١|دُفِنَ للأَبد

428 47 27
                                    

سَيموت العَالم في عَينيكَ حينما يُدفَن مَن تُحِب.

-نديم

...

ضوضاء سيارة الإسعاف وأضواء سيارات الأطفاء
وصوت الرجال وتخالُط الأحاديث، ورائحة الدُخان
كُل شيء يبدو بعيدًا عنه، لا يكادُ يستوعب إنه أستيقظ
لايزال يشعُر إنه كابوس ما، ولكن لو إنه كذلك
سأل نفسه: لماذا هو بهذهِ الدقة المُخيفة!
وكُل شيء يبدو واقعيًا...
رائحة هُمام المُختلطة بالدُخان كانا يتنافسان أيهما أقوىٰ
ذراعيه التي تشدُ حوله، يشعر نديم بها بألتفافها بقوة حول ظهره، وكأنه سيفر من بين يده..

ولكن أين المفر؟ وإلىٰ أين؟

«أفلتني»
نطق نديم، دموع عيناه جفت
وصوته منخفضًا أشبه بالهمس

أبتعد هُمام عنه ثم أحتضن وجهه
يرىٰ نديم عدة أشياء بعينين الباكِ أمامه
ولكنه لايريد سوىٰ شيء واحد.

«أريدُ أمي.. أريد رؤيتها»

«أهدأ.. نديم..»
تمسك به حينما تخبط الآخر بين يديه مثل سمكة كُسِرَ حوضها وتناثرَ ماء حياتها وأخذت تلتقط أنفاسها الأخيرة
وأنفاس نديم لاتكاد تخرج لتُحسَب
عالقة بصدره تقف عند حنجرته تحشرجُ صوته
وتزيد أختناقه.

«أمك جاء ميعادها بُني، كانت ميتة حينما أخرجوها»

أنفاس هاربة تسارعت، رأسه مرفوع لهمام الذي أحتضن كتفيه عيناه متوسعتان تنظر لعيني همام
ولا يصدق ما سمعه.

«ما الذي تقوله!»
أرتفع صوته قليلاً يشعر بضعف جسده وهشاشة روحه
لدرجة أن ضغط كفي همام علىٰ كتفيه يكاد يشعر إنه يعتصر به قلبه.

«أن تستوعب باكرًا أفضل
كيلا تتألم أكثر لاحقًا بسبب الإنكار.»

أبتسم نديم ساخرًا يتنهد بعدها، ثم نظر للمكان المليء بالفوضىٰ حوله، كل شيء يشير إلىٰ حقيقة واحدة ولكن
هذه الحقيقة غير مقبولة ولا يصدقها عقله.

«خذني إليها لأتأكد»
نطق بأرتعاش صوت وهُمام أفلت يداه
ثم أمسك بيده يسحبه معهُ لأن الآخر كانت اقدامه العارية تحرك العشب من تحته، لفرط ضغطه عليه، ورفضه التقدم والتأكد،  يخاف ما سيراه.

ينظر إلىٰ الناس من حوله، الجيران الذي يراهم لأول مرة
أشخاص عدة يركضون، وكأن القيامة قد قامت
والتفت بناظريه نحو الذي يتقدمه، حدق بظهره
ثم بيده التي تمسك بيده،  يود المعرفة إلىٰ أين ستنتهي هذه الخطوات! رغم أن عقله يخبره بالأجابة هو يرفض.

لـولاكَ. Where stories live. Discover now