الفصل-- 11

170 11 0
                                    

البقرة والعزير والتابوت

       يحتوي القرآن على الكثير من الأمور المشتركة بيننا وبين الكتب السماوية التي سبقتنا, بل إن الأمر يستدعي أحياناً أن يبحث بعض المختصين من المسلمين في التوراة أو الإنجيل لأخذ تفاصيل أكبر مذكورة لديهم تجاه أمورٍ صادق الله عليها في القرآن, مثال ذلك قصة النبي دانيال عليه السلام والذي ورد اسمه في الإسلام بأحاديث صحيحة إلا أن علماء المسلمين رجعوا لأخذ تفاصيل قصة هذا النبي من التوراة حيث ذُكرت هناك بسفر كامل يحمل اسمه "سفر دانيال"..

       ما أود قوله أن طلب مزيدٍ من تفاصيل بعض القصص التي وردت في القرآن من الكتب السماوية كالتوراة والإنجيل يعتبر ظاهرة صحية أحياناً لتقوية الإيمان بما أخبر الله به محمداً عليه الصلاة والسلام ووجد مكتوباً عندهم.. وها نحن اليوم ربما نتساءل عن الكثير من الآيات التي تصادفنا في القرآن ونشعر بالرغبة في الحصول على مزيدٍ من تفاصيلها ليشفي ذلك فضولنا وغليل تساؤلنا.. وأنا هنا لن أتحدث إلا عن ثلاثة أمثلة فقط...
أولاً: بقرة بني إسرائيل:

       قد يتساءل أحدنا يوماً مع نفسه فيقول: لماذا سُميت سورة البقرة في القرآن الكريم بهذا الاسم؟ كيف تُسمى سورة عظيمة باسم حيوان يميل الناس غالباً لاحتقاره لدرجة أن بني إسرائيل قالوا لنبيهم موسى حين أمرهم أن يذبحوا بقرة {أَتَتَّخِذُونَا هُزُوًا}؟ [سورة البقرة 67].

       طبعاً ما يجعل هذا التساؤل في محله هو أن البقرة من الأنعام, وتجد أن الله شبّه الأنعام في القرآن بمن يصدون عن ذكره كقوله {أُوْلَئِكَ كَالْأَنْعَمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [سورة الأعراف 179] وقوله {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَٰمُ} [سورة محمد آية 12] ووجه التشبيه هو الاحتقار في ثقافتنا العربية, أي أن ذلك يؤكد أن الحيوان ذو مقامٍ محتقر..

       وإذا بحثنا أكثر في سبب تسمية سورة البقرة.. فسنجد أن تسمية السورة كانت في عهد الرسول عليه السلام, حيث جاء ذكرها في أحاديث صحيحة أشهرها توصية الرسول بقراءة البقرة لأنها تطرد الشياطين.. لذلك فالتسمية لم تكن باجتهادات الصحابة بعد وفاة الرسول وإنما في عهده.. وهذا ما يؤكد تساؤلنا.. لماذا سماها بهذا الاسم؟

معرفتنا للإجابة على هذا السؤال مرتبطة بمعرفتنا عن لماذا اختار الله بقرة وليس حصاناً مثلاً؟

       يتطلب الأمر أن نعود للوراء إلى عصر الفراعنة حيث كان للبقرة شأن عظيم جعلها أحد آلهة الفراعنة ولعل أشهرها الإله (آبيس)..

       بنو إسرائيل قبل نبوة موسى وأثناء العبودية لدى فرعون كانوا مؤمنين بآلهة الفراعنة وثقافة تقديس البقر.. وما زالت فيهم رواسب حتى بعد انفلاق البحر, ففكرة تقديس البقر كانت لا تزال عالقة في أذهانهم لدرجة أنهم قاموا بعبادة العجل كما ذكر بالقرآن في أربعة مواضع مختلفة كقول الله {وَإِذْ وَعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ العِجْلَ مِن بَعْدِهِ} [سورة البقرة آية 50]

أقوم قيلا Nơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