.ت.

573 34 2
                                    


        نعم هو الله الذي كانت العقول تسعى إليه في داخلها وتبحث عنه, هو الذي آمنت به فطرة الإنسان منذ طفولته فتجده يسأل والديه: من أين أتيتما بي؟

لأن عقله منذ صغره يخبره أن لابد له من سبب جاء به إلى الوجود, فلا وجود من غير سبب, ولا مكان للمصادفة بين العقلاء, ولكنه الغرور والتفاخر باسم العلم هو ما دفع بعض المفكرين والفلاسفة إلى التمرد على وجود الله بعد قرونٍ طويلة من البحث عنه, فكما أن البحث عن الله أمرٌ فطري فهناك
أمور تأتي بخلاف الفطرة ومن هنا جاء الإلحاد والإنكار علاوةً على أن الإنسان بطبيعته ثوري ويعشق التمرد والاستقلال ويجب أن يتغنى بالحرية الشخصية, وكلما زاد حجم تمرده زاد انتصاره لذاته وتأكيده على حريته واستقلاله, وليس أمام المتمردين خيار يوازي الذات الإلهية حتى يثوروا تجاهها ويحاربوا فكرتها باسم العلم وبداعي مكافحة الخرافات, فتجد هؤلاء الملحدين يرددون أن الأديان خرافة وأن العلم الحديث أسقط فكرة وجود خالق ولعل أشهر عبارة هي ما قاله المفكر الألماني "فريدريك نيتشه" بأن (الله مات) فهؤلاء الفيزيائيون الماديون يرفضون فكرة الإيمان بوجود الله لمجرد أنهم لا يؤمنون بالغيبيات أم الميتافيزيقيات على الرغم من أنهم يؤمنون بنفس الوقت بالكثير من الأمور الغيبية التي لا يرون إلا أثرها ولكن لا يعلمون ماهيتها, فهم يؤمنون بالكهرباء وبالطاقة وبموجات الراديو والإلكترون وجميعها من الغيبيات بل حتى أنهم يؤمنون بالعقل والروح في الوقت الذي يرفضون به الإيمان بوجود الله لأنه غير مادي ولكن يبدو بأن هذا التناقض هو نتيجة الانتقائية والغرور.
    
   تجد الكثير من النظريات التي يحاول فيها الملحدون إسقاط وجود الله, والمشكلة أن من يرى ثقتهم وهم يكافحون حقيقة وجود خالق لهذا الكون أو (الخرافة) كما يسمونها, يظن للوهلة

الأولى أن لديهم حقائق علمية مثبتة ولكن يتفاجأ من يتعمق بقراءة كتبهم وبحوثهم بتبريرات خدعوا أنفسهم بأنها حقائق علمية وهي في الحقيقة ليست سوى نظريات تم نسف أكثرها بدءاً بنظرية التطور الشهيرة التي جاء بها العالم البريطاني "تشارليز داروين" والتي ذكرها في كتابه (أصل الأنواع) حيث نصت نظريته على أن الإنسان لم يكن على هيئته الحالية قبل قرون وإنما تطور من شكل يشبه القرد إلى أن وصل إلى شكله الحالي وأن كل خلية في شكل الإنسان تطورت بفضل الطبيعة لتكون هذه الهيئة المكتملة للشكل الحالي للإنسان.
   

    ولكن نظريته التي تقول إن كل المخلوقات بكامل أعضائها تطورت بشكل تدريجي حتى أخذت هيئتها الحالية أوقعته في حرج عندما وصل "داروين" إلى شرح كيف تطورت عين الإنسان المعقدة في تركيبها والتي لا يمكن أن تتطور بشكل تدريجي وهي غير مبصرة ومن هنا لم يستطع داروين تبرير ذلك واعترف بأن العملية صعبة وأنه يجهل الموضوع ولكنه حاول أن يلملم ما تبقى من نظريته حين خسر الرهان العلمي عندما أعجزته فقط فكرة العين إذ قال نصاً في كتابه: "من الصعوبة تصديق أنه من الممكن تكوين عين كاملة ومعقدة عن طريق الانتقاء الطبيعي, مع أن هذا شيء غير قابل للتحقيق طبقاً لتخيلنا, ولكن لا يجب اعتباره كشيء مدمر
لنظرية التطور".

      بل هو مدمر كبير لنظرية التطور يا داروين, فيا أيها الداروني, إذا أردت أن تنفي وجود خالق بداعي (الخرافة) فيجب أن يكون البديل المقنع حقيقة علمية مثبتة لا نظريات لا تقل خرافة عن فكرة الخالق بنظرك, هذا علاوةً على التلاعب وتزييف الأدلة الأثرية التي اكتشفها علماء الجيولوجيا والتي تقضي على نظرية التطور كما ذكر الباحث الأمريكي "مايكل كريمو" حيث ظهر في أكثر من لقاء تلفزيوني مصرحاً بأن الداروينيين لا يريدون الاعتراف بفشل معتقدهم فبادروا إلى إخفاء الأدلة التي اكتشفت في مناجم الذهب وهي لجماجم وهياكل عظيمة للإنسان قبل ملايين السنين ومع ذلك هي لا تزال كما أشكالنا الحالية دون أن تثبت أصلنا (القردي)(1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1-أنصح بالإطلاع على كتاب صندوق داروين الأسود للبروفسور مايكل بيهي.

_____

وهكذا يتنقل الملحدون بين النظريات, فمن نظرية التطور التي أثبت بعض علماء البيلوجيا مؤخراً استحالة حدوثها بدون خالق أو مصمم ذكي, وذلك على صعيد الجينات المعقدة وبوجود ثغرات في تفسير من أين جاء المكون المعرفي للخلية الأولى, مروراً بنظرية "الانفجار الكبير" أو "The big bang " التي تنص على أن الكون جاء مصادفة عن طريق انفجار كبير قبل ملايين السنين وإلى الأن لم يستطع من تبنى هذية النظرية أن يجيب على أبسط سؤال إذا قيل له "حسناً من أين جاءت المواد التي تفاعلت وتسببت بحدوث
هذا الانفجار؟!" ليتفاجأ السائل بإجابات فيها من الحماقة ما فيها وكأنهم يقولون (كان هنالك "لا شيء" ثم انفجر) ولا ننسى نظرية أن الكون أزلي وموجود منذ القدم وكأنهم يقولون (هكذا أثبت العلم أزلية الكون ولا تسألونا كيف)..!

أقوم قيلا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن