p:49

1K 81 93
                                    


فوت وكومنت 💛

...

حطَّت قَدمَاه فوقَ أرضِيَّة ذلِك المَمَر الكَئِيب مُجَدداً، يَنظُرُ للأرضِيَّة البيضَاء بِحَسرَة وَمعِدتُه لَم تتوانَى بِتَقدِيم بَعض الألَم وَالتقلُبَات لَه، أحاسِيسٌ مُركَّبَة هَجمَت عَليه تفترِسُه بِشَراسَة

تَعضُه بأنيابِهَا وَتَرى دِماءَه وَهِيَ تقطُرُ شَيْئاً فَشيئاً تُذيقُه ذاتَ الألَم، أحَسَّ بالجُدرانِ وَهِيَ تَضيقُ عَليه وَبالطَّرِيقِ يُمسِي أطوَلَ فَأطوَل، تَثاقُلُ أنفاسِه وَصوتُه الدَّاخِلِي المَرعُوب مِن تِكرارِ الذِّكرَى بَانَ أَثرُهُمَا علَى تَعالِيمِه المُصفرَّة

رَجَا قَدَمَيْه ألَّا تَصِلَا لِوَهلَة، لَحظَة ضُعف تَركَت لِسانَه يَدعُو بأمَل أَن يُصَبَّ علَيه كَأسُ مِياهٍ بارِدة تُوقِظُه مِن بَشاعَة هَذا الكَابُوس لكِنَّ الواقِع دائِماً مَا يَكونُ هَكَذا، حَقِير، مُؤلِم وَلَا يَمِيلُ لِتوقُعاتِنَا

يَنظُرُ للأضوَاءِ وَهِيَ تُومِضُ بتَقطُّع، أَلهَته تِلك الأَخيرَة عَن عدِّ خُطُواتِه مَا جَعلَ التَّفاجُؤ يَصفَعُ تَعابيرَه حينَ وَجَدَ البابَ بِمُقابِلِه، تأمَّلَه لِدَقائِق قَليلَة وَطَوِيلَة كَطُول لَيلَة كامِلَة مِن لَيالِي الشِتَاء

تَشبَّعَت أُذُنَاه بِصوتِ النَّحِيب وَالعَوِيل المُتسرِّب مِن لَوحِ الخَشَب أَمامَه مازادَ مِن تَرَدُدِه، خَطَى خُطوَة للخَلف وَغاصَ بأفكارِه، لَم يَعتقِد يَوماً أَن يَكونَ فَتحُ البَاب أصعَبَ مُهِمَّات يَومِه

استَدعَى أسوَأ الإحتِمَالَات الَّتِي يُمكِنُ أَن تَظهَرَ أَمامَه حِينَ يعبُرُ للدَّاخِل فوَجَدَ مَا أفزَعَه بينَ تكدُسَات تِلك السينَاريُوهَات، لَامَ تَايهيُونغ علَى تركِه فِي وَقتٍ عَصِيب كَهذا

كانَ قَد قَررَ تَسلِيم هذِه المُهمَّة لِشَخصٍ أقوَى مِنه لكِن تبيَّنَ أنَّهُ الأقوَى بينَهُم فتُرِكَ لِيُعانِي، تَرَكُوا مُقلَتاه تَنظُر لأبشَع المَناظِر وَأكثرِهَا قسوَة، أيسَرُه لَا يُطِيقُ النَّظر لِجُثث أُخرَى تُصيبُه بالأرَق ليلاً

تِكرارُ المَشاعِر أمرٌ لَا رغبَةَ لَه بِه، رُؤيَةُ الضُّعفِ وَالذُّبول أَو سَماعُ نُواح القُلوب وَهِيَ تُعتَصَر ليسَ هَدفاً يطمَحُ إلَيه، النُّوَاح وَالعَوِيل وَتَساقُط قَطرَات الوَجَع يُرعِبُه بالتَّخيُل فكَيفَ بلِقائِه مُباشَرة ؟

أَخَذَ يستَنشِقُ هَواءً متشبِّعاً بِعَبِير المُعقِّمَات يُطفِئُ شُعلَةَ الخَوف بداخِله فَلَا مغزَى مِن وُجودِها، نَفَخَ علَى تِلك الشَّمعَة فَزادَ لَهيبُها تُعانِدُ رَغباتِه الشَّديدَة بإنطِفائِها

أَسْوَد || 𝗕𝗟𝗔𝗖𝗞Where stories live. Discover now