الفصل --5

234 19 2
                                    

بين معجزات القرآن و غرائبه

        نزل القرآن على رسول الإسلام قبل أكثر من (1400 عام), وإلى يومنا الحالي ونحن نقرؤه كاملاً دون تحريف أو تغيير, ربما نعيش اليوم في زمن ابتعدنا به كثيراً عن فصاحة اللغة العربية لذا قد لا نستوعب جميعاً إلى أي مدى قد تصل فصاحة وبلاغة هذا الكتاب, ولكن حتى تتصور ذلك تخيل أنك تعيش في زمن قريش حيث كانت الفصاحة قد بلغت أوجها وكان لدى العرب آنذاك مضاربُ للتباهي بالشعر والبلاغة, فيأتي محمد النبي الأُمّي الذي لا يقرأ ولا يكتب بهذا الكتاب متحدياً قريشاً بأن يأتوا بسورة من مثله فلا يستطيعون, فيجبرهم خذلانهم على البحث لهم عن عذرٍ لتبرير فشلهم, فلا يكون أمامهم إلا اتهام محمد بالجنون كناية عن استعانته بالجن في جلب هذا القرآن, ثم تطورت التهمة فقالوا إنه ساحر ليوهموا أنفسهم بتفسير يليق بتفوق بلاغة القرآن على قدرات البشر, فيستمروا بالمكابرة وبمحاربة آياته إلى أن اضطر الوليد بن المغيرة وهو أحد كبار قادة وفصحاء قريش أن يقول عن القرآن: (لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن, إن به لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه ليعلو ولا يعلى عليه) لينطق بالحق أحد ألد أعداء القرآن ويثبت أن بلاغة آياته لا يقف أمامها إلا مكابر, أما من كان يبحث من قريش عن الحقيقة, فقد دخل في دين الإسلام دون تردد, لأنه يعرف وبصفته عربيّاً فصيحاً, أن كلام القرآن من السماء.
     

  نزل القرآن مصححاً للمعتقدات الخاطئة ومتمماً للأخلاق الحسنة وجالباً معه الكثير من النبوءات, منها لم يتحقق إلى الآن ومنها ما تحقق ليؤكد صدق القرآن كفتح مكة {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَآءَ الَّلهُ ءَامِنِينَ مُحَلْقِيِنَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ}[سورة الفتح 27]

وفتح خيبر{وَأَثَبَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [سورة الفتح 18] وخسارة جموع المشركين في يوم بدر{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [ سورة القمر 45] وآية مثل هذه كان من الممكن أن تنسف القرآن لو خسر المسلمين يوم بدر كما خسروا يوم أُحد ولكنه صدقٌ الوحي الإلهي.. وكذلك خسارة الروم في معركتهم الأولى ضد الفرس عام (619م) ومن ثم انتصار الروم على الفرس في المعركة التي تلتها بعد بضع سنين في عام (627م) {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} [سورة الروم آية 1-4].

وأيضاً موت أبي لهب وامرأته حمالة الحطب على كفرهما وذلك بعد عشر سنين من نزول سورة (المسد) التي بشرّت أبا لهب بدخول النار {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (2) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدِ (5)} [سورة المسد آية 5-3].
  

     ولو كان القرآن من عند غير الله لما جازف محمد بتحديد مصير أبي لهب بدخول النار لأن ذلك سيمنح أبا لهب فرصة لتكذيب القرآن واعتناق الإسلام ولو زيفاً لكي يحرج محمداً ولكن ما حصل أن أبا لهب وحتى عندما رقت قلوب من كانوا حوله للإسلام من سادات قريش وغيرهم مثل عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد, بقى هو وامرأته على شركهما ليؤكدا أن القرآن وحيٌ يوحى.
     

أقوم قيلا Tahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon