الفصل الرابع عشر

64 5 0
                                    

بعد خروج كارل من مكتب رئيسه بعدة ساعات سمع أليكس الباب  يطرق من جديد و قبل أن يعطي الإذن دخل الطارق مباشرة قائلًا :"معلمي... كيف حالك ؟"، تنهد أليكس بضجر واضعاً أصابعه بين عينيه و قال:"آه يا إيفان كم مرة علي أن أخبرك انه عليك أن تدخل مكتبي بعد طلب الإذن"ثم استطرد بعدما رأى الفتى يحمل مسدسه في يده قائلاً:"و لمَ تحمل ذلك المسدس في يدك هل تخطط لقتلي ؟"، ابتسم إيفان و تقدم نحو المكتب و وضع المسدس و هو يقول :"لقد أتيت بناءً على طلبك يا معلمي و بما أنك طلبتني ظننت أنه حان وقت عمل هذا المسدس"، تجهم أليكس و قال:"أنت لست قاتل و لن تصبح واحداً"، ثم استحالت ملامحه الى ابتسامة مشرقة عندما في وجه إيفان الذي كان بدوره يبتسم ابتسامة لطيفة تبرز حجم احترامه لرئيسه عكس التصرفات التي بدرت منه.

لقد كان إيفان فتى بين السادسة عشرة و الثامنة عشرة من العمر بملامح طفولية تنم عن البراءة،تكتسي فروة رأسه بشعر اسود فحمي ناعم كثيف مربوط بنهايته بشريط أصفر لتنسدل حزمة من خصلات شعره الطويل خلف ظهره، أما عيناه فكانتا واسعتان و تشغلان حيزاً كبيراً من وجهه و تحتويان حدقتين سوداوين سواد شعره المصفف مع أنف و فم صغيرين.

ظل أليكس يحدق في وجه تلميذه ثم قال :"إبقى في الجوار لمدة سبعة أيام و بعدها سأرى بما يمكنني تكليفك".

أخذ ماركو نفساً عميقاً و فكر ملياً في ما سيقوله لصاحب المعطف الأسود لأنه قد أدرك أن عليه التحدث بعقلانية ليتمكن من رؤية الأمور بشكل أوضح هكذا قال الشاب:"يقال أن الغايات تحرك الافعال لدى البشر، و عندما أقول غايات فأنا أعني بذلك منافع قد يحققها المرء لنفسه، لذا... "، توقف يرطب شفتيه ثم أضاف ببطء:"دعني استوضح أمراً ما يا... سيد هيروكيول...آمل أني نطقت الاسم بشكل صحيح، ما الذي ستجنيه من مساعدتك لي؟ و عن أي أهداف مشتركة تتحدث؟"، مرر هيروكيول يده على ذقنه الملتحي ثم أراحها على قبعته التي تستقر على المنضدة، تنحنح ثم قال :"حسناً ... لديك كل الحق في الحصول على أجوبة لأسئلتك، أولاً كنت في ما مضى  أعمل لصالح منظمة و تلك المنظمة كانت نفسها التي كلفت قاتلاً باغتيالك في الآونة الأخيرة، لقد أخذت مني الكثير، سأعفيك من التفاصيل، خلاصة كلامي أن هدفي هو تدمير تلك المنظمة "، قطب ماركو حاجبيه ثم نظر الى زاك ليتأكد إن كان هو الشخص الوحيد الذي لم يفهم و قال:"حسنا اوافقك أن ذلك الكيان قد استهدفني لكن ما الذي يجعلك واثقاً أني أشاركك تلك الرغبة؟... مهلاً لحظة، الأهم من ذلك هو طلبك أن نتعاون و تلك نقطة مهمة "، أجبر نفسه على الابتسام بينما يوشك أن يزدري نفسه و قال:"ما القوة التي سأضيفها لتحالفنا المنشود، أراك تخاطب طالباً في المرحلة النهائية من الثانوية و ليس ضابطاً في الجيش، آسف لكن يبدو أنك تخلط بيني و بين شخص آخر"، دار هيروكيول على عقبه ثم أشار لماركو بالجلوس قائلاً:"إجلس"، و انتظر حتى يجلس ضيفه ثم جلس بدوره و كوّر يديه معاً ملامساً انفه بواسطتهما و أطرق للحظات ثم قال:"لست الوحيد يا ماركو،... كل ما يسعني قوله الآن أنك ضمن قائمة من المطلوبين، الأمر معقد لشرحه، المنظمة تستهدفك و هناك سبب يقبع خلف كل هذه المهزلة، هناك شخص قد أوصاني أن أخبرك بكل شيء لكن شرطي هو أن تضع يدك في يدي، لذلك دعنا نبني تلك الثقة بيننا و عندما أتأكد أنك ستعمل معي عندها فقط سأجعلك تعرف من تكون و ما الذي سيقدمه لي تحالفك معي"، فجأة قال ماركو:"ما هو هدفهم ؟"
"تعمل المنظمة تحت غطاء شركة عقارات و تقوم بشراء أراضي هنا و هناك و هذا هو الهدف الظاهري لكن السر يكمن في ما تحتويه تلك الأراضي، ببساطة إنها تحتوي مادة المغناطيس، تشتري الاراضي، تنقب عن المغناطيس،تستعمله في عدة تجارب من بينها تجارب على البشر، كان من المفترض أن يكون هذا الأمر سري، لكن ليس بعد الآن"، شعر ماركو بحيرة نتيجة كل تلك المعلومات التي قذفت في وجهه، صمت هنيهة ثم قال:"ما هي مخططاتك؟"، رمقه هيروكيول و ابتسم فجأة ثم قال:"في الوقت الحالي أتريث و أترقب و أجمع المعلومات"، حك ماركو فروة رأسه بأطراف أصابعه و قال:"هناك أمر تفطنت له الآن فقط و قد سبب لي حيرة مزعجة"، رفع عينيه الرماديتين نحو هيروكيول بينما تقطران فضولاً و أضاف:"لماذا لا تنتابني قشعريرة في حضورك؟ كنت قد اعتدت عليها في حضور زاك و كارل، لا تقل لي أنها ستختفي بعد أن صارت جزءاً مني"، قهقه هيروكيول من كلام الشاب ثم مسح عينه اليمنى و قال:"قد يفاجئك هذا يا فتى، لكن أنا لا أحمل المغناطيس في جسدي و لهذا السبب لا تشعر بقشعريرة"، ثم تنهد و اضاف:"رباه، ارغب حقاً في اختبار شعوركم يا شباب"، التفت ماركو في حركة سريعة نحو زاك معلناً دهشته و قال:"لحظة! هل هو جاد؟!" كان زاك يجلس بينما يضع ساقاً على الأخرى في جلسة مريحة و لم يغيرها لدى سماعه سؤال ماركو بل اجاب دون انفعال:"الرجل أمامك"، نزع هيروكيول السيف الذي يعلقه على ظهره و قال بينما ينظر له بعناية:"لا أحمل قوة المغناطيس لكن هذا الشقي هنا يفعل"، لم يظهر لماركو شكل السيف بسبب أنه ملفوف بقماش أصفر و مربوط بإحكام عندها قال:"لماذا تغطيه هكذا؟"، اختفت الابتسامة من محيا صاحب المعطف الأسود اذ قال:"لأنه لا يمكن لأحد غيري لمس هذا السيف"، اندهش ماركو من غرابة ما سمع و حاول أن يستوعب بقوله:"ما الذي قد يلحق بي لو لمسته بطريقة ما؟"

المغناطيس: الشظاياWhere stories live. Discover now