الفصل الثامن عشر

50 6 1
                                    

تمشى إيفان عبر الرواق بينما يفكر بصوت عالٍ فأخذ يقول:"ستكون فترة مكوثي داخل هذا المبنى مزعجة و صعبة...سحقاً... لا أدري كيف استطاع معلمي تحمل شخص مثل روبرت"، توقف الفتى عن التحرك فجأة عندما سمع طرقات صادرة من غرفة استراحة رئيس المكتب التاسع فاقترب بحذر نحو مصدر الصوت و همس قائلاً:"من هناك؟"، فناداه الصوت:"المدعو روبرت يحاول قتل كل شخص هنا..... لست الشخص الوحيد الذي يجب عليه أن يخشى على حياته هنا!!"، انصت ايفان يإمعان و اندهش لما سمع فسأل مستفسراً:" ما الذي تتحدث عنه؟!"، تابع المتحدث كلامه محاولاً الحفاظ على صوته منخفضاً و قال:" لا وقت للشرح، لكنني سمعته يحدث رفيقه بهذا  ..... لقد سمعتهم يتحدثون عن مذبحة "، فكر إيفان للحظات في ما قاله الشاب خلف الباب ثم قال:"ألست الفتى الذي كان معلمي يبحث عنه؟ انت ماركو"، ثم تنهد و اضاف باستنكار:"انت تحاول زرع انشقاق بيننا لا اكثر"، عندها صرخ ماركو بغضب قائلاً:"اللعنة!،أنا في مأزق هنا و لو كنت احاول تخليص نفسي لفكرت في محاولة أكثر ذكاءً من هذه... لأكون صريحاً فأنا لا أهتم بمصير كل لعين هنا، يهمني أن اخرج حياً لدي والدة تنتظرني يا هذا،و إياك و الظن أني أحاول إستمالة عاطفتك... انت حر في تصديقي من عدمه لكنني سأكون سعيداً عندما أشهد اللحظة التي تقطعون بعضكم فيها"، أصبح ايفان على شفا حفرة من الوقوع في حفرة الاقتناع بسبب ما سمعه، و بعد تفكير دام لبرهة شعر أن روبرت من ذلك النوع من الاشخاص و جنونه قد يدفعه لأمر كهذا ناهيك عن النبرة التي يتحدث بها رئيسه اليكس عندما يذكر روبرت على لسانه و الاشمئزاز الذي يصاحبه، و في لحظة أخرى كره شعور التصديق الذي راوده، تراجع من شدة الدهشة و أخذ يسعى جاهداً للعثور على صوته ثم قال أخيراً:"سأعود لاحقاً".

تقدم هيروكيول بحيرة نحو كارل ثم نظر إلى زاك و قال:"من هذا الشاب؟ و كيف احضرته الى هنا؟"، وقف زاك من مكانه متجهاً نحو كارل المكبل بصمت و قام بنزع العصابة عن عينيه ثم قال:"قصة قصيرة....  لكنني لا ارغب في سردها"، رمق هيروكيول الأسير مجدداً دونما ابتسامة، ثم عدّل قبعته و انتظر زاك يتابع كلامه، و أخيراً أكمل الارستقراطي بينما ينزع الشريط من على فم كارل قائلاً:"لطالما راقبت كارل و قد اكتشفت انه تابع للشركة التي نحاول كشف خباياها"، لتفت هيروكيول مندهشاً مما سمعه و بقدر ذلك اصابه ذلك بتفاؤل كبير فانفرجت اساريره بإبتسامة عريضة، ثم اقترب من الاسير قائلاً بحماس:"لم ألتقي بفرد من المنظمة منذ سنوات، من تكون أيها الفتى؟ و ما الذي تعرفه عنهم؟".

" ما من شيء اندم عليه الان، ما سأقوله لن يحدث نقطة فارقة في حياتي "، قال زاك متهكماً:" هيا، لا تحاول أن تبدو شخصاً دراميا، اخبرنا بكل التفاصيل حتى الافطار الذي تناولته صباح اليوم "، ابتسم كارل بكآبة و تابع قائلاً:"عقدت صفقة مع تلك الشركة بعد ما تقطعت بي السبل و أصيبت شقيقتي الصغرى بحادث افقدها الاحساس بساقيها، و على أمل أن يعالجوها..." ثم صمت لبرهة ليستطرد بعدها: "...لا أقول أني نادم على انضمامي للمنظمة فلو شُفيت أختي على يدهم لاستمررت معهم،... بعد فترة وجيزة من انضمامي كُلفت بهمة الإمساك بماركو و في المقابل سيتم توفير علاج لها ليس هذا فحسب بل لن أدفع فلساً و أحصل على ترقية رغم أنه لم يمر على انضمامي وقت طويل، طبعاً كان هذا العرض مغرٍ خاصة بعد أن علمت أن الهدف يدرس معي في نفس المدرسة، لكني كنت اتساءل عما يجعل طالب مرحلة ثانوية بتلك الأهمية..."، توقف الذئب البني و قال مغيراً الموضوع،"بالاضافة الى تعاقدي مع الشركة قبلت أن أدخل في تجربة لحقن مادة المغناطيس في جسدي"، و توقف مرة أخرى متذوقاً مرارة ما سيقول ثم تابع:"لقد كنا سبعة عشر شخصاً، لم ينجو منا سوى اثنان لكن... انتحر الناجي بسبب عجزه عن تحمل الأعراض"، قطب زاك حاجبيه و قال:"هل التعرض للحقن خطير لهذه الدرجة؟!" أومأ الذئب البني ثم قال:"تختلف نسبة الخطورة من شخص لآخر، هناك من تنتابه أعراض خفيفة عند التعرض لضوء القمر و هناك من لا يتحمل جسده وطأة الأعراض فيتمزق نتيجة لذلك و هناك من يتحمل آلاماً فظيعة ثم يتقبل جسمه المادة في النهاية و تنتهي المعاناة و هذا ما حصل معي، و قيل لي ايضا أن هناك لا يعاني،... على كل حال لقد امهلوني مدة محددة و بإنقضائها اختطفوا شقيقتي"، تقدم هيروكيول و جلس على مقعد أمام كارل و قال:" أين هي شقيقتك الان؟"، أطرق الفتى رأسه بعد أن أحس بدموعه تتجمع عند جفنيه و قال بصعوبة:"أخذوها الى مكان يدعى الصرح"،انصدم هيرو مما سمعه لدرجة أنه لم يصدق كلام كارل لأول مرة فقال:"ما دليلك على هذا الكلام؟"
"توجد رسالة في جيب سترتي الأيسر إنها من توقيع رئيسي أليكس فينيرابيل"، مد صاحب المعطف الاسود يده مباشرة الى جيب كارل و استخرج الرسالة و وقف ثم عدّل معطفه، ثم أخذ يقرأ بتمعن حتى تغيرت ملامحه و استحالت الى دهشة و قال معلقاً:"على الأقل يمكنني تأكيد أن هذا الخط هو خط اليكس فعلاً، أفهم من هذا أنك تنتمي الى المكتب السادس عشر... إن كان ما تقوله صحيحاً فهذا فظيع حقاً، أعني أخذ اختك الى الصرح"، رد فالك بتلقائية على كلام هيروكيول:" من المفترض أنك أكثر من يعلم بأفعالهم"، تراجع هيروكيول بضع خطوات للخلف ثم نزع قبعته و مرر يمناه خلال شعره في حيرة.

المغناطيس: الشظاياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن