١- أبولّو

685 20 0
                                    

- مشفىٰ بوسان للصحّة النّفسية والعقليّة.
- كيم تايهيونغ..

"ما الّذي تُؤمن به؟"

سؤالٌ سيء، لا إجابة له. كَيف أُخبره بأنّي جئتُ فارغًا، لا يملأني أيّ إيمانٍ ولا يسكُنني أيّ مُعتقد؟
هل أُخبره أنّ شوائِب ألسنة الجحيم التَهمتْ ما بقي لي مِن الإيمان قبل أن تأتي بي قدمايّ إلىٰ غرفته الأكثر خواءً منّي؟

"لا أعلَم.."

وربّما هذا الشّيء الوحيد الّذي أعلمه؛ أنّي لا أعلَم شيئًا. كإجابات سابِقات هذا السؤال وما بعده، دائمًا ما تكون "لا أعلم".

"والواقِع، تايهيونغ؟"
هذا أيضًا سؤالٌ لا إجابة له، لَم أعُد أُدرك معنىٰ الإيمان.

أجاب الصّمت عنّي أسئلته فاقِدة المعنىٰ، وقُطع بصوت أنفاسٍ عميقةٍ غادرتْ صدر السّائل اليائِس.
انتهت جسلتنا أخيرًا.

"حسنًا، تايهيونغ. ألا تُريد إخباري بشيءٍ قبل خروجي؟"

بدا علىٰ تقاسيم وجهه انتظارُ سماع أيّ حرفٍ حين تململتُ بوسط أفرشتي البَيضاء بعد تصنّمٍ موجِع.

"كاد اللّون الأسود ينتهي، هلّا أحضرتَ لي أنبوبًا ولَوحة؟"

زفر قويًّا بعدما خيّبتُ أمله للمرّة الألف غير نادم، ثمّ أومأ بغياب ذهنٍ بينما يستقيم ظلّه معه نحو مخرَج سجني الهادئ.

و هاك الصّمت يضرِب جدران عزلتي مِن جديدٍ لليَوم التّاسِع والثّمانين علىٰ التّوالي.

هذا كيم تايهيونغ..
مشخّصٌ بما يكفي لحجزي حيثُ أنا، وإلحاح مَن كان أمامي توًّا عليّ للإفصاحِ هو ما يدّعي به مساعدتي في حلّ معضلة تكويني.

لَم يتغيّر شيءٌ حينما سمع أنّ جسدي الفارِغ ينتظِر ردّ روحه إلَيه ويدعو بيأسٍ أن يكفّ أبولّو عن النّحيب، كان ذلك كلّ ما قلتُ منذ أتيتُ باستثناء اختصاراتِ الكلِم الّاتي دائمًا ما تكنّ إجابات أسئلته، ولم يكن ذلك ليُزيده إلّا إلحاحًا بطلبِ إجاباتٍ تخلو مِن كلمٍ معتاد، وربّما زاده شفقةً تجاهي.

سألني ذات مرّةٍ إن كنتُ أترُك عقلي يعترِف بمشاعِري، أجبتُه بنظرةٍ خالية مِن أي معنىٰ؛ لذا سكتَ بيأسٍ كعادته. لم أستطِع أن أخبره أنّي بالحياد، عقلي يعترِف، وأنا مَن يُنكر، وكثيرٌ علىٰ هذا المنوال..

الحديثُ مرهقٌ علىٰ أيّ حال.

طرقاتُ الباب تسلسلتْ لمؤخرةِ عقلي فيُجيب جزءٌ منه برفع عينَي عن نقطةٍ في الفراغ، لا أعلَم لِم يطرقون الباب على أيّ حال.

سَديْم - تِ.كحيث تعيش القصص. اكتشف الآن