٢|حُرِمَ مِنه.

361 42 46
                                    

بين يديَّ كان، يتسلل من وسط أصابعي
يهرُب خائفًا، ضائعًا، بلا وجهة ولا هُدىٰ
يا ليته يعلم إنني مِثله، وحيدٌ وأبتغي قُربه
ولو كان الجميع حولي ما رغبت إلا بـه

-هُمام

_____________

بعد مُرور سِت شُهور

هُمام كان شريد البال طوال الشهور الماضية
ليس له مزاج بشيء، ولا رغبة بالحديث
باله مشغول بنديم، منذ أن رآه آخر مرة
لم يسمع أي شيء عنه بعدها
ولم يتمكن من الوصول اليه حتىٰ
وهو أضطر في الامس لتقديم بلاغًا للبحث عنه
كونه أختفىٰ  دون أي أثر
ولكن الشرطة لم يتوصلوا لشيء.

نزل من الغرفة العلوية، يتخطىٰ السلالم بخطوات ثقيلة
لحيته كانت قد نمت بكثافة، وعيناه مرهقة تحيطها هالات لفرط القلق والسهر، رونق لم تترك طريقة إلا وحاولت بها معه، واخته استمرت بالمجيء وزوجها
لنية إخراجه من مزاجه الصعب، والحزين
حتىٰ في المطعم
كان روبوتًا متحركًا أكثر من كونه إنسان.

إفتقاد نديم كان قد دمّر صفو حياته
أعاده لأيام لم يكن يتخيل أن يعود اليها
أختفىٰ امله، وبهجته، وماعاد شيئًا هناك ليغريه
مبتعدًا عن كل الدنيا وبهرجها، وكل مافيها
وكأن الدنيا فارغة موحشة طالما لا يراه فيها.

لم يكن بعينه زوجته، ولا صغيره مؤيد
ولا حتىٰ أبنته التي تحملها زوجته في بطنها
في شهرها الخامس
لم يكن يهمه لا العمل، ولا مديح الزائرين
ولا زيارات المُحبين، ولا تجمعات القريبين
كُل شيء أنطفأ بعينه.

«أبي! أشتقت إليك»
ركض نحوه مؤيد حينما رآه
وبعثر هو شعره يبتسم بتكلف
يجلس في الصالة علىٰ الأريكة
تقابله رونق التي كانت تحيك جواربًا لصغيرتها.

«أبي أخبرتني إنك ستأخذني لرؤية الدلافين والأسماك
لقد مضىٰ وقت طويل ولم تأخذنِ، كل يوم أنتظر أن تفعل ولكنك لا تحدثني حتىٰ ولا ترد عليّ، أخبرك أن تلعب معي لا تحب، ترفض أن نلعب الغميضة ولا أدري ما السبب، لان كل أصدقائي يلعبونها مع أبائهم إلا أنا..»

«مؤيد صغيري دع والدك وتعال»
أخبرته رونق حينما أدركت أن الصغير بدأ يضغط علىٰ والده وخصوصًا في مسألة لعب الغميضة والالحاح بشأنها، ورغم أن والدته كانت تلعب معه كل الالعاب وتحاول رغم حملها وتعبها أن تلهيه عن والده إلا إنه لا يتلهىٰ ويظل يفكر بالشيء الذي لم يحصل عليه
جاهلاً كره والده لهذه اللعبة المتعلق بها ماضيه.

أراد مؤيد السير، ملامحه عابسة وعيناه لامعة
زاد نحوله، وشحوب وجهه، لانه فقد أهتمام ابيه
وأصبح كئيبًا وغاضبًا أغلب اوقاته حينما قابله التجاهل.

لـولاكَ. Where stories live. Discover now