الفصل السادس و العشرون

20 4 0
                                    

كان إيفان قد فقد الوعي للمرة الخامسة عندما توقف عن العد و قد بدأت دماؤه بعد فترة بالتخثر، و لكن بعد أن فقد الكثير منها و استحال جلده الناعم الى لون أصفر شاحب و بدأ يشعر بالخدر و البرد في أطراف أصابع قدميه، إنها أعراض فقدان غالونات من الدماء، فأصبح الصبي يهلوس دون أن يشعر، بالتزامن مع اشتداد شعوره بالبرد في قدميه: "هل هي الموت.   .   .أوه لم أكن أعلم أن الموت سيعيد شعوري بالتجمد ثانية"،" إنه البرد مجدداً، ظننت أني نسيت ذلك الشعور الى الأبد.   .   . و ها أنا ذا مرمي على قارعة منجم فحم ما.   .   . يا الهي سيكسر والدي ما تبقى من أضلاعي إذا لم أعد بمصروف اليوم.   .   . أنا آسف أمي، أنا متعب ولا أقوى على الحراك.   .   . "، و فقد فحمي الشعر وعيه مجدداً و ازداد لونه شحوباً.

استمر الفدائيون بالتدفق و التحلق حول أليكس و ما إن يردي حفنة منهم حتى تظهر أخرى و ذلك جعل التعب يدب في جسمه، لم يعتد رئيس المكتب السادس عشر قط على الدخول في معارك مع عدد هائل من الأعداء و الآن أخذ يشعر بشعور الرجال الذين يمتثلون لأوامره، دائما كان أخضر العينين هو من يراقب المشهد من مكان أعلى و نادراً جداً ما كان يقتل أحدهم بيديه، أما الآن فهو ينفذ أوامر مجهول يراقبه خلف الشاشات في مكان ما، مجهول يستطيع تخمين هويته بسهولة، أخذ يفرغ الذخيرة تلوى الأخرى و يلهث ملتقطاً أنفاسه مستغلاً فترة الاستراحة التي تمنحها له المجموعة التالية، لقد مرت حوالي ساعة من الزمن و هو على تلك الحال و قد توقع أن تابعه إيفان يمر بنفس الظرف، إنه غير معتاد على القتل بعد ولا يريده أن يعتاد على ذلك - قبل إندلاع هذه الأحداث كان في رصيد الصبي ضحية واحدة، لكنه الآن على الأرجح قد رفع رصيده هذا إذا لم تقتله إحدى تلك العينات، رغم ذلك لم يشعر أليكس أنه يقتل بشراً من الأساس، كان ضغط الزناد في وجه هذه المخلوقات يعطيه شعوراً أنه يقتل كلاباً مسعورة و ذلك منحه شعوراً أفضل نسبياً، أخذ ذهنه يتعبه بالتفكير بشأن إيفان، لقد تم تدريبه على التصويب بشكل ممتاز ولا احد في المكتب السادس عشر قد يختلف حول مهارة إيفان في استعمال الأسلحة ولا حول سرعة بديهته، لكنه لم يستطع قتل الهاجس المشؤوم الذي يراوده.

أخيراً فرغ رئيس المكتب السادس عشر من تصفية خصومه و وجد نفسه محاطاً بكتل من الأجسام و الدماء، لقد أحصى حوالي خمسين جثة بينهم أشخاص كان يعرفهم و وجوه مألوفة كان يراها بين الحين و الآخر، بشر مثله كانت لهم طموحات و احلام ربما و بالتأكيد مخاوف و رجاءات لكن ما يراه امامه الان هو وجوه شاحبة بأعين ميتة ، ما يهم أليكس الآن أن الطريق صارت سالكة و هكذا اندفع بأقصى ما تبقى له من جهد بحثاً عن تلميذه، لوهلة تمنى لو كانت لديه قدرة المغناطيس في جسده، عندها كان ليحدد مكان إيفان بسهولة، لكنه تذكر أنه قد أعطى حبة دواء لتابعه ليتمكن من إخفاء وجوده.

بعد عملية بحث قصيرة وصل الأربعيني الى مدخل رواق انتشرت فيه جثث الفدائيين فعلم تلقائياً أن هذا كان من عمل تلميذه و عندها انتابه شعور متضارب حيال ذلك المنظر، لكن قرر أنه ليس الوقت المناسب ليصبح شديد الانسانية، و هكذا اقتحم الرواق بحذر و قد خلى المكان من أصوات المعركة تماماً و هذا قد أثار قلقه - لا شك أنه يستريح بعد أن أبادهم - ذلك ما حاول أن يقنع نفسه به لكن ملامحه كذّبت ذلك تماماً، وصل الى نهاية الرواق و هناك يوجد تقاطع لعدة أروقة و هناك ايضاً و بين الجثث وجد صبياً مستلقٍ على بطنه وسط دمائه المتخثرة دون أدنى حركة.

المغناطيس: الشظاياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن