p:19

1.5K 134 33
                                    



فوت وكومنت 💚

...

أشرَقت الحَياة مُجَدداً ..زُرقةُ السَّماء، ألحان العَصافِير، ألسِنَة الشَّمس تَطرُق النَّوافِذ كأُمٍّ غاضِبَة تَشتعِلُ بِمُحاوَلة لإيقاظ صِغارِها مِن نَومٍ قَد طَال، بيَاضُ الأرض وَزِفافُها لَم ينتهِي بَعد، بُرودَةُ النَسمات لَم تترُك بُقعَة الأرض هذِه بَعدَ بَل تَنوِي الإستِقرار لِشهرٍ آخَر أَو اثنَين

يُعجِبها أَنْ تكُونَ سبباً فِي انتِشار الأحضان الدافِئَة ..الأيدي المُتعانِقَة، الأصابِع المُتشابِكة، تَبتسِمُ ببراءَة حِينَ ترَى الجَوارِب المُقلَّمَة وَطبقَات المَلابِس عَلى الأطفال المُتورِّدين

الطُّرُقات مازَالَت خالِيَة وَالبُيوت سَعيدَة لِجمعِ سُكانِها أخيراً بَعدَ شُهورٍ طويلَة مِن الافتراق وَالوحدَة، المَدافِئ تتذمَّر تُطالِب باستِراحَة بَعدَ العمَل لِأسابِيع طويلَة دُونَ أخذِ قِسطٍ مِن الرَّاحَة 

هُنَاك ..حَيثُ ذلِك المَنزِل المُحاط بِجدار مُعتَّق يحمِي بداخِله سُكانَه مِن أيِّ دَخِيل ينوِي أذى لِأحبابِه، مَنزِلِ يحمِل بَينَ طوابِقه غُرفَة بارِدَة مُظلِمَة تَعُودُ لِبندُقي الخُصلَات لكِنَّ جسدَه لَم يكُن مِن ضِمنِ مُحتَواها

تَبكِي تِلك الغُرفَة بِصَمت فَرفيقُها لَم يَعُد مُنذ اللَّيلَة الماضِيَة ..لَقَد شهِدَت عَلى شِجار عَنيف بينَه وَبينَ عَسليَّة العُيون وانتهَى الأمرُ بإطلاق تِلك الجُمل القاسِيَة مِن لِسانِ مالِكها

" فلتَخرُجي مِن هُنَا وَإِن رَأيتُكِ مُجَدداً حَولِي أُقسِم سَتندَمين سأجعلُكِ تَرينَه بأسوَأ حَال ممكِنَة سَتموتينَ ألماً وَتَرين كَم أَنتِ عاجِزَة عَن الوُقوف ضدِّي ! "

استاءَت تِلك الجُدران ممَّا صدَر مِنه وَودَّت لَو لَها لِسانٌ تُعاتِبُه بِه، لَقَد رأَت كَيفَ ارتدَّ جسدُ الضَّعيفَة بَعدَ دفعَة عَنيفَة تلقَّتها مِن الهائِج ..رَأت كَيفَ ترَكها تتلوَّى أَرضاً بألَمٍ أصابَ ذِراعَها، رَأت عسليَّتان دامِعتان مَكسوَّتان بالحَسرَة وَلِسان يَشكُو للإله

مازَالَت بارِدَة بعيداً عَن دِفئ جَسدِه، إنَّ قَلبَها قَد تَركَها وَلَم يعُد، ذهَب بعيداً لأقصَى الممرَّات حَيثُ تِلك الغُرفَة بِبابِها الخَشبِي الأَبيَض الَّذي يضُمُّ وراءَه جَسدين أحدُهمَا غارِق بِنومِه وَالآخَر بذكرَياتِه..

أَسْوَد || 𝗕𝗟𝗔𝗖𝗞Where stories live. Discover now