٢٨

12.9K 190 16
                                    

مستشفى جامعة جورج تاون
هيا تجلس على كرسي في الممر
تبكي بصمت وهي تكرر: 
إنا لله وإنا إليه راجعون
وباكينام تجلس إلى جوارها ودموعها تنساب بصمت

مشعل أنهى بعض الإجراءات
وعاد لهيا وهو يميل عليها ويهمس:
هيا.. أنا أبي جوازاتكم عشان الحجز

هيا بنبرة غارقة في الحزن: أي حجز؟؟

مشعل بمساندة: للدوحة عشان نرجع الوالدة ندفنها
ونسوي عزاها في الدوحة

هيا بحزن مرير: مافيه داعي مشعل مافيه داعي
أمي موصيتني من أيام ماكنا في بريطانيا
وحتى عقب ماجينا أمريكا
إنه المكان اللي تموت فيه تندفن فيه
كانت تقول الأرض كلها أرض الله

أنت قبلنا هنا بسنين
شوف لها مقبرة مسلمين ومسجد يُصلى عليها فيه

باكينام تؤيد كلام هيا: فعلا ماما حصة كانت دايما بتقول 
الحته اللي أموت فيها ادفنوني فيها

مشعل تنهد 
وهو يجري اتصالاته بالسفارة وبنادي الطلاب القطريين
وبسعيد وبأصدقائه وبإمام المسجد
استعدادا للصلاة عليها ودفنها بعد تغسيلها
الساعة 6 صباحا
طوارئ مستشفى حمد

ناصر يصل بأم فارس للطوارئ
وجدا سعد واقفا في الممر
والمستشفى مزدحم من كثرة الضباط
فكل من كانوا في عملية المداهمة
أصروا أن يبقوا حتى يطمئنوا على فارس
الذي كان الوحيد الذي أصيب في عملية المداهمة 

سعد توجه لأم فارس وهو يبتسم ويقول لها:
أبشرش الدكتور الحين طلع من غرفة العمليات
ويقول إصابة بسيطة في كتفه وطلعوا الرصاصة خلاص..

أم فارس تنتحب بخفوت: تكفون أشوفه..

ناصر بحزم: الحين بأوسع لش درب يا خالة..

ناصر توجه للضباط المتجمهرين أمام الباب
وسلم عليهم وتحادث معهم قليلا
ثم ابتعدوا

كان فارس في غرفة الاستراحة

دخلت أمه وناصر وخاله

ما أن رأى أمه حتى ابتسم وهو يتحامل على نفسه ليجلس
سارع له ناصر ليساعده وفي ذات الوقت طبع قبلة على رأسه
وهو يقول له: سلامات سلامات خارجن من الشر
وش لك يا الملقوف بشغل المداهمات أنت وكيل نيابة
قر في مكتبك الله يرضى عليه

لم يكن ذهن فارس مع ناصر
فعيناه كانت على المخلوقة الغالية الأثيرة خلفه
بعينيها الدامعتين الظاهرتين من فتحات نقابها
وهو يبتسم ويقول: والله إني طيب يمه
اعتبريها من أيام الهدود اللي أنتي خابره
يوم كل يوم أجيش مفلع.. دمياني تصب
أمه اقتربت منه واحتضنته بحنان وخفة حتى لا تؤلمه
وهي تقول وعبراتها تخنقها: كبرت يأمك كبرت وماعاد قلبي يستحمل

سعد بمرح: هذا هو طيب يا بنت الحلال وأمشي خليني أرجعش للبيت
وأشوف عيالي.. خليتهم بروحهم في البيت ما عندهم إلا أبو صبري 

اسى الهجران Where stories live. Discover now