الفصل الرابع و الثلاثون

37 5 27
                                    

عند الجانب الخلفي من مبنى الصرح وقف روبرت على نتوء صخري موازناً جسمه عليه ببراعة بينما يراقب أعمدة الدخان ترتفع لتخترق عنان السماء فقال دونما ابتسامة: "ما رأيك يا هالك؟"، ثم التفت الى رفيقه ذو الشعر المجعد في دوائر و انتظر اجابة، إلا أن الأخير ظل ينظر ناحية البرج و اكتفى بهز رأسه علامة على النفي.

خلف رئيس المكتب التاسع وقف حراس نازينو الستة و قد كان كل واحد منهم يحمل حقيبة بلاستيكية واحدة على الاقل فيما حمل معظمهم حقيبتين، و تقدمهم الشاب يوهان الذي يناهز روبرت طولاً بجسم صحي خالٍ من الدهون و نظرة عسلية مرحة سرعان ما تتحول إلى نظرة قاسية عندما يتطلب الأمر ذلك، و أخذت تيارات هواء الليل الباردة تعبث بشعره الأشقر المنسدل و تغطي خصلاته وجهه القمحي ذا الفك المربع، و قد كان يرتدي سترة واقية و رشاش يتدلى من خلف ظهره، قال بعد صمت:" هل نحن على وشك القيام ببعض الاغتيالات؟"

أجاب روبرت: "في الحقيقة لا أعلم، أنا أفكر"، ثم التفت باتجاه هالك الذي كان يقف على يمينه و قال:" أحد أفراد عائلتك هناك يصارع الموت، ألا يهمك ذلك؟ "

شقت ابتسامة بيضاء ملامح هالك على غير العادة، و لكنها ابتسامة خالية من أي احساس، باردة كالصقيع، قال: "و كذلك أنت، شخص من أسرتك..."، ثم سكت.

أصدر روبرت قهقهة واطئة و أضاف:" ليس تماماً "، عقد يديه خلف ظهره بينما ما تزال عيناه تراقبان المبنى و قال مخاطباً الجميع:" هناك أشخاص غيرنا في هاته الغابة، على الارجح،... فرقة دعم خارجية وضعها هيروكيول تحسباً لتأزم الوضع... رجل ذكي"

قال أحد الحراس و من نبرة صوته بدا أحد التوأمين رالف أو رامزي: "ما هي أوامرك روبرت؟ هل نجهز عليهم؟"

رفع رئيس المكتب التاسع يده اشارة على معارضة الفكرة و قال: "لا حاجة لذلك، لست مهتماً،... إن انهار المبنى فماذا بوسع فريق الدعم أن يفعله غير انتشال الجثث و التعرف على أصحابها؟... لا تشغل بالك، ليسوا أعداءنا..."، أطرق قليلاً ثم قال ببطء:" أحتاج... أحتاج تسلق شجرة عالية... "

قطب يوهان ملامحه مستفسراً: "لماذا؟"

"حتى أحصل على زاوية جيدة اشاهد منها الانهيار... و حتى لا تشج صخرة ما رأسي بالطبع"

قال يوهان: "ما الخطوة التالية بعد الانهيار؟"

نزل روبرت من فوق النتوء الصخري و اتجه نحو الغابة ثم قال: "سنعود أدراجنا الى جزيرة «فورونيا»... احرصوا على ألا تضيع أي من تلك الحقائب"

أطرق يوهان ثم قال بحذر: "نعود؟ ... نعود الى هناك؟... أنت تعرف أن رجال أسرة كاراكارغا ينتشرون في ذلك المكان و ربما رجال غوردوست أيضاً، أليس من الخطر العودة الى الجزيرة؟ نحن لا نعرف ما ينتظرنا هناك حتى"

التفت اليه صاحب القلادة معلناً: "لا تشغل رأسك الأشقر يا يوهان، الوضع تحت السيطرة... كما آمل، الجزيرة هائلة الحجم و نحن ثلة، لن تعلم قوات كاراكارغا أننا هناك، أما بشأن قوات آل غوردوست، لن تطأ قدم أي رجل منهم شاطئ الجزيرة بدون إذن زعيم الأسرة العجوز كاراكارغا أوستروزني و هو ما لم يمنحهم إياه حتى الآن حسب معلوماتي"، سكت ثم عاد ليضيف:"فورونيا ... دعنا نعتبرها بمثابة دوقية لعائلة الغربان تلك، و نفوذها هناك يمنحها سلطة أفضل من غوردوست، تذكر أن آل كاراكارغا سكنوا تلك الجزيرة منذ القدم و لهذا هي تعتبر حقهم بالميلاد، و رودي شاب حذر جداً و لن يفعل ما من شأنه إشعال فتيل حرب دون داعٍ".

المغناطيس: الشظاياWhere stories live. Discover now