p:37

992 91 128
                                    


فوت وكومنت 🤍

...

F.B

طَرِيقٌ موحِل، بيُوتٌ رثَّة تَكادُ تَقع فَوقَ رؤوسِ مالِكيهَا، أطفالٌ تتراوَحُ أعمارُهم بينَ السَّادِسة وَالعاشِرَة يبتكِرونَ بَعضَ الألعَاب بالحَصا وَالحِجارَة كَي لَا يشعُروا بالنَّقص وَالحُزن كَونُ آبائِهم لَم يتحمَّلُوا تكلِفَة شِراء الألعَاب لهُم

طِفلَةٌ ذَاتُ عَشر أعوَام تجلِسُ علَى عتَبَة منزِلِها تنظُرُ لِثوبِها العَتِيق بِحسرَة، ترمُقُه بِعَينَان زُجاجيَة تُحاوِلُ أَن تتخيَّل أنَّ الجَواهِر وَالتَّطريزَات هِيَ مَا تُزيِّنُ ثوبَها وَليسَت تِلك الثُّقوب وَالرُّقَع لكِن ..

" كمَا يبدُو أنَّ الفُقرَاء لَا يمكِنُهم الدَّفع لمخيِّلتِهم كَي تعمَل " تَمتمَت وَضمَّت ساقَيها لصدرِها كَي تقدِرَ علَى إخفَاءِ نَهرَيها المُنسابَين عَن أعين الفِتيَة الَّذينَ سيُضايِقونَها إِن رَأوهَا كمَا كُل مرَّة

لقَد عَلِقَ مِفتاحُ مِنزِلها بالبَاب وَلَم يشَأ التَّحرُك فاضطرَّت للإنتِظَار بمكانِها حتَّى تَعودَ والِدتُها مِن العمَل كَي تكسِرَه لِتهرُب لِغرفتِها المشترَكة مَع أمِّها فَتبكِي بخزانَتِها كمَا تَشاء دُونَ إحرَاج

مرَّت ساعَة علَى ذاتِ الحَال، تلوَّنَت السَّماء بِألوانِ الغُروب وَكانَ هَذا التَّغيُر الوَحيد الَّذي طرَأ علَى تِلك المنطِقة، دَقائِقٌ أُخرَى قَد فَنَت لِيتفاجَئ أبناءُ الحَي مِن دُخول سيَّارَة فارِهَة لمنطِقتِهم البالِيَة

وَقفَت تِلك السيَّارَة أَمام منزِل تِلك الطِّفلة لِترفَعَ الصَّغيرة بصرَها باندِهَاش، لقَد خطَرَ ببالِها تِلك القصَّة حيثُ يأتِي الأَمير لِينقِذَ تلك الفتَاة المسكينَة فَتكونُ هِيَ أميرَته وَزوجته المستقبليَة لكِن ..

وَحينَ رَأت أَنَّ امرَأة هِيَ مَن نزَلَت تَلاشَت أحلامُها وَارتَخَت بِحُزن لتَعودَ لكئابتِها وَضيقِها تُفكِّر بقساوَة حالِها فِي حينِ تأمُّلها لتِلك المرأة الأنيقَة الَّتي نزلَت مِن أكثرِ السيَّارات نَظافَة وَفخامَة

تِلك الصَّغيرَة تظُن أنَّ مَن يمتلِك سيَّارَة هُوَ مِن أغنى الأغنِياء وَما وَصلَ تفكيرُها لهَذا الحَد إلَّا بعدَ أَن رَأَت وَاستَمَعت كَثيراً لسُكَان هَذا الحَي وَكيفَ يحلُمون بامتِلاك هذِه الأشيَاء كمَا لَو أنَّها بعيدَة المَنال كَثيراً

" هِيَ جميلَة، ثِيابُها لَا تحتَوِي أيَّ ثُقب بتاتاً ! شَعرُها مُرتَّب وَحِذاؤُها لامِع وَتِلك الحقيبَة الَّتي تُمسِكها بيدِها تَبدُو .. غالِية كَثيراً، هَل يُمكِنني شِراء واحِدة يوماً مَا ؟ إن عمِلتُ بجُهد ؟ " تساءلَت وَأمالَت رَأسَها بابتِسامَة حزينَة تحوَّلَت لثُقب تَفاجُؤ حينَ نزلَت أُمُّها مِن سيَّارَة تِلك السيِّدة !

أَسْوَد || 𝗕𝗟𝗔𝗖𝗞Where stories live. Discover now