الفصل السابع عشر

37 6 0
                                    

ظل صائدوا الجوائز ينتظرون المستلم بينما تململ ماركو من وقفته و ظل ينقل وزنه من ساق الى ساق كل بضع دقائق و شعر كما لو أن المستلم يتلكأ متعمداً و ذلك أعطاه فرصة للنظر من حوله و استكشاف المكان بعينيه. كان الشاب يقف بين الرجل الأشقر الضخم و الآخر الهزيل صاحب الطاقية بينما يتخلف البدين عنهم ببضع خطوات ، أياً كان من ينتظرونه فقد أجبرهم على الوقوف هناك لما يقارب ربع ساعة و مع كل دقيقة تمر كان هلع ماركو يزداد و انسابت قطرات عرق باردة شعر بها تنزل من رقبته حتى عضلات بطنه و حاول أن يكتم رعشة الخوف المصاحبة، أنا طالب في المرحلة الثانوية، مجرد طالب ما الذي وضعني هنا؟ أهو كارل؟ روبن؟، زاك؟ أم هيروكيول؟، من يعبث بحياتي؟أنا بيدق لصالح أي جهة؟.

و زال الترقب إذ لمحوا بعد لحظات شبح شخص يعبر بوابة المبنى و يتقدم باتجاههم حاملاً حقيبة في يمناه و يمشي بهدوء و عندما اقترب لمعت قلادة أرجوانية تحت شمس الغسق. لقد كان شاباً فتياً يرتدي سترة سوداء أنيقة فوق كنزة صوفية طويلة العنق و على رقبته تلك القلادة التي بدت لماركو أنها تحوي حجراً كريماً، أخذ يعبث بها بينما يتقدم بتؤدة و قال :"عمل عظيم، لم أتخيل أن ذلك قد يحصل سريعاً" ثم تقدم بضع خطوات أخرى و أضاف:"أدعى روبرت و انا مكلف بتسلم الشاب"، ثم رمى الحقيبة باتجاه الأشقر صاحب الندبة و ابتسامة لعوب لا تفارق محياه ثم قال:"هيا إدفعوا لي ذلك الشاب"، فجأة تحدث صائد صاحب الطاقية قائلاً:"مهلا انتظر! سنعد المال أولاً لنتأكد"
ابتسم روبرت و تقدم أكثر نحو الرجلين في ثبات و قد ارتسمت ابتسامة احتقار على وجهه و غير آبه بالأسلحة التي يحملونها و قال :"لو كنت أفكر في خداعكم لكنتم قد وقعتم في الفخ الان بالفعل ... أنا أدير هذا المكان لذا انتم في عريني"، ثم اقترب من ماركو المكبل و وضع يده على عنقه و عاد أدراجه مضيفاً :"هل تعتقدون أن سحقكم يتطلب تخطيطاً مسبقاً ؟ ...انقلعوا قبل أن أغير رأيي"، و بينما يخطو ماركو مبتعداً برفقة الشاب الماكر رأى في وجه صائدي الجوائز نظرات تردد ثم، و بعد لحظة تحركوا متراجعين الى الغابة، تطلع ماركو حوله بسرعة و في جزء من الثانية غافل روبرت و مد ساقه بكل قوته في ركلة عنيفة سددها الى بطن الشاب صاحب القلادة فسقط على ركبتيه، و ركض ماركو بكل سرعته محاولا الابتعاد قدر الامكان في الأدغال و في خضم ذلك مر بصائدي الجوائز الذين لم يأبهوا بهروبه و لم يحركوا ساكناً لإيقافه فأشعل ذلك تفاؤله، أخذ يجري بينما يسعى جاهداً لتوسيع خطواته ليقطع مسافة اطول في ظرف قصير، و لم ينظر خلفه بل استمر بالمضي قدماً، ظل يتفادى الأشجار و النباتات التي حاولت أن تمسك بساقيه و جعله يتعثر، في لحظة كان إندفاع ماركو يوازي خوفه، فظل يحث نفسه قائلاً: أركض! أركض! إذا اجتزت هذه الغابة سأنجو هيا!... لا تنظر للخلف! لا تنظر للخلف...  ستخسر وقتك و فرصتك و حياتك إن فعلت!، ركض و يديه خلف ظهره بينما ينحني للأمام حتى لا يعرقله غصن واطئ و يسقطه أرضاً، خلفه لم يسمع ماركو تذمر المدعو روبرت و رغم أنه أستغرب ذلك إلا أنه لم يلتفت خلفه ليتأكد.

المغناطيس: الشظاياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن