'7

159 16 3
                                    


أخبرني صالح أن بداية الأمر كانت عن طريق التفكير والتأمل وذلك منذ أن كان شابّاً صغير السن, فهو يثق بعقله كثيراً على حد قوله وعقله هو الذي قاده في رحلته هذه للبحث عن الحقيقة, فيقول صالح: "إن عقلي يا بني لم يكن ليصدق ما توارثته منذ الطفولة عن الدين المسيحي, كيف لي أن أستوعب فكرة أن يكون خالق الكون متجسداً في ثلاث هيئات مختلفة(الأب والابن والروح القدس) أو ما يسميه المسيحيون بالثالوث!! كيف يعقل أ يكون هذا الرب متفككاً وكأنه لعبة المكعبات؟! وكيف لي أن أصدق بأن الإله من الممكن أن يكون له ولدٌ مثلي وقد أنجبه من امرأة من البشر؟ لم أستطع أن أوفّق بين هذه التساؤلات العقلانية وبين ما أسمعه من حولي وما أقرؤه في كتابي المقدس.
 
      الناس من حولي اتهمتني بالتجديف والزندقة ولكني لم أكن أطلب أكثر من معرفة الحقيقة! لماذا كل تلك التناقضات في الإنجيل!! فالرب يقول في بداية الإنجيل إنه خلق الإنسان على "هيئته" في اليوم الخامس بعد خلق السماء والشمس والقمر والأرض والبحار والنبات.. ليخبرنا بعد ذلك أنه خلق الإنسان أولاً! ثم كيف لي أن أعرف كيف تبدو هيئة الرب الذي يخبرني الإنجيل أنه خلق الإنسان على هيئته!! الرب في نظري يجب أن يكون غامضاً ومجهول الشكل والهوية وليس كمثله شيء.
     
  الرب في نظري يجب أن يكون عالماً للغيب والشهادة, لا أن يبحث عن آدم في الجنة لأنه لا يعلم أين اختبأ عندما عندما أكل الثمرة المحرمة! فيخبرنا الإنجيل أن آدم كان يسمع خطوات الرب وهو يبحث عنه ويقول (أين أنت يا آدم؟) كيف يكون هذا الإله إلهاً عظيماً وأنا أستطيع أن أتصوره على هيئتي, ويتزوج وينجب مثلي, وعلمه محدودٌ مثل علمي.. فأنا كثيراً ما أبحث عن حاجاتي التي أضيعها وأنا أردد (أين ذهب قلمي).."

"

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.


   "صورة تجمعني برفقة صالح"

أكمل "صالح" حديثه وقال: "كنت أبحث وأتساءل أكثر فأكثر عن هذه التناقضات وللأسف لا أجد إجابات شافية تخلصني من صراعي الداخلي, حتى حين أطرح الأسئلة على متخصصين أو متدينين من الديانة المسيحية فأتفاجأ بأنهم لا يقولون الحقيقة وكأنهم يرضون بالتدليس على أنفسهم"..

         وفي أثناء حديث "صالح" عن التدليس تذكرت ما قاله الشيخ الأمريكي "يوسف إستس" حول الكذب الذي تعرض له خلال تحوله من المسيحية للإسلام, حيث يقول إنه بدأ بطرح الأسئلة التي تجول في خاطره على قس داخل الكنيسة, فقال له: لماذا تنعتون الإسلام بأنه دين انتشر بالسيف رغم أن كلمة سيف ليست مذكورة أبداً في القرآن ولا حتى مرادفاتها في اللغة العربية كالحسام والفيصل والمهند وغيرها وتتجاهلون أن الإنجيل احتوى على كلمة سيف أكثر من مائتي مرة, من ضمنها ما قاله المسيح بشكل صريح في إنجيل متّى "مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلَامًا بَلْ سيفاً إِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ, وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا, وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا" فأين أنتم من ذلك؟ يقول الشيخ "يوسف" إنه تفاجأ بالرد الذي قاله القس حيث قال إن الكلمة لم تكن سيفاً في بداية الأمر (Sword) بل كانت (Word) والتي تعني (كلمة) أي أن المسيح قال في الأصل ما جئت لألقي سلاماً بل كلمة!! ولكن من كان يكتب الإنجيل في الماضي أوقع قطعة من الأكل الذي كان يأكله فاتسخت كلمة Word وأضيف أمامها حرف S من مخلفات الطعام بالخطأ.. فاعتمدت الكلمة بعد ذلك بهذا الحرف الدخيل ليصبح معناها (سيفاً)..!!
        يقول "يوسف إستس" لم أتمالك نفسي كثيراً أمام هذا الكذب فقلت له: ألم ترَ أنها وردت بلفظ (سيف) أيضاً في الإنجيل الذي نزل باللغة الآرامية!! أم أن قلوبكم تطمئن لما تكذبون به على أنفسكم وعلى الناس الضعفاء؟
  
