٤|أراني فيك

526 32 16
                                    

مِن قبلك
لم أكُن أعرف شُعور الخَوف مِن الفَقدِ.

-همام
___

يكبر الأنسان ليس بعدد السنوات بل بعدد الخيبات، الأنكسارات، المآسي، والمصائب
ويشيخ بلحظة خوف واحدة.

كان جالسًا على الارض، رافضًا التحرك من أمام سرير الآخر، الذي أحتوىٰ جسدًا منكمشًا لنديم
الذي يأن وجعًا من حُمىٰ لامرئية، غير محسوسة، في روحه تحديدًا، حيث لا يجري الدواء والمُسكنات، والعلاج، والحُقن والكمادات المبللة بالماء البارد المثلج والاغطية الثقيلـة

حيث لا يصل لروحه شيء
كان يحس إنه معزولاً، منفصلاً بعوالم بعيدة
لا يوجد بها وجوه يعرفها، ولا قلوب يألفها

نديم كان وحده مع المه، وندمه
بداخل عقله دار ذلك التساؤل المُتعب كروحه

لماذا لم يقوما والديَّ بتسميتي ندم
بدلاً من نديم، كان سيكون ذلك أنسب ومتوافقًا مع مشاعري المتآكلة ندمًا، والمحترقة غصة وحسرة.

تلك الدوامة المظلمة التي تبتلعه دائمًا
غارقٌ مُختنقٌ بدهاليزها غير المُنتهية

بينما هُمام كان مكسورًا مثل جذع شجرة
جذع شجرة عتيق لايمكن كسره، وحطمته نسمة رياح خفيفة، تلك النسمة كانت متمثلة
بخوف، خوف من الفقد والخسارة

خسارة نديمه المُدمىٰ ندمه مع دمه.

أنين أخير صدر من نديم، وعانقت وجهه كفٌ لم تتوقف عن مسح قطرات عرق من تقاسيمه

«أُمـآه»

لايعرف هُمام إن كان نديم ينادي المعنية
أم يبكي ويأنُ متأوهًا بألمٍ يقطع نـداءه.

«سامِحيني»
نطق بصوت مُرتعش، يبدو متأرجح الشعور
متذبذب الادراك بين الوعي واللاوعي.

يتنهد أثر برودة يد عانقت وجهه
وأبتسم بمرض واضح وشحوب
بعينين مغمضة، وأدراك غائب.

إلا أن هذه البرودة مألوفة، وهذه اللحظة
وسرعان ما عاد إدراكه، يفتح عيناه منزعجًا
متألمًا، مُلتفتًا بهدوء بطيء حوله، ولايكاد يراه
هُمام القلق، مرتعش الكفين، والقلب كان ينتظر

ولكن، كُل ماكان أمام عيني نديم
هو طيفها، وضوء شمعة  كئيب
وخشب بالجدران المُظلم لونها
منعكس ظل الشمعة ولهيبها هناك.

نظرت والدته إليه، وهو نظر بها
وسرعان ما اخفضت رأسها والتفتت ذاهبة

أراد نديم أن يصرخ بها لتتوقف
ولكن أحس بحبال صوته تقطعت
عندما نظرت والدته لاتجاه خلفه
على يساره، والتفت هو، يراه..

لـولاكَ. Where stories live. Discover now