"6

157 15 0
                                    


ظننته صاحبي, ولكن عندما التفت إليه لأرى ما يريد فإذا هو رجلٌ مسيحي يبدو عليه أثار التدين لما يلبسه من صليب ويحمله في يده من كتاب, في البداية اعتقدت أن سيخبرني أن وقوفي بين المسيحين ممنوع نظراً لكوني لا أعبد ما يعبدون, ولكن تفاجأت حين سألني وقال باللغة الإنجليزية: هل أنت يهودي؟!.. لا أعلم إن كان شعري الأسود وعيوني السوداء أعطته انطباعاً بأني من بني إسرائيل! ولكني قلت له: لا أنا مسلم! ليرد علي ويقول: جميعكم سواسية! قلت له: سواسية في ماذا؟ فقال: لا تؤمنون بالمسيح!!, قلت له: بل أنتم وهم سواسية, قال: في ماذا؟ قلت: لا تعلمون شيئاً عن الإسلام.
 
      تعرفت عليه أكثر في نقاشات جانبية تعارفية, اسمه "أليساندرو" وهو إيطالي الجنسية, رجل مسيحي متدين جدّاً ولكنه لا يعرف عن الإسلام إلا ما تروجه وسائل الإعلام, طال الحوار الودي بيني وبينه وأعطيته رقمي وأخذت رقمه بعدما طلبت منه أن نكمل نقاشنا في مكان ووقت آخر لأوضح له أموراً كثيرة, فقوله إننا لا نؤمن بالمسيح لم يرق لي, وحرصت أن ألتقي به مرة أخرى وهذا ما حصل.
  
     اتصلت عليه في اليوم الذي يليه وأخبرته بأن الوقت الآن يناسبني لأن نجتمع وحاولت إقناعه بأن يكون لقاؤنا هو اليوم  نظراً لأني سأودع روما في اليوم الذي يليه ذاهباً إلى ميلانو, وافق "أليساندرو" على الالتقاء بي وتواعدنا عند نافورة "تريفي" الشهيرة في قلب روما, هناك وجدته قد سبقني حاملاً الكاميرا الخاصة به ويلتقط بعض الصور الاحترافية, ضربته على كتفه من الخلف بنفس الطريقة التي ضربني بها في الكنيسة, التفت ضاحكاً ورحب بي وبدأنا بالمشي, فالمشي رياضة أفتقدها كثيراً في بلادي لذلك لا أحب ركوب السيارات في أوروبا التي سخّرت شوارعها للمشاة, هناك ومع "أليساندرو" رأيت روما بشكل مختلف, فزياراتي السابقة لها كانت زيارة سائح يبحث عن الأماكن السياحية ويبحث عن المحلات الفارهة, ولكني مع "أليساندرو" رأيت شوارع وأزقة روما الجميلة كما يراها سكانها البسطاء.
      
كنا نتحدث خلال سيرنا على الطريق عن أمور مختلفة بعيداً عن النقاش الديني, فالإيطاليون يحبون كرة القدم ويسمونها (الكالتشيو) ونظراً لكوني مشجعاً لفريق يوفنتوس الإيطالي وأليساندرو مشجع لفريق الميلان, سرحنا بنقاشات المشجعين العقيمة, الكل يدافع عن فريقه ويعيب في الآخر وهذا هو ديدن الكرة.. لم يذكر التاريخ أن نقاشاً بين مشجعين قد جاء بنتيجة ولكنه سقط المتاع.
   
    فجأة هطل علينا المطر بقوة وغم أن الجو كان مشمساً قبل  قليل.. ولكنها أوروبا التي تعيش في اليوم الواحد كل الفصول الأربعة, عندها أخذني "أليساندرو" إلى مطعم جميل يقدم "الباستا الإيطالية اللذيذة" رغم أنه وعدني بمطعم أفضل ولكن تساقط المطر المفاجئ قطع علينا الطريق وأعاق علينا إكمال المشي فأجبرنا على تغيير الخيار السابق والقنوع بهذا المطعم.
   
    وهنالك جلسنا وبعد أن طلب كلٌّ منا ما يريد أن يأكله, بدأ النقاش الذي نعلم جميعاً أنه هو سبب لقائنا.
 
      قال لي: قل لي ما لديك الآن؟
      
قلت له: سأبدأ نقاشي الديني من حيث انتهينا.. أي عندما قلت لي إننا لا نؤمن بالمسيح!
   
    قال: حسناً.. وهو كذلك..!
    
   قلت: أنا أعلم بأن هنالك سوء فهم لدى غالبية المسيحين وذلك نابع من جهلهم بتفاصيل الديانة الإسلامية, فهم يظنون أن الإسلام دين جديد ومستقل وخاصٌّ بالعرب وليس له أي علاقة بالأديان السماوية التي قبله ولا برب بني إسرائيل وهذا بالتأكيد خطأ.. فالإسلام دين سماوي مكمل ومصحح ما حصل على الأديان التي تسبقه, فنحن المسلمين مؤمنون بجميع الأنبياء الذين تؤمن بهم أنت..! فنحن نؤمن "بآدم ونوح وإبراهيم وإسماعيل  وإسحاق ولوط ودانيال ويوسف وداود وموسى وهارون وعيسى المسيح" وغيرهم كثير ولكننا نزيد عليكم بإيماننا "بمحمد" والذي نؤمن بأنه خاتم الأنبياء, فرسالة الله لدينا ابتدأت "بآدم" وانتهت "بمحمد" عليه السلام, فتشبيهك لنا بأننا كاليهود في عدم إيماننا "بعيسى" غير صحيح, فاليهود فعلاً لا يؤمنون بنبي اسمه "عيسى" وكانت لهم اليد العليا في مؤامرة قتله وصلبه كما في كتابكم, ولكننا نحن المسلمين مختلفون, فنحن نؤمن "بعيسى" ونحبه ونحترمه بل ولا يمكن أن تكون مسلماً إذا لم تؤمن بنبي الله "عيسى" وبمولده العجيب من دون أب, وفي قدرته على أن يشفي المرضى ويحيي الموتى بإذن الله.. ونحن أيضاً مصدقون "بالإنجيل" الذي نزل عليه..
     
  ثم سألته فقلت: هل تعلم كم مرة ذكر "عيسى" في القرآن؟

أقوم قيلا Where stories live. Discover now