الفصل عشرون

52 6 0
                                    

دخل كارل خلف خادم زاك الى قاعة الاستقبال المهيبة مطرقاً رأسه و كانت الحجرة دافئة كعش الطير فاستجابت بشرته لنفحة الهواء الدافئ التي عبقت بها الغرفة ،كان زاك يجلس في قلب القاعة على أريكة فاخرة مبطنة في جلسة مريحة بينما يقرأ كُتيبه و أمامه كان قد وُضع فنجان شاي اعتاد احتسائه قبل وجبة العشاء . جلس كارل على مقربة متأملاً ديكور الحجرة فألقى بعينيه على السقف حيث تدلت ثريات بلون أصفر فاقع ناثرة أنوارها في كل أرجاء القاعة كما لاحظ الأعمدة المغطسة بالزخرفات و النقوش التي التمعت تحت رحمة انوار الثريات سالبة أعين الذئب بني الشعر ، قاطع صوت زاك شرود كارل بقوله :"آمل أنك استطعت الإسترخاء كما يجب"، تبعثرت الكلمات في فم كارل لشدة تردده و أجاب بكلمات قليلة :" اجل ... شكراً ... أنا مسترخٍ بالفعل ..." كانت هناك كلمات أخرى حاولت الخروج في حيرة لكنه فضل الاحتفاظ بها . عمً الصمت لدقائق ليكسره كارل قائلاً :"لم تكن حياتي قبل أن أتورط مع المنظمة أفضل بكثير فكل ما حصلت عليه هو أب مهمل ، كانت شقيقتي هي عالمي ... كانت أحلامي بسيطة بسيطة جداً"، قال زاك من باب تحريك الحوار :"هل انت ناقم على هاته الأكثر"

التفت اليه الذئب مجيباً بنفاذ صبر:"لا يسعني ذلك مطلقاً،أنا أعيش من أجل أختي لا شيء غير ذلك، لا يمكنني أن أكره هاته الحياة أو انتقد طريقة سيرها فليلي تعيش بين ثناياها بعد كل شيء"،التفت اليه زاك رافعاً عينيه عن كتيبه و قال:"افهم من هذا أنك لا تخطط لمحاولة تغيير هذا الواقع"، أطرق الذئب البني و ركز نظريه على الأرضية و قال بتردد:"أنا... أنا خائف... أخشى بطريقة ما أن تزداد الأمور سوءاً... ليس هذا منطقي لكن عندما أفكر بشقيقتي ينتابني ذلك الخوف... الخوف من التحلي بالشجاعة الكافية لتحريك ساكن ثم يعطي ذلك نتائج عكسية، أنا خائف بقدر ما أنا مصمم على انقاذها"، أومأ زاك ببطء ثم قال:"الخطر يحدق بشقيقتك مسبقاً، لا ارى ما يجعلك تخشى شيئاً، أو ربما عليك أن تفقدها حتى تتعلم معنى كلمة شجاعة"،ارتشف من الشاي ثم عاد يقول:"كانت تلك عبارة غبية مني، حسنا، لست مخولاً لأخبرك ما هو صواب في هذه الحالة، انها حياتك فقط أدرها كما تشاء و انسى كل الهراء الذي سمعته مني عن الشجاعة"، أحس كارل أن تلك هي طريقة زاك في قول"إمضي قدماً" و على قسوة كلماته إلا أنه شعر ببعض التحفيز بين سطورها و هذا جعله يتسائل عن أي نوع من الاشخاص هو هذا الشاب،كانت طريقة حديث زاك عدائية منذ أول محادثة لهما و كم كانت تنضح بالحذر لكن هذه المرة استشف كارل بعض الإرشاد المغلف بالكلمات الوقحة رغم ذلك فقد كان واضحاً له أن الفتى الارستقراطي لا يكترث كثيراً بمصيره أو مصير أخته، رفع الضيف رأسه و قال:"أنا شاكر لك"، أغلق زاك كتيبه و وضعه على المنضدة المقابلة له و مد يده الى فنجانه و شرب ما فيه حتى القطرة الاخيرة ثم وقف من مكانه و قال:"إنه وقت العشاء.

في صباح اليوم التالي كان أليكس قد عاد الى الغرفة التي خصصها له المدير التنفيذي لمبنى الصرح مفكراً في ما قد يجده تلميذه في مسكن الرقم"ستة"،جلس يلتقط انفاسه متأملاً العتمة التي تجثم على الحجرة في تلك اللحظة كان ينتظر اتصالاً من ايفان لعلمه أنه بحلول هذا الوقت سيكون قد حصل على نتائج مهما كانت، لم يطل انتظاره حتى يتسنى له جلد ذاته بالذكريات فقد رن هاتفه ليحرمه من ذلك ، لمس زر الرد و رفع الهاتف عند أذنه باهتمام شديد و من الطرف الآخر خاطبته نبرة مرتعشة كان قد تعرف عليها و رد بصوت مرتفع:" إيفان بني ماذا هناك؟! ماذا حصل معك ؟!"، أجاب إيفان مع محاولة بائسة منه لإخفاء ارتعاشه  :"معلمي ! ...يجب أن ترسل محققاً جنائياً و طبيباً شرعياً حالاً أرجوك ..."، انقطعت انفاسه بعد تلك الجملة من شدة فزعه مما رأى ثم استجمع أنفاسه المتناثرة بصعوبة بالغة و أضاف :"هلا أتيت أيضاً برفقتهم سيدي ؟!"،هتف أليكس قائلاً:"أخبرني إيف!"
_"ارجوك عليك القدوم الى تشرين الثاني الآن لا ترد طلبي معلمي!".

المغناطيس: الشظاياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن