p:50

1.1K 100 173
                                    


فوت وكومنت 💙

...

12:30

سَوادُ اللَّيلِ قَد سادَ وَطغَى بالفِعل، التَهَمَتِ الظُّلمَةُ بِلاداً وَقُلوباً وَلَو شاءَت ؟ أرواحاً وَأجساداً قَد غلِبَهُم الضُّعف فِي وِحدَة اللَّيل المُوحِشة، سَماءٌ داكِنَة السَّواد شَكَّلَت غُيومُها أمواجاً رَماديَّة عَنِيفَة

اشتَدَّت دَكانَتُها تَخنِقُ كُلَّ صاحٍ يتأمَّلُها بِرَغبَةٍ عارِمة فِي رَفعِ رايَتِه البَيضاء، حَدَقاتٌ دامِعَة وَقُلوبٌ صارِخَة مَحرومَة مِن إفراغِ مَا ينهَشُها، عُقولٌ يائِسَة وَمُكتَظَّة تتصفَّحُ بَشاعَةَ يَومِها وَهِيَ تدرِي بِكَم يَقتُلُها مَا تفعَل

تَرَى العَتمَة وَالهُدوء قَد سَكَنا المَدينَة، سَكينَة زائِفَة تحمَّلت القُلوب عدَمَ كسرِها، صِياحٌ غَيرُ مرئِي لَا تسمَعُه سِوَى الأشبَاح وَلا يَراه البَشَر سِوَى فِي تَساقُط الأجسَاد وَتعلُّق الرِّقاب

أَنوارٌ قَليلَة هِيَ المُضاءَة فِي الشَّوارِع تُرشِدُ التَّائِهين لدِيارِهم كمَا تُرشِدُهم للخَلاص، لَافِتاتُ المَتاجِر قَد توقفَت عَن بَعثِ ألوَان النِّيون الفاقِعَة وَرُؤوسُ مَالِكيها قَد استَقرَّت فوقَ الوَسائِد يتخلَّونَ عَن مَسؤوليَّاتهم البَغيضَة حتَّى إشرَاق قُرص الصَّباح

إنَّهُ مُنتَصف اللَّيل، الوَقت المِثالِي لمُراجَعة صَفحات اليَوم سَطراً بِسَطر، تِلك السَّاعَة المِثالِية لِقضَاء وَقت بِمَعزلٍ عَن البَشر وَلرؤيَة مَا لَم نقدِر علَى رؤيتِه فِي تَسارُع الأحدَاث وَغُموض التَّصرُفات

يَجلِسُ علَى كُرسيٍّ بِجانِب النَّافِذة، يُريحُ صدغَيْه النَّابضين علَى الزُّجاج البارِد فِي غُرفةٍ مُظلِمة يُنيرُها ضَوءُ القَمر، بُندقيَّتاه تُراقِبَان السَّماء بكُل تمهُّل يتعمَّقُ بتَفاصِيلِها مُلهِياً ذاتَه عَن سُطور يومِه المَأساوِية

أرَادَ حذَف هَذا اليَوم وَبشدَّة مِن حَياتِه أَو سَكب قارورَة حِبر داكِن علَيه كَي لَا تَكونَ هُنالِكَ فُرصَة وَلو ضئيلة لِتذكُّره، كانَ يَوماً ثَقيلاً وَلَا يُهضَم قضَى مُعظَمَ وَقته مُنعزِلاً مَعَ ذاتِه فِي غُرفتِه

لَزِمَ بيتَه وَلَم يفكِّر حتَّى بتعدِّي عتَبَتِه لِما تبقَّى مِن هَذا اليَوم حتَّى لَا يُضطَر لإكمال الأحدَاث المشؤومَة الَّتي سَتُقام فِي صفحَة أُخرى تعكِّر علَيه مِزاجه أكثَر

وَها هُوَ قَد بدَأ صفحَة اليَوم الجَدِيد بِمَشاعِر متبعثِرَة مُرتَبِكة تُنذِر بِسُوء السَّاعات القادِمة، بدَت المَشاكِل فِي ذروَتِها وَكمالِها تتكدَّس بشَقاوَة وَتتجمَّع فِي هَذا اليَوم مُنذُ بدايَتِه ..

أَسْوَد || 𝗕𝗟𝗔𝗖𝗞Where stories live. Discover now