الفصل الواحد و العشرون

38 5 0
                                    

استلقى أليكس في حيرة على السرير بينما يفكر في حقيقة ما حدث و كل تلك التساؤلات التي تغمر تفكيره حتى قطع إيفان حبل تفكيره بقوله: " معلمي هل من الحكمة ألا نعود للصرح الان؟ و لماذا نحن ننزل بنزل مهترئ كهذا؟ "، التفت اليكس مفكراً: من العار أن اخبره أن جثة أحد رجالنا قد اجبرتني على التراجع الى فندق نسيت اسمه حتى، لكنه حمل نفسه على الاجابة بكل ما أوتي من صبر فقال:"شعرت أن مسرح الجريمة ذاك ما هو الا خطة من احدهم، ان لدي شكاً في أن احدهم يطعننا في ظهورنا يا إيفان و القضية التي نحن بصددها هي الهاء صرف من طرفه و آمل أنني مخطئ"، لكن حتى لو كان على خطأ في تخمينه و لم يكن هناك خائن بينهم فسيكون بهذا قد فتح عليهم باباً من المجهول و قضية هي خارج السياق حسب اعتقاده و هذا ما يجعله يتشبث بإصرار بفرضيته الأولى و قد بدأ بالفعل في نسج و تطريز ثوب من التخمينات حول الشاب الوحيد الذي يعرفه بإمعان داخل اسوار "الصرح" و قد جسر عقله على البوح لقلبه باسم المتهم و قال مطرقاً بصوت هو أشبه للهمس: "روبرت".

تطلع روبرت بعينيه العسليتين الى اسيره الذي ظل قابعاً في حجرة استراحة رئيس المكتب التاسع لأيام. و بحركة من مقلتيه اعطى اشارة لهالك بمغادرة المكتب و عاد ينظر الى سجينه و قد تراقصت ابتسامة خفيفة على شفتيه الدقيقتين و أخيراً نهض من مقعده بتكاسل بينما تدلت القلادة المميزة من عنقه العتيد و تقدم ببطء نحو ضيفه حتى توقف امامه مباشرة و كأنه يحاول أن يكتشف ايهما اطول و لكن قامة روبرت تفوقت بفارق واضح فقد كان يفوق اسيره بعدة سنتيمترات، قال بنبرة ناعمة و انما قوية:" مرحباً بك في مكتبي يا ماركو "، رمق ماركو آسره بحدة رافعاً رأسه الى ملامح روبرت بعينين فارغتين و قد تدلت خصلات من شعره الفحمي بفوضوية على قسمات وجه السجين التي اكتسبها، لطالما حرص ماركو على الحفاظ على طول محدد لخصلات شعره و ذلك لأنها تنمو بسرعة شديدة ، فكان ماركو بعد ايام من سجنه يبدو اكبر مما يعلم حيث شق شعر لحيته طريقه الى ذقنه و انبثق شارب فوق شفتيه بوضوح فنضحت تعابيره بملامح رجولية صارخة و ما كان ماركو ليصدق هذا لولا رؤية انعكاس صورته في النافذة المقابلة و ادرك الان انه شاب على أبواب العشرينات تخلت قسماته عن كل مصطلح يمت للمراهقة بصلة ،تابع روبرت قائلاً: "لأكون صادقاً فأنا لا تعجبني النظرة الرمادية التي تحدجني بها.... اممم هل انت يائس الى درجة أنك ستواصل محاولة اخافتي مع علمك أني قد افعل هذا؟..."، و سدد لكمة عنيفة مفاجئة الى الجزء السفلي من بطن ماركو جعلته يتهاوى على ركبتيه باصقاً الدم و اللعاب على ارضية غرفة المكتب اللماعة لكنه لم يتفوه بكلمة و قد انتابه شعور غامض تجاه آسره فكان يشعر أن روبرت يحاول اخافته بجعله يظن انه من النوع الذي يعذب سجنائه و لكن ماركو قد تعب أيضاً من طرح أسئلة لن يحصل على اجابات عليها أبداً. زال ألم اللكمة و عاود النهوض، فارتسمت الابتسامة الجافة ذاتها على ملامح الرئيس التنفيذي للصرح و هذه المرة وضع يداً ناعمة على عاتق ماركو و اضاف بمرح:"يبدو أنك تشربت صلابة جدران" الصرح" بينما تقيم في احدى حجراته،كان غيرك ليبلل نفسه من شدة الرعب لمكوثه وحيداً منتظراً المجهول ، لكن ها انت ذا تقف امامي و ارى انك اكتسبت بعض الشعر في وجهك عن آخر مرة رأيتك فيها"، انهى جملته و هو يلف يسراه حول كتف سجينه بينما يتقدمان نحو باب المكتب و قال:"سأثبت لك أن هذا المبنى لا يعرف بتاريخه الدموي فحسب و ان كان هو الجزء الغالب لكن لديه بعض التفاصيل الوردية المملة و أهمها أننا عائلة هنا.... اوه اجل اجل كما سمعت لدينا الهواية نفسها و نعرف عن بعضنا اكثر مما نعرف عن غيرنا"، ظل ماركو متمسكاً بصمته بينما يجتازان الرواق الطويل المؤدي الى ردهة مسدسة الشكل فسيحة بعض الشيء و قد انتصب في كل زاوية حارس ببذلة سوداء مع مسدس مثبت الى الخصر بحيث يضع كل حارس يده على سلاحه تحسباً لأية مفاجآت. قطعا الرواق و مع اول قدم يضعانها في الردهة سمع روبرت يقول بنبرة لطف هامسة و هو يشير الى احد الحراس و الذي بدا ضخم الجثة قاسي الملامح:"الحارس على الزاوية اليمنى لهذا السداسي اسمه براندون، رغم ضخامته و وجهه المتوحش الا أن من المفاجئ أن تعلم أن له قلباً على يسار صدره"، ثم اطلق ضحكة مكتومة و تابع: "لا ينفك يتحدث عن زوجته ماتيلدا و عن براعتها في اعداد فطائر التفاح، لكن اتعلم امراً؟، لن اصدق حتى اتذوق واحدة  و قد وعدني بدستة منها عندما يحصل على اجازة"، ثم انتقل بعينيه الى الحارس التالي قائلاً: "و هذا هو حارسي المفضل بينهم يا ماركو"، كان روبرت يتجه نحو الرجل المعني بخطوات واسعة عندما انهى التفوه بعبارته. لف يمناه حول عنقه و استند عليه و اشار لماركو بالاقتراب و ابتسم ملء شدقيه مضيفاً:"جوناس اسمه و افضل جزء فيه انه لا يتحرك أبداً الى درجة أنني اشك أن لديه غريزة الجوع مثلنا"، ثم التفت الى جوناس و فرك رأسه قائلاً بمرح: "انت الافضل جوناس".

المغناطيس: الشظاياOnde histórias criam vida. Descubra agora