الفصل الثالث عشر

49 6 1
                                    

في أحد مطاعم الوجبات السريعة كان يقف رجل يرتدي معطفاً أسود طويل مع قبعة بنفس اللون، بدا هذا الرجل قد بلغ الأربعين من العمر فقد كانت ملامحه تنضح بالنضج. لحية سوداء تنساب على خديه بينما يقطعها شاربين عند طرف شفتيه مع بشرة قمحية، و شعر اسود طويل يتسلل إلى عينيه القرمزيتين حتى يكاد يغطيهما. كان ذلك الرجل يقف عند النافذة مستمتعاً بشمس الظهيرة تاركاً معطفه الفحمي يمتص دفئ الشمس ليسمح لجسمه بالاسترخاء و كان يحمل في يمناه كأساً من عصير التوت يحتسيه بتأنٍ و بينما هو سارح في خلوته سمع صوت فتح باب المطعم فالتفت ليرى من القادم . رن الجرس المعلق على الباب و الزائر كان زاك، تقدم قائلاً:"مرحبا"، رد الرجل بابتسامة:" أهذا أنت يا زاك؟ لم ارك منذ وقت وجيز"، ثم صمت لبرهة و أضاف بعد أن اكتسى وجهه بالجدية :" زيارتك تعني أن هناك مستجدات ...تفضل"، قالها و هو يتجه نحو باب موصد، ثم أخرج مفتاحاً من جيبه و قام بفتحه. خلف ذلك الباب كان هناك سرداب يؤدي إلى غرفة في نهايته، نزل الرجل و خلفه زاك و دخلا الغرفة ليغلق الرجل الباب ثم أشار للشاب بالجلوس قائلاً :" تفضل زاك... آمل أنك قد أحرزت تقدماً"، جلس ثم نظر إلى الرجل و قال:" هيروكيول ...إليك التالي ...سيزورك ماركو خلال الأيام القليلة القادمة"،كانت طريقة زاك في إخبار شريكه عن المستجدات مزعجة دائماً بالنسبة له ولا تسمح للأدرينالين بالتدفق تدريجياً و سرعان ما يفقد حماسه و يترك ذلك في فمه مذاق الخيبة لكن رغم ذلك كشف الرجل هيروكيول عن ابتسامة واسعة مشرقة معبراً عن سعادته العارمة على غير العادة، فما أتى به زاك ليس مجرد خبر عادي، إنه ماركو من سيزوره، كم مرة تخيل كيفية حصول ذلك اللقاء و كم مرة تخيل هيئة ماركو و صوته و لو أنه ما زال عليه أن يتخيل شكله و صوته لمدة إضافية حتى يحدد موعداً لزيارته، رد بحماس :"حقاً؟ هل نجحت في إقناعه ؟"، تنهد زاك ثم قال:" من محاسن الصدف أن الأمر قد تزامن مع حادثة اغتيال الطالب فلو جرى الأمر بغير هاته الكيفية لما وافق على أن يزور شخصاً لا يعلم عنه شيئاً"، ثم رمق صاحب القبعة السوداء و أضاف:"سيزورك في النهاية رغم أنه متردد"، مرر الرجل إحدى يديه التي تغطيهما الضمادات على عنقه المضمد بدوره ثم قال:"هل طرأ أمر آخر ؟"، وضع الارستقراطي ساقاً على أختها ثم أجاب:"يبدو أن شيئاً قد أثار رفاقنا، أنا أتساءل ما الذي حملهم للبحث عن ماركو في هذه الايام فقط و كيف علموا بشأنه اصلاً، قد يصبح كل شيء فوضوياً من أجل شاب في الثانوية"، ابتسم هيراكو بثقة قائلاً:"لا تبالغ...ليست الفوضى من صفاتهم"، حك زاك أنفه بطرف سبابته بينما ينظر لمحدثه قائلاً:"تعلم أن ظهور أحد أهدافهم هو  بمثابة تتويجٍ لجهود دامت لعقود"، أجاب هيروكيول مطرقاً:"قد تكون محقاً لكن أعتقد أن الأمور تحت السيطرة حتى الآن" ثم رفع رأسه باتجاه زاك و أضاف:"لا أراك تتصفح ذلك الكتاب هنا،ما السبب؟" بادله زاك النظرات دون ابتسام و قال:"هل أنا مضطر للإجابة على هذا السؤال؟"، ضحك هيروكيول و قال:"كلا!" رد الفتى بتلقائية:"جيد".

المغناطيس: الشظاياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن