل قطرة قهوة في حلقه:"هيا يا فيليب لا تكن لئيماً كوب أخير، إنه وعد"

"هذا ما قلته قبل أن اسكب لك الكوب الثالث أيضاً"، ثم لوّح بالابريق و أضاف:" لقد احتسيت كل ما بالابريق تقريباً بينما شربت انا و أوز كوبين و نصف، ظننت أننا لن نترك آثاراً على وجودنا هنا"

لفيليب بشرة سوداء داكنة و شعر متوسط الطول ينحسر عند جانبي جبهته و عينين صغيرتين و أنف مفلطح يتوسط وجهه العريض و شفتين ممتلئتين و في يسراه التي حملت الإبريق افتقر لإصبعه الخنصر.

قال آندي: "أخمد هذه النار"، ثم وقف من مكانه و أخرج من معطفه البني ذي الجيوب الكثيرة منظاراً و وضعه على عينيه و شرع يراقب برج الصرح الشاهق و المنتصب في قلب الغابة، و عندما لم يجد أن جديداً طرأ انحنى نحو فيليب و انتزع الإبريق من يده قائلاً:" أعطني هذا يا ابن الصيف "، و التقم قناة الإبريق بغمه و أفرغ كل ما به من قهوة في جوفه و رماه بعيداً.
قال أوز الذي كان يجلس مقابلاً لفيليب:" هل تظن أن ريكي و و جوزيف و لويس ما زالوا أحياء هناك؟ ".

خفض آندي المنظار عن عينيه العسليتين و رمق الشاب اوز ذو الشعر الأسود المجعد و الوجه الحليق و قال:" أظن أن الأجدر بك أن تسأل عن دانيال و صامويل و من معهما، لقد كان من المفترض أن يتصلوا... يبدو أن مكروهاً أصابهم "، ثم عاد ينظر عبر منظاره و أضاف:" بشأن الشبان الثلاثة، إن كانوا محظوظين فسيخرجهم ابن عائلة كاراكارغا في طريقه"

"ماذا إن وجهت لهم اسئلة بشأن الجهة التي ينتمون لها؟"

أخذ آندي يضيق عينيه و هو يراقب المبنى و أجاب: "كما يحصل دائماً يا أوز... كما يحصل دائماً... لا وجود لجماعة اسمها «معاطف الريش» إنه ليس إسماً رسمياً حتى، قد يقولون عن أنفسهم أنهم صائدو جوائز لكن لا شيء غير ذلك، ماذا كنت ستفعل؟"

"تعرفني يا آندي كنت لأنكر حتى النهاية... لكن لا استطيع توقع نفس الامر من غيري"

"الحذر و الشك مفيدان للمرء يا أوز و لكن انت هنا تشكك في ولاء رفاقك، ما الذي يجعلك متأكداً أنك ستحافظ على فمك مغلقاً لو كنت مكانهم؟ ولاؤك؟ أراهن أن هذا ما سيقوله ريكي أيضاً عندما يكون جالساً بنفس وضعيتك، الكلام هواء، و الآن هم تحت الاختبار، عندما تكون في مكانهم فكر في محل ولائك مجدداً"

"أنا ذراعك اليمنى و مكاني هذا وصلته بفضل إثباتي أني أهل ثقة، هذا أمر أعتز به"

"و لدي ثقة كبيرة في عدد من الاعضاء غيرك يا أوز لكني لا استبعد أن يخونني أي أحد، إن وجد عرضاً أكثر إغراءً فلمَ لا"، حكّ آندي ذقنه الملتحي و أضاف:" يوماً ما سأموت بسبب التقدم في السن، أو رصاصة في القلب، و عندها يمكنك أخذ مكاني و ستتاح لك فرصة تطبيق أفكارك عن الثقة و الولاء"، و منحه نظرة لا تعني شيئاً و رأى ابتسامة بأسنان بيضاء تشق ثغر أوز،و ذلك ما يحصل دائماً عندما يذكره بأنه سيتولى القيادة في مكانه يوماً ما، و أحياناً ينتاب آندي هاجس مشؤوم بشأن ذلك، قال أخيراً:" الى ذلك الحين ضع ذلك الإبريق و تلك الأكواب في جرابك، سنتحرك قليلاً"

المغناطيس: الشظاياWhere stories live. Discover now