مستشفى جامعة جورج تاون
هيا تجلس على كرسي في الممر
تبكي بصمت وهي تكرر:
إنا لله وإنا إليه راجعون
وباكينام تجلس إلى جوارها ودموعها تنساب بصمتمشعل أنهى بعض الإجراءات
وعاد لهيا وهو يميل عليها ويهمس:
هيا.. أنا أبي جوازاتكم عشان الحجزهيا بنبرة غارقة في الحزن: أي حجز؟؟
مشعل بمساندة: للدوحة عشان نرجع الوالدة ندفنها
ونسوي عزاها في الدوحةهيا بحزن مرير: مافيه داعي مشعل مافيه داعي
أمي موصيتني من أيام ماكنا في بريطانيا
وحتى عقب ماجينا أمريكا
إنه المكان اللي تموت فيه تندفن فيه
كانت تقول الأرض كلها أرض اللهأنت قبلنا هنا بسنين
شوف لها مقبرة مسلمين ومسجد يُصلى عليها فيهباكينام تؤيد كلام هيا: فعلا ماما حصة كانت دايما بتقول
الحته اللي أموت فيها ادفنوني فيهامشعل تنهد
وهو يجري اتصالاته بالسفارة وبنادي الطلاب القطريين
وبسعيد وبأصدقائه وبإمام المسجد
استعدادا للصلاة عليها ودفنها بعد تغسيلها
الساعة 6 صباحا
طوارئ مستشفى حمدناصر يصل بأم فارس للطوارئ
وجدا سعد واقفا في الممر
والمستشفى مزدحم من كثرة الضباط
فكل من كانوا في عملية المداهمة
أصروا أن يبقوا حتى يطمئنوا على فارس
الذي كان الوحيد الذي أصيب في عملية المداهمةسعد توجه لأم فارس وهو يبتسم ويقول لها:
أبشرش الدكتور الحين طلع من غرفة العمليات
ويقول إصابة بسيطة في كتفه وطلعوا الرصاصة خلاص..أم فارس تنتحب بخفوت: تكفون أشوفه..
ناصر بحزم: الحين بأوسع لش درب يا خالة..
ناصر توجه للضباط المتجمهرين أمام الباب
وسلم عليهم وتحادث معهم قليلا
ثم ابتعدواكان فارس في غرفة الاستراحة
دخلت أمه وناصر وخاله
ما أن رأى أمه حتى ابتسم وهو يتحامل على نفسه ليجلس
سارع له ناصر ليساعده وفي ذات الوقت طبع قبلة على رأسه
وهو يقول له: سلامات سلامات خارجن من الشر
وش لك يا الملقوف بشغل المداهمات أنت وكيل نيابة
قر في مكتبك الله يرضى عليهلم يكن ذهن فارس مع ناصر
فعيناه كانت على المخلوقة الغالية الأثيرة خلفه
بعينيها الدامعتين الظاهرتين من فتحات نقابها
وهو يبتسم ويقول: والله إني طيب يمه
اعتبريها من أيام الهدود اللي أنتي خابره
يوم كل يوم أجيش مفلع.. دمياني تصب
أمه اقتربت منه واحتضنته بحنان وخفة حتى لا تؤلمه
وهي تقول وعبراتها تخنقها: كبرت يأمك كبرت وماعاد قلبي يستحملسعد بمرح: هذا هو طيب يا بنت الحلال وأمشي خليني أرجعش للبيت
وأشوف عيالي.. خليتهم بروحهم في البيت ما عندهم إلا أبو صبري
YOU ARE READING
اسى الهجران
Romanceرواية قطرية بقلم أنفاس قطر يومٌ خريفي بارد.. برودته الخافتة المرتعشة تسربت بحدة موحشة للروح قبل الجسد إنها واشنطن دي سي.. أواخر شهر سبتمبر..شهر الخريف المرير تقلبات الأجواء.. واصفرار الأشجار.. ووجع الغربة وآه يا وجع الغربة.. ما أقساها على روحه الحر...