٥|إنقِلَاب

582 47 26
                                    


-

تَمضِي الأيام، ويأتي الله بمن أذاك
يُلقيه أمامك، ذليلاً مَكسورًا، يبتغي عفوك
ولك خياران: أما أن تصفح عنه الصفح الجميل
أو تقتص منه قصاصًا يُرمم كِسورك، أما أنا..
فوالله لا أصفح حتىٰ أُزيل الألم بالألم.
-نديم

___

الأربعاء
الساعة الخامسة مساءً

كان نديم قد تعافىٰ، ولم يُصدق تُحقق ذلك لينهض ويستحم، ثم أخذَ مُسجل صوته قاصدًا أي دُكان لأصلاحه.

سارَ وهو يقرأ لوحات الدكاكين، واضعًا يداه بجيوبه
وقلنسوته تغطي رأسه، وبخارُ الهواء هو فقط ما يُرىٰ منه
الجو أزداد برودة، والشمسُ أستعدت للمغيب، وضوضاء المارة والسيارات يزداد أكثر بذلك الاكتظاظ المُزعج لرأس نديم، ولايوجد مايمنع عنه تلك الاصوات، لكون سماعاته ليست معه، ومُسجل الصوت مُعطل، وخلال تفكيره به، تحسسَه بأصابعه داخل جيبه، وتنهد بحرارة لفكرة أنه لن يتمكن أحد من اصلاحه، وذلك يعني خسارة سنوات طوال من الذكريات، خسارة قوته
خسارة صوت والده، والكلمات التي بسببها يستمر.

رفعَ نظرهُ للسَماءِ، وشَكى الحالُ لخالقها دون حديث
فلا الكلمات تترتب، ولا الهمومُ تتبدد، والثقل واحد

أستمرَ شعوره منذ زمن طويل بالغُربة، حتىٰ وسط مدينته، وأبناءها، لم يكن يعرف كيفية الوثوق بأحد
أو كيف يتم حوار متبادل هادئ بين طرفين؛ لأنه في حقيقة الأمر لم يكن مُحب للأختلاط، وشديد الحذر
أستثناءه كان والديه، وهُمام
ولسوء الحَظ ثلاثتهم كسروه.

قطرات مَطر بدأت تلامس وجهه، وأبتسامة هادئة ظهرت
أغمض عينيه، لم يخفض رأسه، بل ظلَّ مرفوعًا للسماء
وهمسَ لنفسه:
«لقد سمع الله نداء أستغاثتك فأغاثك بالمَطَر، أستبشر»

سؤال الناس والحديث معهم عن شيء ما، أمرًا لايستخدمه نديم إلا للضرورة، لذا هو الآن مُضطر
وأوقفَ أحد المُشاة المُسرعين بتوقفه أمامه فجأة.

«لو سمحت، هل تعرفُ ورشة لأصلاح الأشياء المعطلة؟»

«سِر بأتجاه مُستقيم حيثُ ترىٰ ذلك صاحبُ الدراجة توقف هناك،  وعلىٰ يمينك أدخل الزقاق، ستجده هناك العَم بلال»

«حسنًا،  شكرًا لكَ..»
شكره نديم وأبتسم الآخر له، يبتعد ويكمل مساره
بينما تنفس الاول بأرتياح شديد، كما لو إنه تخطىٰ
مهمة بالغة الصعوبة، وسارَ بخطوات أشبه بالسريعة
خشية أن يزداد المطر،

وبعد أن وصلَ المكان المنشود،  هو رأىٰ اللافتة المرفوعة فوق الدكان ذو الباب الحديدي البني المّحمر، ويبدو إنه قديم من الصدأ الواضح فيه.

لـولاكَ. Tahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon