١١| يفرُّ إليه

472 46 63
                                    

أحارب نفسي، أعرف أنني عدوًا لها
عندما أميلُ عنها تسحبني في ظلامها
ولو أنني أستمعت إليها سينهار كل شيء
فأين المفر مني؟  وإلىٰ أين؟

-نديم

______

السبت
الساعة الخامسة وخمس دقائق صباحًا

أشبه بالنوم بعد ضحكات سعيدة
بالغفوة وسط طريق يأخذك لمكانك المُفضل
بالبشارة وسط اليأس والأسىٰ
بالعناق المُفاجئ بلا اسباب
بالأبتسامة العذبة إذا ما تصادفت الأعين
أو حينما تقرر النظر لشخص ما فتجده ينظر إليك
وكُل شعور يولد بساتين من الورد والفرح في الصدر

فتح نديم عينيه بثُقل أشبه بكُل ما سبق
ثُقل مُحبب أحس به، وعندما وصله عطر الآخر
تنهد يرفع رأسه للسقف، مبتسمًا بأتساع لأدراكه همام الذي كان نائمًا علىٰ كتفه.

أخفض نديم رأسه تصله رائحة شعر هُمام
شامبو برائحة لطيفة جدًا،  حرك ذراعه يود أحاطة همام والأنسجام بهذا الحُضن الصباحي الذي لم يحصل عليه من قبل، وأدراكه بأن همام جواره، جعل أبتسامته تصل حتى عينيه، ثم أحاط بظهره،  يلمس قميصه الاخضر البارد، خبأ وجهه بكتفه، وأراد أن يدوم حتىٰ الأبد هذا الامان المفقود،  هذا الشعور بالطمأنينة
أنعدام المخاوف، وذهاب الوساوس، وأتخاذ المعني
كشخص أهم ومن المُحال تركه، كشخص أتخذه والده.

أبتعد بحذر  وهو يتملص خشية أزعاج نومه وقطع لحظات هناءه
وتأمله ثم أغرورقت عيناه محترقة بملح دموعها
ادراكه أن هُمام أستجابة دعواته غير المنطوقة
عوضه بعد الفقد، بعد ظنه أن لا أحد يعوض عن والده
جاء هُمام مُعاكس ظنونه جميعها
أعطاه ما لم يعطيه والده، أو أضعاف ماكان يحصل عليه
أهمها الحُب والأهتمام والصبر على عناده وأخطاءه
والحنان الوافر، والخوف والقلق عليه ومحاولات أسعاده

أراد تقبيل جبين النائم، وأنحنىٰ يضع يداه على السرير بحذر خشية أيقاظه، ولكنه أنتفض من علىٰ السرير
عندما سمع صوت مكالمة واردة لهاتف هُمام

وتراجع بخطوات سريعة، متجه للحمام، ثم غسل وجهه وشعره، وعاد للغرفة  يقف عند خزانته فتحها
بأبتسامة سعيدة، وضحكة كانت تتأرجح في صدره
وأبتسم بتوسع فم عندما رأىٰ العلكة بجوار كوب القهوة
وجوارهما العطر، هدايا هُمام التي لايطاوعه قلبه علىٰ أنهاءها أو خسارتها، أو حتىٰ التخلص منها.

أنقطع صوت المُكالمة، والتفت نديم للخلف ليجد هُمام مثل حاله، نائمًا بعمق علىٰ بطنه، دافنًا وجهه بالوسادة
وهز رأسه نديم لشعوره الفائض، لأمانه السعيد
ولاحظ إنه أظهر الكثير من العاطفة التي يمقتها
لذا هو عاد للواقع، مشتعلة وساوسه بعقله
حينما أدرك أنه عائدًا للمقهىٰ، لألم الظهر والفقرات
لكُل شيء مُهلِك ومُرهِق، لأفكاره ومخاوفه، وندمه
وكأن في اللحظةِ التي أنتزع فيها هُمام من عقله
هاجمته كُل الاشياء البغيظة دُفعة واحدة، وكيف لا
هو يدرك أن مجرد فكرة تخص هُمام في عقله
هي تكون بمثابة جدار حماية لنديم من كل سوء
وإنه في النهاية يفرُّ إليه... نديم أدرك هذا بدقة
إنه ملجأه من بعد الله، ومنزله الآمن..

لـولاكَ. Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora