١٠٢

17.2K 195 19
                                    

بيت فارس بن سعود
الساعة التاسعة والنصف مساء

سيارة فارس تتوقف في الباحة قادما من المستشفى.. فهو حلف على خاله أن يعود لبيته.. فهو ليس مريضا ليبقى مرافقا معه
وحينما خرج خاله..شعر بالتملل.. فاستأذن الطبيب في الخروج ووعده أنه لن يتناول شيئا حتى موعد الفحص التالي الذي سيكون في السادسة صباحا
وأنه سيعود قبله.. لأنه يريد النوم في بيته

وهاهو يدخل البيت.. ينادي والدته.. ثم يتذكر أنها لابد في بيت خاله
فيقرر أن يتركها الليلة تبات عندهم.. تتحدث مع مريم وسعد وأولاده
فهي تعبت من الوحدة
وآه من الوحدة التي كُتبت عليه
وتغلغت في روحه بعيدا حتى عن مجرد الأمل في حبها!!

يصعد للأعلى بخطوات هادئة.. يصل لباب غرفته..
ليُفاجأ أن الباب موارب والمفتاح معلق في الباب من الخارج
(من سيجرؤ على دخول غرفته في غيابه وغياب والدته؟!!
أ يعقل أن تكون واحدة من الخادمات؟!!
حتى عندما ترتبن فإن والدته تبقى معهن حتى ينتهين
فكيف تتجرأن على الدخول الآن؟!!)

لذا صرخ بغضب وهو يدخل الغرفة : من اللي هنا؟؟

العنود فُجعت.. صُدمت.. انتهت من الحرج
وهي تتمنى أن تنشق الأرض لتبتلعها..أن تتلاشى
عيناها امتلئت بالدموع ويكاد يُغمى عليها من الخزي والحرج
كيف ستبرر وجودها له؟!!كيف؟!!
ستهرب..
ستهرب دون أن تنظر له حتى
ولكنها لم تستطع التحرك من مكانها حتى لتهرب... قدماها متصلبتان مغروستان في عمق الأرض
تحاول التحرك وقدماها يبدو كما لو كان الدم توقف عن الجريان فيهما.. فهي تأبى الاستجابة لها
بقيت واقفة متصلبة في مكانها بين فتحتي الدولاب وهي تشعر كما لو ضلفتي الدولاب تتقاربان لتطبق على كل أنفاسها

فارس تجاوز الصالة لغرفة النوم وهو يصرخ بغضب أشد:من اللي هنا؟؟

لاحظ الدولاب المفتوح فتوجه ناحيته وهو يخشى أن هناك ما سُرق
وأكثر ما يخشى عليه هو أغراض العنود.. فالعنود لم تأخذ شيئا من مجوهراتها ولا ساعاتها

وقف أمام الدولاب المفتوح بكل غضبه
لِـ
لِــ
لِــــ
ماذا يسمي مارآه بين فتحي الدولاب؟!!
معجزة؟!!
أعجوبة؟!!
دعوات أمه؟!!
رضى ربه عليه؟!!
كانت مفاجأة صاعقة.. لم يتخيلها ولا حتى في أشد أحلامه جموحا
المفاجأة الأعذب في تاريخ حياته وخارطة تكوينه
وجد سارقا كما توقع..ولكنه السارق الأروع والأجمل.. السارق الذي سرق قلبه واستولى على روحه ليرتحل بهما للبعيد

كانت العنود تقف بين دفتي الدولاب كطفل مذعور
عرقها يتصبب بغزارة على جبينها ..وشعرها المشعث يلتصق بجبينها وعنقها
حلقها جاف.. وعاجزة حتى عن ابتلاع ريقها لترطيبه ولسانها المتخشب يلتصق بقاع فمها
دقات قلبها تتصاعد بجنون متوحش..
تدعك أناملها وهي تضم يديها لصدرها الذي يكاد يتمزق من فرط ارتعاش ضلوعها
عيناها تنظران للأسفل..
وهي تدعو الله في أعماقها بكل الوجع واليأس أن ينقذها من هذا الحرج الذي سيقضي عليها
تكاد أن تذوي حرجا كمجرم أجبرته مرارة الحاجة أن يسرق للمرة الأولى فيمسكونه بالجرم المشهود

اسى الهجران Where stories live. Discover now