الفصل الثامن و العشرون

32 4 17
                                    

كانت يده تحكم إمساك المسدس بثبات منقطع النظير و لم تعرف الرعشة طريقها الى أصابعه، ذلك لأن زاك مستعمل أسلحة بارع فقد تلقى تدريبه على مدار سنوات من خبير الاسلحة الذي يشغله عنده ولا تقتصر براعة الفتى الارستقراطي في استعمال الاسلحة النارية فحسب فهو متمرس الى حد جيد في استعمال السكاكين و لديه تلويحة سيف أنيقة على حد تعبير معلمه، كما يتدرب زاك على تعلم فنون الدفاع عن النفس و كان قد أتم آخر درس قبل يوم من العملية ، منذ لقائه بهيروكيول أدرك أن عليه أن يستعد بشكل جيد لأي طارئ فعكف على تعلم كل ما يمكنه من أساليب و لعل نبوغه يمنحه الثقة لمواجهة مواقف كهذه.

ظل يركز بعينيه الحادتين على الصبي المطروح أرضاً أمامه و لم يلتفت للحظة للأربعيني صاحب الأعين الخضراء الذي يقف على يساره، فجأة سمعه يقول:"أحذرك يا هذا أنت تقف في منطقتي، تصرف أرعن منك سيكلفك حياتك".

سكت زاك لفترة يظن المرء فيها أنه لن يرد على تحذير محدثه حتى قال:"لا اعلم ما صلتك به، لكني أخذت فكرة جيدة عن قيمته"، ثم مرر يسراه في شعره و حك مؤخرة رأسه و أضاف:"من يكون يا ترى؟"، ثم سمح لنفسه بإلقاء نظرة على الرجل و عاد يركز على رهينته.

ابتسم الأربعيني بعصبية و تحسس مكان مسدسه و قال:"لا تلعب هذه الالعاب معي يا فتى، يمكنني أن... "

"أليكس فينيرابيل رئيس المكتب السادس عشر، رجل ذو نفوذ، مالك لعدد من الاراضي الخصبة في اقليم الربيع ، كثيراً ما يُرى معه مراهق في الخامسة عشرة، تجمعهما علاقة الاستاذ و تلميذه على الاغلب، ألا يجعله يشكل أهمية بالغة بالنسبة لك؟"

حدجه أليكس بنظرة طويلة ثم تحدث قائلاً:"من أنت؟"

"لنعقد صفقة تضمن بها سلامة تلميذك، أوصلني الى حيث تحتجزون ماركو و الطفلة و سأطلق سراحه"

"و ماذا بعد؟ كيف تتوقع أن تخرج من هذا المكان؟ هل فكرت في الأمر حتى؟"

"لديك أمور أخرى تقلق بشأنها غير خروجي حيا من هذا المكان"

تقدم أليكس قليلاً لكنه توقف عندما لوح الشاب ذو الأعين الحادة بمسدسه كعلامة تحذير، قال رئيس المكتب السادس عشر:"إليك الامر، أنت ميت في كلا الحالتين لو اخذتك لأعلى طابق ستصل لنهاية مسدودة، و لو قتلت الفتى الان فأنت تعلم ما سيحصل تالياً لذا..."

"هل تتحرق شوقاً لرؤية الفتى يموت امام عينيك؟ آسف لن احقق لك تلك الرغبة الان لكن قد يأتي موته كمرحلة أخيرة من يدري"، ثم رمقه بنظرة شوساء و أضاف:"يعتمد الأمر عليك"

"هل قتلت شخصاً من قبل؟"

تجاهل زاك سؤال الرجل و بدلا من الاجابة تقدم نحو الصبي الذي لم ينطق بكلمة واحدة منذ تقابلا، قرفص عنده و القى نظرة على وجهه الشاحب و هذه المرة خفض مسدسه لعلمه أن المدعو أليكس سيضع في اعتباره حياة تابعه و لن يقدم على ردة فعل خرقاء، كانت أعين الصبي تلقي بنظرة باهتة ترسلها أعين داكنة لا يُرى بؤبؤها، و عاد الارستقراطي يرفع عينيه العسليتين ناحية البارون و قد لاحظ أنه يحمل قارورة ماء في يده اليسرى و عندها قال:"يعاني الفتى من الجفاف"، ثم مد يده نحو الأربعيني و أضاف:"لا تريده أن يموت بأي طريقة كانت ناهيك عن موته من شدة الظمأ".

المغناطيس: الشظاياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن