الفصل الخامس و العشرون

43 4 12
                                    

أخذت الأغصان الصغيرة المتناثرة و سيقان الأعشاب الهزيلة تتكسر تحت حذائه الصلب بينما يشق طريقه عبر الأدغال الكثيفة و ظلت ياقة معطفه المحاطة بالريش تداعب اوراق الشجر الدانية طيلة رحلة سيره خلال الغابة، كان الرجل الأربعيني يتقدم على شخصين آخرين يسيران خلفه بحرص شديد بغية عدم إثارة أية ضوضاء بينما يلتفتان على جانبيهما بين الحين و الآخر، كانت السماء مزينة بدرجات من البرتقال و ارتفعت خوازيق دخان من اماكن عدة و ساد الهرج المرج و الزعيق، لقد صارت الغابة الحالكة شبه مضاءة بسبب النيران التي شبت في جزء آخر منها و ذلك جعل طريقهم واضح نوعاً ما بفضل القنديل العملاق الذي اشتعل خلف الصرح.

بعد مشي طال وصل الثلاثي أخيراً الى نهاية بحر الاعشاب و الأشجار و عندها نطق أحد الرجلين المتخلفين: "آندي"، التفت آندي صاحب القبعة القصيرة و أومأ ثم ثبت عينيه العسليتين على المنطقة المكشوفة من الغابة حيث انتصب مبنى الصرح.
لاحظ بعض الرجال يظهرون ثم يختفون في الظلمات فقال:" هناك بعض الجرذان".

قال الرجال الذي يقف على يمينه:"لقد سمعنا صريرهم بالفعل"، "الجرذان" هو الاسم الذي تطلقه جماعة آندي على أتباع المنظمة و لاحقاً صار اسماً متداولاً على نطاق واسع في مجتمع صائدي الجوائز.

عاد يلتفت خلفه مجدداً و قال:"تذكرا، بنظافة و خفة، تلك هي طريقة معاطف الريش"، رفع اصبعين من يمناه و عدل قبعته و أضاف: "نحن لا نتدخل في شؤون العصابات، سننفذ مهمتنا دون أن يرانا أحد كما حصل في المرات القليلة التي تلقينا فيها طلبات من هذا النوع".

"ليس عليك أن تقول هذا في كل مرة نقوم بهذا" كانت تلك عبارة ألقاها الشاب الذي يقف على يسار آندي.

فرد الأربعيني:
"هذا ما يعنيه أن تكون من جماعة معاطف الريش، نتجنب الاهمال هذا ما نفعله،.   .   ."، ثم تطلع الى المبنى الشاهق و أضاف "ها قد دخل الجزار الى مجزره".

أخذ رجال الصرح يذرعون المنطقة خلف المبنى من حيث انطلقت الانفجارات و استمروا على تلك الحال لعدة دقائق، بينما وقف رجل بدا عليه من طريقة وقوفه و النظرات الصارمة التي يرمي بها رجاله بدا عليه أنه قائد وحدته، عينان حادتان صغيرتا الحجم و غائرتان في وجهه بعمق مع أنف أفطس و شفتان صغيرتان مضمومتان لبعضهما بحرص، جعل يمسح المنطقة من بوابة الصرح الرئيسية وصولاً الى حيث نشر رجاله للتفتيش، لقد كان الظلام حالكاً في الغابة المحيطة بالمبنى بعد أن أخمدوا النيران  فكانت عملية البحث تسير بوتيرة بطيئة باستعمال المصابيح اليدوية.

كان قائد الوحدة يقف عند البوابة الرئيسية عندما سمع خشخشة في الجهة المقابلة فأشار لاثنين من رجال و قال:" تفقدا ذلك الجزء من الغابة هناك، سمعت بعض الجلبة.   .   . قد يكون غزالاً أو أرنباً لكن وجب اخذ الاحتياطات"، أومأ الحارسين بينما يحكمان الإمساك برشاشاتهم بين أيديهم و تقدما بحذر نحو البقعة التي اشار لها رئيسهما، خطوة تلوى خطوة و بنسق منتظم وصلا الى المكان المنشود، و طفقا يمرران مصابيحهما اليدوية على الشجيرات و الحشائش مراراً و تكراراً، على حين غرة اندفعت سكاكين عسكرية من كبد الظلمة فاخترق أول سكين حلق أول حارس تقدم بتهور أما الثاني فقد استقر في منطقة القلب مباشرة فمات الرجلان في صمت.

المغناطيس: الشظاياWhere stories live. Discover now