١٧|بحُضـنِ المَـوجِ.

417 44 51
                                    

هل أنتَ مُستعد لتغرق معي في الظلام؟»
_

«إن لم أتمكن من أنقاذك، سأسقط معك
نعم، مُستعـد أغرق في الظلام مَعـك»
_

الساعـة الحاديـة عشـر وثلاثـة عشـر دقيقة مسـاءً

ذاكرة الأنسان تحفظ أكثر الأشيـاء تأثيـرًا
اللحظات الأكثر عطفًا، والأكثر دفئًا، والأكثر حنانًا
المرات التي يتحطم فيها القلب بصمتٍ وخيبة
والدموع التي تُخزن أسبابها في اعماق الذاكرة
ساعات الاكتئاب الأولى بعد أول خسارة
وجوه الاشخاص الذين تعاملوا بوحشية
والضحكات الصادقة التي تولدت في لحظة ما

هذا اليوم، ذاكرة نديم حصلت على نصيبها من الفرح
العديد من اللحظات الثمينة، ضحكات نادرة وصادقة
تأملات في جمال ما خلقه الله في وجه أنسان غال
والنطق بكلمات وعيش مشاعر نقية خالصة دون قلق

كان سعيدًا، بصدقٍ ملموس بندرة رغم كثرة سنينه
بصدر خفيف لايحمل همًا ولا خوفًا، يعيش اللحظة

أما هُمام.. لايدري علامَ كان يشعُر بالوداع بأفراط
ينظر لنديم وكأنه يودعه، يراه للمرة الأخيرة
ويسمع أحاديثه لآخر مرة، وأنعدام تكرار هذه الضحكات

كان شعورًا يمر أمامه وفيه مرور البرق
سريعًا خاطفّا لأنفاسه، حارمًا أياه هناءه اللحظي
قاطعًا لحظات أمانه، وسعادته.

إلا إنه لم يظهر شيء، ولكنه ظلَّ صامتًا منذ عودتهما من مدينة الملاهي،  وبرفقته صغيره مؤيد الذي أمتنع عن الذهاب من دونه، والعودة لوالدته، ونديم ظلَّ معهما الآن.

«الم تختارا بعد؟»
سأل همام بعد لحظات طويلة من الصمت
يحدق بأبناءه الاثنان، نديم ومؤيـد
يقفان بقرب المكتبة يختاران قصة ما
متشاجران بمحبة وضحكات مبهجـة

والمعني يتأملهم بوداع ظاهر في عينيه
يشعر كأن العالم سينتهي من حوله
ذهاب رونق جعل شيء ما يموت فيه
شيء أشبه بالحياة، يُدعىٰ الرغبة بالاستمرار
ورغم وجود نديم الذي لولاه لم يكن ليعرف هذه الرغبة
إلا أن رونق وذهابها سلبها من بين ضلوعه ماحيًا أياها.

«نديم مؤيد؟»

التفتا ناحيته، يتوقفان عن حديثهما الصاخب
مبتسمان ولم يمضِ على همام مشهد أكثر دفء من هذا.

«لم نختر بعد!»
نطق نديم بينما يسير ناحية السرير يستلقي جانبه، يتوسد ذراعه ومؤيد سحب القصة التي يود وتقدم بسرعة، يصعد السرير يحتضنه والده إليه

«ماذا أخترت؟»
سأله بينما قبّل أنفه الصغير المدور ليضحك الصغير
ونديم تأمل بأبتسامة بينما يقترب واضعًا رأسه على كتف همام، يغمض عينيه لشعوره بالدفء العظيم، بينما يده التي على صدره مكنته من تحسس نبضات قلب الأكبر وهدوءها الذي منح نديم نُعاس بعد يومه الطويل
يبتغي بغفوة طويلة بحضن الآخر.

لـولاكَ. Where stories live. Discover now