     ثم كيف يأمر المسيح في آية أخرى من الإنجيل الناس ويقول لهم "وَمَنْ لَيْسَ لَهُ سَيْف فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًا".. فلو افترضنا أن المقصود بمعنى (السيف) كما تزعمون هو (الكلمة) فهل يعني ذلك أن الكلمات تباع وتشترى!! أم أنه يجب علي أن أنتظر منكم تبريراً وكذبة جديدة حيال ذلك؟!
    
ويقول "يوسف إستس" أيضاً: لم يقف الكذب هنا.. فقد حدث أمرٌ أكبر من ذلك من قبل حين ذهبت بالإنجيل إلى أحد المبشرين وعرضت عليه ما ورد في الكتاب المقدس في سفر العدد الإصحاح رقم 23 من أن الرب يقول "ليْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ وَلا ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ" وقلت له كيف تقولون إن المسيح إله والرب هنا يقول إنه ليس إنساناً ولا ابن أنسان؟ قال لي: نعم نعم هذا صحيح ولكن حرف (S) الذي يتم ذكره عند اسم المسيح بصفته ابن الله  في كلمة Son of God يكون حرفاً (كبيراً) وليس كما ورد ذكره في الآية التي أحضرتها أن بهيئته الصغيرة (s) وفي هذا دلالة واضحة على الاختلاف بالمعنى المقصود وهو بلا شك لا يمس ألوهية المسيح!!

قال له "يوسف إستس": "متى تتوقفون عن نشر هذه الأكاذيب والضحك على الذهون.. ألا تعلمون بأن اللغة الآرامية التي نزل بها الإنجيل ليس فيها لا حروفٌ كبيرة ولا حروفٌ صغيرة..! فرد عليه المبشر ردّاً صاعقاً إذ قال: لا تقلق كثيراً فالناس يصدّقون ما نقوله..!".

وبالفعل.. يبدو أن غالبية إخواننا من الديانة المسيحية يصدقون كثيراً مثل تلك الأكاذيب دون أدنى تفكير بها, فلو كلّف أحدٌ منهم نفسهُ عناء عرض مثل هذه الأكاذيب على عقله وتدبرها لانتهى به المطاف مثل "صالح" الذي أكد لي قصة الشيخ "يوسف إستس" حول تلقيه مثل هذه الأكاذيب التي لا تسمن ولا تغني من جوع.. بل إنها تغرق الشخص أكثر وأكثر فيفتقد بينه وبين نفسه قدسية الدين.
   
    يقول "صالح" بأنه لم يكن قد طرأ على باله فكرة الاطلاع على الأديان الأخرى, فكان كل ظنه أن جميع الأديان لن تختلف كثيراً عن المسيحية وذلك في وجود رهبان وباباوات يمارسون الضحك والتلاعب والتحريف والتسييس, لذا كان خيار الإلحاد مصيراً محتوماً له في ظل أن جميع ما يقرؤه في كتابه وما يسمعه من حوله كان يقوده إلى الألحاد ولا شيءَ آخر, فهو يرفض الخضوع وتصديق أكاذيب على حساب عقله, وكان يجهل بحقيقة الأديان الأخرى, لذا لم يكن أمامه سوى الإلحاد كخطوة للتغير وإشارة منه لرفضه بأن يُخضع عقله لمثل هذه الخرافات والتناقضات.
    
  

أقوم قيلا Where stories live. Discover now