٢- ساعي البَريد

322 11 0
                                    

- استقبال مشفىٰ بوسان للصحّة النّفسية و العقلّية.
- جيون جونغكوك..

ما زلتُ أذكُر كَيف كان كتفُ أبي أعلىٰ مكانٍ في الأرض بيومٍ ما، حتّىٰ أعلىٰ مِن هذا المبنىٰ المؤرِق.

أذكُر شعور الهواء الرّطب يملأ صدري، كما لَو أنّي أستلذّ أكثر الأنفاسِ حلاوة.

أعجَب لكَيف ضاق صدَري ولَم يعُد يحتمِل كفايَتي مِن الهواء، أنفاسٌ قصيرةٌ ضعيفة.

يكتُم قناع ذاتي أنفاسي فلا أستطيع التِماس الهواء أو زفيرَه.

"أجل، جيون جونغكوك"

لفظتُ حروف اسمي بابتسامةٍ رقيقةٍ لَم يُعنها ذبول عَيني. تقاسيم وجهي الهادِئ لا توحي بتاتًا بأنّي شخصٌ ينتمي لهذا المكان..
ذاك القناع الخانِق الّذي عنَيتُ.

"نحتاجُ منك تحديثًا لبعض بياناتِ السّجل"

تمتمتْ مِن وراء مكتبها العالي بَينما تعبث بكثير الأرفُف حولَها لتُخرج ملفًا يحمل قليل الأوراق وتضعه أمامي.

لا يثقون بجلّ ما قد يكتبه مريضٌ وحيدٌ مثلي، لذا لا أعلَم فائدة مطلبها، لا غَيري هنا ليملأه علىٰ كلّ حال.
مرحبًا بنفسي باللّا مكان مِن جديد.

..........

- كيم تايهيونغ..

"جيون جونغكوك، في العشرين مِن عمره. لَم يقدّم للجامعة لسوء حالتِه بآخر عامَين، ليستْ أولىٰ مرّاته هنا بالمناسبة"

تنتقِل عيناه بَين الملفّ وعَيني، يقرأ ويراقِب تغيّرات ألوانها، يُحاول قراءة الوجه النّاعس الّذي أرتديه لئلّا يجِد إلّا الفراغ فيتنهّد ويُكمل، فعل هذا أكثر مِن مرةٍ بدقيقةٍ واحِد.

"عازفٌ رائِع، أعلَم أنّك تحبّ الموسيقىٰ"

"علامَ يعزِف ؟"
وكانتْ هذه نقطةٌ بحجم و عمق ثقبٍ أسود سجّلتْ لصالِحه، ممّا دفعني لسؤال نفسي عن غايتَها مِن سؤالٍ كذاك إن كنتُ سأرفُض مشاركته الغرفة بنهاية المطاف.

يا لسوء ابتسامتِه الآملة..

"الكمان، ويرسُم أيضًا، لكنّه يفضّل الكتابة علىٰ كلٍّ"

ابتسامتُه البارزة بصوتِه، أستطيع تمييزَها حتّىٰ وإن كنتُ مواجهًا لسقف الغرفة، وكم كانتْ مؤرقة.

"أرفُض"

لتتحوّل نقطة فَوزه لثقبٍ أسود حقيقيّ يبتلِعني ويقذفه بعيدًا خارِج جميع أكواني.

سَديْم - تِ.كWhere stories live. Discover now