p:39

1K 100 238
                                    


فوت وكومنت 🖤

...

جَسدٌ مَرميٌّ فوقَ السَّرِير، أطرَافٌ مُهمَلَة وَشِفاهٌ مُنطبِقَة، فُؤادٌ مُتَشتت وَذِهنٌ ذُو أفكارٍ مُتَزاحِمَة، لقَد انتَهَت الحَرب وَاحتَفلَت القُلوب إلَّا أنَّ مَن تجرَّعَ الدَّمَ وَالخَوف بَقِيَ صامِتاً ينظُرُ للجُثَث الَّتي صادَفَته حينَ عَادَ لِديارِه بِنظرَة خاسِرَة

دقَّاتُ قَلبِه تُمسِي سَاكِنَة، تَضرِبُ صدرَه بِوَتيرَةٍ بَطيئَة إلَى أَن يَتذَكَّر فَتتصادَمَ أفكارُه وَيغضَبَ قَلبُه وَترتَطِم أسنانُه ثُمَّ تتَلاشَى طَاقتُه فَيعُودُ ساكِناً

عَينَاه الميِّتَة الخامِلَة المُحمرَّة تَدفَعُ بِكرستَالاتِها بَعيداً، تَنسابُ علَى صِدغَيه تُلقِي تحيَّةً ثُمَّ تستَقِرُّ فوقَ وِسادتِه تَمنَحُها بُقَعاً غامِقَة كَي تتميَّزَ عَن بقيَّةِ أخواتِها المَوجودَات

يُقَالُ أنَّ الدُّموع هِيَ كلِمَات عجِزَ اللِّسان عَن الإفصَاحِ بِها وَعجِزَ القَلب عَن التَّخلِي عَنها، وَيُحكَى أنَّ لِكُلِّ قَطرَة نذرِفُها قصَّةً تَختبِئُ خَلفَها، فَكَم حِكايَة أرَادَ هَذا الفَتَى أَن يَروِيَها علَى مَسامِعِ أحَدِهم ؟

إنَّ الجُدرانَ هِيَ السَّامِع الوَحيد لِقصَّتِه وَلَو كانَ لَها لِسانٌ لاعتَذَرَت لَه وَلَجَثَت علَى رُكبَتَيْهَا خُضوعاً فَحِكايَتُه فَازَت علَى طُوباتِها مِن ناحِيَة القَسوَة ..

لَم يتخيَّل أنَّهُ وَبيومٍ مَا سَتتعارَكُ أحاسيسُه فِي حَربٍ دامِيَة لَن يَتضَررَ سِوَاه فِيها، حَربٌ بينَ الفرَحِ وَالنَّدَم وَقَد لُمِحَ الغَضَبُ وَهُوَ يتسَللُ جارَّاً الخَيبَة وَالضِّيق مَعه لِساحتِها

بَدَى تائِهاً لِتِلك البندقيَّتان اللَّتان تَختلِسَان النَّظَر مِن شقِّ البَاب الرَّفِيع، كانَتَا تتلهَّفان لِرؤيَة تِلك الغمَّازَة المُتربِّعة علَى خَد الغُرابِي إلَّا أنَّ الأَخيرَ قَد قَررَ حِرمَانَ الجَمِيع مِن الإحتِفَال بِه

قَررَ حَبسَ السَّعادَة بعيداً عَن قلبِه فحِينَ صَحَى وَوعِيَ علَى مَا افتَعلَه صَعقَته الصَّدمَة وَهزَّت لَه كَيانَه، حينَ سمِعَ أنَّ والِدَه سَيُحبَس لِتِلكَ المُدَّة الطَّويلَة شَعَرَ بالنَّدَم وَالذَّنب تِجَاهه لِحدٍّ جعَله يفكِّر بالتَّنازُل عَن كُل شَيء !

كَمَا أنَّ وَجَعاً كَبيراً يَطعَنُ أيسَرَه فِي كُلِّ مرَّة يتذَكَّرِ فِيهَا أنَّهُ تَسبَبَ بِسَجنِ أُخت الشَّخص الَّذي دَافَعَ عَنه بكُل جُهدِه، يَظُنُّ أنَّ تَايهيُونغ سيَلومُه وَسيَكرهُه فِي حينِ أنَّ الآخَر يعتقِدُ أنَّ الأصغَر سيَكرَهه كَذلِك لأنَّ اختُه قَد سَبَّبب لَه جُرحاً عَميقاً لَن يلتَئِم

أَسْوَد || 𝗕𝗟𝗔𝗖𝗞Where stories live. Discover now