الفصل الحادي عشر

47 7 1
                                    

شعر ماركو بأن جسمه مخدر بالكامل من هول الصدمة كان الأمر أشبه بمزحة، حاول أن يقنع نفسه بأنها مزحة أو مجرد مقلب من أحد رفاقه الماكرين، و في خضم معركة الاستيعاب تلك كانت دماء غابرييل تتدفق بغزارة من الثقب الذي أحدثته الرصاصة في جمجمته.

لم يعد ماركو قادراً على سماع شيء في حين أن المكان كان صاخباً جداً بدا و كأن الزمن قد توقف بالنسبة له، و بينما هو على هاته الحال كان كيتارو يحاول بذعر و يأس شديدين في أن يجعل غابرييل يستيقظ بينما تتدفق دموعه بغزارة و لكنه كان يعلم أن جهوده من دون جدوى، شيئاً فشيئاً التف الأساتذة و الموظفون حول الجثة بينما لا يزال ماركو يحاكي عموداً خشبياً ببراعة.

فتح الشاب عينيه ليكتشف انه قد فقد الوعي و بجانبه كان كيتارو يستلقي على سرير في زاوية من زوايا العيادة المدرسية، نهض من مكانه و اتجه تلقائيا نحو الباب ليتأكد أن ما حصل قبل لحظات كان مجرد كابوس قد راوده لكن قبل أن يفعل منعه الممرضون و اجلسوه على مقعد بينما تحافظ قسمات وجهه على نظرة الذهول الجافة التي نقشت على ملامحه ،و أخيراً تحدث بكلمات قليلة قائلاً :" مــ...... ماذا حدث ؟ ليخبرني أحدكم!"

أجابه أحد الممرضين بأسف:"يؤسفني أن أؤكد أن ما رأيته قد حصل بالفعل . لقد أصبت بصدمة كبيرة و كان تنفسك غير منتظم" ، تحدث ماركو بينما يوجه عينيه نحو الأمام: "كم مضى من الوقت ؟"، القى الممرض نظرة خاطفة الى ساعة يده ثم قال:" خمس ساعات ، لقد غادر جميع الطلاب و أغلقت المدرسة أبوابها إلى أجل غير مسمى بسبب الحادثة . إن كنت تشعر ببعض التحسن فسنعيدك إلى بيتك أنت و صديقك".

ظل ماركو يسترجع تفاصيل الحادثة في عقله في محاولة منه للاستيعاب و لكن أعصابه لم تحتمل فأفرج عن صرخة مدوية شرحت بالتفصيل سوء حالة ماركو النفسية، فقام أحد الممرضين بالترببت على كتفه و هو يقول في نفسه :"يا لها من صدمة ليتحملها شاب مثلك"
أما كيتارو فقد كانت حالته أقل سوءاً لسبب ما ربما لأن الحادث لم يمسه بشكل مباشر و لم يشعر أنه المستهدف من خلاله بل أنه كان يغبط نفسه في اعماقه لكونه لم يمسه أذى، أقترب منه ممرض و سأله قائلاً :"هل يمكنك النهوض"أجاب بصعوبة:
"نعم أظن ذلك"
" يجب أن تعودا إلى البيت و تأخذا قسطا كبيراً من الراحة"، ظل كيتارو يراقب صديقه الذي يبدو أنه خارج التغطية تماماً و كأن الممرض لم يتحدث،كان الفتى الأشقر يشعر بالتشويش و الحيرة حيال ما سيحصل أو ما سيفعله، بين لحظة و أخرى أصبح وقع الحياة صعباً و معقداً، إنه سعيد بنجاته لكن ما زال يشعر أن ما يحصل أكبر منه بكثير.

لقد كانت تلك المرة الاولى لكيتارو التي يرى فيها ماركو زميله بتلك الحالة،و هذا ما جعل الرعب يدب في نفسه إذ أحس أن أحدهم يستهدف صديقه و لوهلة وجد نفسه يفكر في روبن و نظراته المريبة الى ماركو، رغم ذلك فقد بدا له ذلك الاحتمال مُغرق في الغباء،لقد صاحب شروده موجة عارمة من عدم الإرتياح و الرعب الشديد الى درجة أنه حضن نفسه بشدة بينما يشعر بقلبه ينبض في حلقه،و لم يخطر في باله وقتها سوى فكرة العودة الى والديه.

المغناطيس: الشظاياDonde viven las historias. Descúbrelo ahora