'8

115 11 1
                                    


     واليوم في عالمنا الإسلامي, أرى الكثير من الممارسات التي شذت عن سنة الله ورسوله فيما يتعلق بالمرأة, فظهر الغلو والتنطع, وطغى الموروث الثقافي, وعلت العادات والتقاليد على الدين.. وهذا ما دفعني إلى أن أتمنى أن يتقدم العالم الإسلامي إلى الأمام في مختلف الأمور.. إلا في أمرً واحد.. وهو ما يتعلق بالمرأة, فأنا ما زلت أتمنى أن نعود بالأيام إلى الوراء..

       نعم.. أريد أن يعود وضع المرأة إلى الزمن القديم, عندما جعل الدين النساء ركيزة في الدنيا, فعملن في السوق وفي البيع والشراء "كخديجة بنت خويلد", وشاركن في الحروب والمعارك "كنسيبة بنت كعب", وعملن كممرضات وطبيبات للمصابين, "كأم ورقة", وعملن بالإفتاء والتعليم "كعائشة بنت أبي بكر".. فالنساء في الإسلام جزء أساسي ولبنة من لبنات المجتمع, فكل ما كان حولها يدعوها لأن تنخرط في هذا المجتمع وتعمل وتجتهد وتتاجر لتحصل على قوت يومها ورزقها الكريم.

       ألم تصلًّ النساء قديماً في مساجد الرجال وإن كان في الصف الأخير؟ ألم تعتلِ النساء المناصب العليا؟ ألم تشهد النساء في المحاكم؟ ألم تقُد عائشة معركة الجمل؟ ألم يبِح الإسلام للمرأة أن تحضر الخطب العامة وأن تبدي مشورتها؟ ألم تبايع النساء الرجال للإمامة والخلافة مثل "سبيعة بنت الحارث وسودة بنت زمعة" وقد  قال الله عن حق المرأة في المبايعة والتصويت {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ الْمُؤْمِنٰتُ يُبَايِعْنَكَ}؟ [سورة الممتحنه آيه 12] والكثير مما يدل على أن الإسلام أعطى المرأة قديماً مكانة عالية جدّاً خولتها كل شيء تقريباً..

       فالإسلام لم يحارب أبداً انخراط المرأة في المجتمع ولكن وضع لذلك ضوابط وآداباً في التعامل بين الجنسين, فأمر المرأة بغض البصر وبأن تتستر ولا تتعطر ولا تلبس الخلخال ولا تتبرج وأن تغضَّ من صوتها حتى لا تتعرض للأذية من ضعاف النفوس, كما ذكر الله ذلك في سورة الأحزاب {ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ} [سورة الأحزاب آيه 59], وفي المقابل أمر الله الرجال بأن يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم, وأن لا يقطعوا الطريق على النساء وأن يفسحوا لهن بالمرور أولاً, ولو كان الإسلام يمنع المرأة من العمل والانخراط في المجتمع كما يزعم الكثير من الناس اليوم, فكيف يضع الإسلام ضوابط للتعامل بين الجنسين؟! هل يستوي أن يكون هنالك ضوابط في التعامل مع أمر محرم؟

       الجواب بالتأكيد لا .. ولكن هنالك سوء فهم لدى من تشددوا في تأويل النصوص الدينية بالخطأ فيما يخص قرار المرأة في منزلها ونحوه.. ولو لم يكن للمرأة صوت مسموع في عصور الإسلام القديمة, لما استطاعت "سجاح" أن تكذب على قومها بأنها نبية, ولما استطاعت "أم قرفة" أن تؤلب قومها على الرسول أيضاً..

لا يوجد في رأيي تشريع فعلي أعزّ المرأة وكرمها وحفظ قيمتها بقوانينه وتعليماته مثل دين الإسلام, ويلزمنا أن نتمسك بهذه التعاليم التي أعطانا الله إياها دون أن نشذ في تطبيقها بالزيادة أو بالنقصان..

     ولا تنسَ أن الدول الغربية التي تزعم أنها حررت المرأة بتحريرها الوهمي.. كانت تعيش في عصور مظلمة يحكمها دينهم الذي يحارب المرأة ويقلل من شأنها.. فمن الطبيعي أن ترى مثل هذا الانفجار والانقلاب لديهم كردة فعل.. بينما تاريخنا كمسلمين مغاير جدّاً وعكس ذلك تماماً, فلا تنخدع كثيراً بشعاراتهم الرنانة, فظروفنا وماضينا تختلف عن ظروفهم وماضيهم..

       ففي الوقت الذي كانت تباع فيه النساء لديهم مقابل البهائم... كان رسول الإسلام يصلي على عاملة النظافة السمراء "أم محجن"..

تم الفصل 8

أقوم قيلا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن