p:1

6.2K 319 140
                                    



ملاحظة مهمة عزيزي القارِئ :
' اقرأ هذه الرواية بقلبك '

...

إنَّهُ دِيسَمْبر مُجدداً، الشَّهرُ الذِي سيَشهدُ علَى كُلِّ شَيء مُنذُ بِدايتِه، سَيكُونُ بِدايَةً مُشوِّقة للمَأسَاة، الألَم الفِعلي، ورُبَّما المَوتُ البَطيء؟ هُوَ تِلك الورَقة الأخيرَة فِي تَقوِيمِ السَنَة وَالَّتِي تكُونُ دائِمًا الأكثَرَ بِهتانًا وَظُلمَة

لقَد انتَظَرَ دِيسَمْبِر طَوِيلاً وَهاهُوَ دَورُه قَد حَان لِتنفيذِ مُخَططاتِه !

هَذَا الشَّهر هُوَ الشَّهر المِثالِي الَّذِي يُفضِّلُ عامَّة البَشَر التَّهرُبَ مِن جَداوِلِ أعمالِهِم فِيه وَتقضيَة أيَّامِه فِي جُحورِهِم هرَبًا مِنَ البَردِ القارِس إلَّا هُوَ

بَرْدٌ قَاسٍ يُحيط بِه، بُخارٌ يَتَصاعَدُ مَعَ كُلِّ نَفَسٍ يُطلِقُه، ثَلْجٌ أَبْيَض يَتَساقَط تَزامُناً مَعَ هُطُول دُموعِه الْحارَّة، أَنْفٌ مُحْمَرٌّ لَطِيف لكِن ذلِكَ الإِحمِرار عَلَى وَجْنَتِه لَمْ يَكُن كَذَلِك !

يَضُمُ رُكْبَتَيْه لِصَدْرِه فِي مَكانٍ لَا يجِبُ التَّواجُد فِيه فِي هَذا الطَّقْس المُثلِج، لكِنَّهُ وَجدَ أَنَّ حَديقَةَ منزِلِه هِيَ مَلاذُهُ الوَحِيد فِي هَذا الوَقت المُتأخِّر، وَعلَى الرُغمَ مِن الصُّعوبَة الَّتِي وَاجهَتْه فِي طَريقِه إلَيهَا إلَّا أنَّهُ وَ بِإصرارِه وَصَل إلَيها بِسَلام

رَفَع كفَّه البَارِدَة يتلمَّسُ خدَّه المَصْفُوع بِخَيبَة وَ وَجَع عَظيمَيْن، أَيسَرُه قَد أُصيبَ بِسَهمٍ مُباغِت مِن والِدتِه لِيُمسِي أَلَمُه مُضاعَفًا ،لَا أَحَدَ رَقَّ عَلَيه لِيُداوِي جِراحَه وَ هَذا أَذاقَه المَرارَة

خُصلَاتُهُ الدَّاكِنَة بَاتَت تتمَايَل مَع الرِّياح بِطرِيقَة غَريبَة تُحاوِل رَسم البَسمَة عَلى شِفاهِه المُتَشقِقَة، جَوهَرتَاه القاتِمان غرِقتا بِبحرِ الضِّيق لِتُحاوِل جُفونُه إنقاذَها بِدفع المِيَاه بَعيداً عَنهَا

بَصرُه مُثبَّت للأَمام كَمَا كَانَ مُنذُ خُروجِه للحَياة، اخْتَارَت لَه الدُّنيَا مَصيرَه لكِنَّ قَرارَها بِسَلبِ بَصرِه لَم يَكُن فِي الحُسبَان، سلَكَتْ طَريقًا مُلتَوِيًا مَعه لِتختبِرَه مُتجاهِلةً مَشاعِره أثنَاء ذلِك الإختِبَار 

كَانَ وَ مَازالَ اختِبارُه الأَصعَب مِن بَينَ الجَمِيع وَ الوَضعُ لَم يثبَت عَلى هَذا المِنوَال بَل تدرَّج لِيُمسِي أَصعَب وَ أقسَى على قلبٍ صَغير كَقلبِه

اعتَادَ عَلى عِلَّتِه الَّتي تَحرِمُه مِن تذوُّق أَلوانِ الحيَاة لِينضمَّ والِداه للإختِبَار مُضاعِفَيْن بِفعلَتِهمَا صُعوبتَه، تلقَّى الضَّربَ وَتحمَّله رُمِيَت عَلَيه حُروفُهمَا الجارِحَة وَ تِلك الألقَاب المُوجِعَة وَ مَازالَ فِي دَرب التَّماسُك حتَّى الآنْ

أَسْوَد || 𝗕𝗟𝗔𝗖𝗞Where stories live. Discover now