8''

143 13 0
                                    


   وإلى الآن لا أعلم كيف يفكرون عند تبريرهم لذلك بقولهم! "إن لدى المرأة رغبة جنسية تفوق الرجل بأضعاف.. ولذلك كان من حقها أن تلبي احتياجها وتمارس الجنس بالشكل الذي يرضي احتاجها!".

       مما لا شك أن هذا ليّ واضح لعنق الحقيقة ومحاولة منهم لتحوير الموضوع من إذلال للمرأة إلى تكريم لها ومنحها لحق مزيف اسمه الحق الجنسي!!

       نعم نحن نعرف جيداً عن وجود الرأي الذي يقول أن الله قد خلق المرأة برغبة جنسية تفوق رغبة الرجل بأضعاف – ولا نجزم بذلك – ولكنه الرأي السائد, وقولهم أن الحكمة الربانية من ذلك هي أن يعمي الله المرأة عن التفكير في تبعات العملية الجنسية, أي من عناء الحمل لتسعة أشهر وآلام الولادة والنفاس لأربعين يوماً والرضاعة لسنتين ورعاية الطفل حتى يبلغ..! على عكس رغبة الرجل التي تنتهي فور الانتهاء من العملية الجنسية دون أن يكون لها أي عواقب جسدية, فلو أن الله خلق المرأة بنفس شهوة الرجل لاستطاعت أن تفكر في عواقب استسلامها للعملية الجنسية وما سيكون بعدها من تبعات.. ولكرهت الجنس..!

   ويستشهدون دينياً بما أشار الله له في كتابه الكريم في سورة المائدة حيث قال {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَآءَ بِمَا كَسَبَا} [سورة المائدة آية 38] بينما قال في سورة النور {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [سورة النور آيه  2] ونظراً لأن القرآن يهتم في ترتيب الأولويات, فقد جعل السارق (الرجل) قبل السارقة (المرأة) كونه الأجرأ على هذا الفعل لما يملكه من مقومات جسدية وقوة جسمانية تخوله أن يقفز ويتسلق ويسطو ويدافع عن نفسه ويهرب.. أما في حالة الزنى فلقد جعل الله الزانية (المرأة) قبل الزاني (الرجل) وذلك كونها الأجرأ على هذا الفعل لما تملكه من تركيبة جسمانية تخولها أن تكون في حاجة أكبر للعاطفة والحب والإحساس المرهف وممارسة الجنس مع من تحب..! أي إن هذا الترتيب الرباني في وضع الحدود لم يكن بدون دافع وإنما كان الهدف هو ابتداء التهديد بمن هو أجرأ على القيام بهذا الفعل, وهذه من خصائص الله التي يعلم بها خلقه..

      ولكن ذلك سيدفعنا إلى تساؤل فلسفي وسنقول: إذا آمنا أن رغبة المرأة الجنسية تفوق رغبة الرجل فلماذا وعلى مر تاريخ الدعارة نجد أن الرجل هو الذي يدفع المال للمرأة التي تمارس ذلك الفعل معه؟! أليس صاحب الاحتياج الأكبر هو من عليه أن يدفع المال لمن قام بتلبية احتياجه؟! بمعنى آخر.. لو كنت أنا مريضاً وبحاجة إلى طبيب.. فهل حين يأتي الطبيب لعلاجي يقوم بدفع المال لي أيضاً وأنا صاحب الاحتياج؟ أليس من المنطق أن أدفع له أنا المال نظير خدمته لي؟! قس على ذلك ما نراه في البلدان
التي كفلت للمرأة حقها في ممارسة الدعارة كما يقولون.. أليست المرأة هي صاحبة الاحتياج الأكبر وهي من عليها أن تدفع المال للرجل نظير خدمته لها؟! إذاً ما السر وراء انقلاب الآية هنا؟!..

       السر يكمن في طبيعة المرأة السيكولوجية, فالمرأة لا تستمع بممارستها للجنس مع أي رجل إذا كانت لا تحبه, فمن حكمة الله أن ربط على قلب المرأة بمفتاح الحب حتى يتم تهذيب شهوتها بأن لا تكون إلا لشخصٍ واحد أثبت لها أنه صادق في حبها..

       نستطيع القول بأن المرأة التي تمارس البغاء والدعارة لا تستمتع بالعملية الجنسية لأنها تمارسها مع رجل ربما لا تعرف حتى ما هو اسمه, بينما الرجل لا يتطلب أن يكون عاشقاً للمرأة التي يمارس معها الجنس, فهو يستمتع كثيراً بأي ممارسة مع أي امرأة كانت, لذا فالمال الذي يدفعه الرجل للمرأة التي تمارس الدعارة رغم أنها صاحبة احتياج أيضاً هو في سبيل (التعويض).. أي أن الرجل يعوّض المرأة بهذا المال بأن تُسقط حقها في الاستمتاع بالجنس وتمارسه مع رجل لا تحبه..

       لذا نجد في السنة النبوية توصية من الرسول عن أمر متعلق بفراش الزوجية يكفل فيه الرسول حق المرأة بالاستمتاع بالعملية الجنسية وذلك حين أمر الرسول بأن يبادر الرجل زوجته بالقبلات وكلام الحب قبل أن يجامعها.. إذ قال عليه السلام: "لا يقعن 
أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة, وليكن بينهما رسول, قيل: ما الرسول يا رسول الله؟ قال: القبلة والكلام"..(1)

        نستنتج من ذلك أن علم النفس والدين أثبتا أن المرأة تتعرض للاغتصاب الجنسي والاستغلال الجسدي في أوروبا وغيرها من القارات التي تبارك الدعارة بزج الأنثى وإقحامها في ممارسات لا تحبها ولا تستمتع غالباً فيها وذلك لأنها تمارسها مكرهة مع رجل لا تعرفه ولكنها قبلت خيار أن "يعوضها" بالمال نظير استمتاعه فخضعت لهذا الاغتصاب.. ولو كان لديها مال يكفيها شر اغتصابها.. لما خضعت لذلك.. حتى وإن بدا للجميع أنها هي من تريد..! وحتى وإن ردد خلفها المستفيدون منها وقالوا بأن اغتصابها هو "حق" من حقوقها..!!

       أتساءل دائماً وأقول: أين القوانين التي من المفترض أن تحرر المرأة؟ أليست هذه العبودية بعينها؟ كيف يكون تحرير المرأة بشراء جسدها منها وإخضاعها لهذه الممارسات؟ وكيف يكون تحرير المرأة بتهيئة كل الظروف التي تجبرها على الموافقة على هذه الأعمال القذرة؟.. وللأسف.. تجد من يصدّق اتهامات هذه الدول وقدحهم في التشريعات الإسلامية على أن بها استعباداً للمرأة؟ وكأني حين أرى من يقول ذلك في دول الغرب أتذكر المثل الذي يقول "رمتني بدائها وانسلّت"..

ــــــــــــــــــــــ

1-انظر الإحياء للغزالي 2/50.








أقوم قيلا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن