٦٣

16.5K 225 39
                                    

القاهرة
بيت طه الرشيدي

كان يوسف يجلس مع الجدتين
واستطاع بكل براعة السيطرة على انتباههما والفوز بإعجابهما
كل ما احتاجه مجرد بضع شحنات من الإشادة بالإيرلنديين والأتراك
وبوبي ساندز (ثائر إيرلندي شهير) من ناحية والسلطان عبدالحميد من ناحية أخرى..
وثقافته الشاسعة أتاحت له أن يتحدث مع كل واحدة منهما في خصائص تاريخ شعبها
بالتأكيد لاحظ بذكائه أن فيكتوريا أكثر تقبلا له
لذا زاد جرعة تمجيد الأتراك وأيام حكم العثمانيين ليستولي على إعجاب العجوز الأخرى

ومضى له مايوازي الساعة وهو مع العجوزين
فهو صلى الظهر في المسجد المجاور لبيتهم
ثم قدم مباشرة
لم يجد طه وسوزان
وعرضت عليه فيكتوريا أن تنادي باكينام لكنه رفض
وقال إنه اليوم قادم للتعرف على أروع سيدتين في العالم
جدتا باكينام اللتان حدثته كثيرا عنهما
(بالتأكيد هو لم يقصر مطلقا خلال الساعة الماضية في إقناع العجوزين
بعمق علاقته بباكينام)

وهو في حديثه معهما أقتحمهم صوت مرح:
صباحكم نادي

وقف يوسف من باب الذوق للترحيب بها
ليصدم بإحدى أجمل صدمات حياته
شلال ذهبي متموج ينحدر إلى أسفل كتفيها بقليل
بالتأكيد هو توقع أن من لها هذه البشرة البيضاء والعيون الموغلة إخضرارا
أن شعرها لابد سيكون فاتحا
ولكن اكتمال الصورة على الطبيعة كان موجعا لقلب عاشق مثله
وهذا اللون المشع كسلاسل ذهبية كان مبهرا لعينيه

باكينام ارتبكت بعنف
تناولت حجابها وارتدته على رأسها كيفما اتفق
لتبقى خصلها تتناثر من الأمام والخلف

صفية كانت أول من تحدث: تعالي بت باكينام
واد يوسف من زمان هينا.. تعالئ اقعد جنبه

(يا ســــــلام
أدي اللي كان نائصني
إزا أنّا شكلها راضية عليه أوي
يبقئ فيكي هتبوس في إيديه دلوئتي)

باكينام اقتربت.. قبلت جدتيها
ثم توجهت للجلوس بجوار فيكي الأبعد مكانا عن يوسف

لكن صفية نهرتها بحزم: بت باكي تعالي سلمي على جوزك واقعد جنبه
أنتي مش سامعاني أول مرة؟؟

باكينام قامت لتنفيذ أوامر صفية..فهي تعرفها جيدا..
وهي لا مانع لديها من زجر باكينام أمام الناس كطفلة صغيرة إذا لم تنفذ أوامرها..
كعادة الأتراك الأجلاف الذين قد يبدون في كثير من الأحيان جاهلين في أصول اللياقة
وأخر ما تريده باكينام أن يتشمت فيها هذا اليوسف

اقتربت منه.. مالت عليه
بالكاد ألصقت خدها بخده
إقناعا لجدتها أنها سلمت عليه
ولكن هذه الحركة كانت كافية لصعق يوسف وشد أوتار قلبه المشدودة أصلا
أولا رائحة عطرها الخفيف الناعم
ثم ملمس خدها الزبدي على خده الحشن
وهي تهمس بصوت مسموع واحترام مصطنع: إزيك يوسف؟؟
ثم تجلس جواره

اسى الهجران حيث تعيش القصص. اكتشف الآن