٩٢

14.2K 214 17
                                    

واشنطن
بيت يوسف
غرفته تحديدا

مازال الاثنان يجلسان على الأرض
باكينام تسند ظهرها للحائط.. تحتضن ساقيها المثنيتين وتدفن وجهها بين ركبتيها وتبكي
بكت كما لم تبكِ طوال عمرها
ويوسف كان يجلس جوارها وهو يمدد ساقيه الطويلتين 
وينظر أمامه إلى اللاشيء وصوت بكاءها يمزق أوردته وينثر دماءها

لم يعلما كم مضى عليهما من الوقت وهما على هذا الوضع البائس المحزن
وكلاهما غارق في أساه وبحر مشاعره المتلاطم الأمواج

كان يوسف أول من تحرك وهو يحرك جسده ليجلس جوار بكينام بشكل معاكس وهو يثني ركبتيه ويلصق قدميه بالحائط
ثم يمد يديه ليرفع رأسها
حاولت أن تقاومه بشدة ولكنها لم تستطع منعه وهو يرفع وجهها إجباريا
وتغرق عيناه في بحر عينيها الخضراوين التي أصبح بياضهما إحمرارا موجعا
وخطان لا يتوقفان يسيلان على خديها
وأثر كفه بدا شديد الوضوح والاحمرار على صفحة خدها الثلجي

ثبت وجهها بكفيه ثم همس لها من قرب بنبرة شديدة العمق ومغرقة في الوجع:
أنا بحبك يا باكينام

انتفضت باكينام بعنف وشرايين قلبها تتهاوى وهي تسمع اعترافا لم تتوقع أنها قد تسمعه يوما
الاعتراف المستحيل وجعا وألما وشجنا
الاعتراف الذي حلمت به وتمنته.. وظنته حلما بعيدا المنال
هاهي تسمعه من رجل حياتها وبنبرته الموجعة

ولكنها سمعته في وقت متأخر... متأخر جدا
ربما لو كان اعترف لها بمشاعره من قبل.. لكانت اعترفت بعشقها له وأنه الرجل الأول والأخير في حياتها
ولكن الآن.. لا.. لا
لا..
لا..

اقترب أكثر وهو يهمس بعمق أكبر ويشدد احتضانه لوجهها حتى لا يسمح لها بإبعاد عينيها عن مدى عينيه:
أنا مش بحبك بس
أنا بعشئك.. باتنفسك..
كل نبض في ئلبي ليكي
وكل نئطة دم اسمك مكتوب عليها

حاولت باكينام أن تهرب من كلماته التي لا تريد سماعها.. تتأخر للخلف 
لولا أن الحائط احتجزها
ووجهها الساكن بين كفيه مثبت بين أنامله
قرب وجهه من وجهها ليمنعها من محاولة الهرب وليغمره بقبلاته
لكنها حينها بدأت بالصراخ: لأ.. لأ
الوش اللي ضربته ما تحلمش ترجع تبوسه

يوسف وضع يده على فمها وهو يهتف بحزم: باكي ما تفضحيناش في ستاتك

باكينام أزالت يده بغضب: هو أنته هامك فضيحة وإلا غيرها
لحد هنا وكفاية يا يوسف
ليلة جوازنا واحنا لسه في مصر لما شديت شعري.. 
ئلت لك لو مديت إيدك عليا تاني
هاخربها وائعد على تلها.. ولا يهمني بنت دبلوماسي ولا ابن عمدة
واديك الليلة مش مديت ايدك بس
اديتني بالألم على وشي ومن غير سبب
خلاص خلي ستاتي يعرفوا كل حاجة.. لأنك الليلة هتطلئني هتطلئني
يوسف يتجاهل كل ماقالته ويهمس بعمق موجوع:
ليه ما ئلتيليش إن الراجل اللي كنت بتزوريه يبئى ابن عمة صاحبتك؟؟
هان عليكي تعزبيني بالشك كل ده؟!!

اسى الهجران Where stories live. Discover now