١٨- نِيرڤانا

44 4 0
                                    

- كيم تايهيونغ..


منذ سنواتٍ علم أبي ببادرة إصابتي بالاكتئاب، أخبرني بمقدرتي علىٰ البحث عن خيطٍ أتمسّك به بدلًا مِن البحث عن الموت بكلّ ما أوتيت مِن حياة، وأخذني إلىٰ أوّل عرضٍ موسيقيٍّ حضرتُه.

أخبرني بأنّ الموسيقىٰ يُمكن أن تغزل بدلًا مِن الخيط مئات، كان رُغم فشله كموسيقار متمسكًّا بذاك الحبل الّذي غزله لنفسه؛ لذا فعلتُ المثل..

ومِن حيث أنا الآن اكتشفتُ كم كان مغزلي ضعيفًا، كيف أنّ هذا الّذي غزلتُه ليعلّقني به عوضًا عن الشّقاء لم يكن بالقوّة الكافية لتحمّل وزني.

كان مذاق الذّكريات غريبًا، فلم تطأ قدمي قاعة حفلٍ منذ ذاك الحين، وكان الأغرب أن عيون أبولّو هي ما أعادتني لرسم مشاهد هذا اليوم بعقلي مِن جديد.

قطعتُ الاتّصال المربك بيننا وأرحتُ ظهري إلىٰ المقعد بعدما أُطفئ الضّوء استعدادًا لبدء العرض.

ما زلتُ أحاوِل التّوازن، لكنّ الأمر كان يسوء بشكلٍ مثيرٍ للشفقة كلّما مرّ الوقت. كنتُ أشعر بضغطٍ لم أتوقّع أن أصِل له.

بين طرفة عينٍ وأخرىٰ امتلأ المسرح بعازفي آلاتٍ بدأت مِن أبسط الآلات الكلاسيكيّة إلىٰ أكثرها تعقيدًا، وحاولتُ مع دخولهم مدّ قطر عيني، لكنّها كانتْ تخذلني.

ثمّ بدأ العرض، كان يذكّرني بألحان أبي..
رُغم كون العالم لم يتقبّل موسيقاه، فقد فعلت.

كنتُ أغفو في بعض اللّيالي بينما يجلس بجانب ساقيّ ويدندن مع موسيقىٰ قيثارته، حتىٰ تناديه أمي قائلةً أنّ هذا يكفي وأنّ الوقت تأخّر.

هذا المكان يُشعرني بالحنين..
يُشعرني بالثّقل الشّديد وبأنّ رأسي يزن أطنانًا؛ لذا وبكلّ غلبةٍ منّي تركتُه ينزلِق عن استقامته، ليلتقفه كتف أبولّو..

شعرتُ بتصنّمه رغم انسحابي التّدريجي مِن أرض اليقظة، ولم أستطع ألّا أبتسِم إثر ذلك.

"Tu es beau"
همستُ بها له متعمّدًا أن تكون بلغةٍ لا يلمّ بها، فلن أنكسر كلّ تلك الانكسارات بليلةٍ واحدة، بتُّ ألوم العالم الّذي تسبّب بقلّة وعيي في النّهاية.

حاولت أن أعيد تركيزي لصوت الموسيقىٰ الّذي كان كما لو أنّه مِن الماضي، لكنّ رائحة عطري الّتي كانت تفوح منه  وتملأ صدري كانت تذكّرني بأنّي ما زلتُ بعامي الثّاني بعد العشرين؛ فلا أذكر وجود تلك الرّائحة حينما أتيتُ مع أبي، ما زلتُ بالحاضر.

شعرتُ بجسده يرتخي بعد وقتٍ قليلٍ كنتُ أتأمّل به المسرح تارةً وأغمض عيني تارةً أخرىٰ، حتىٰ شعرتُ ببلوغي الحدّ..

سَديْم - تِ.كTahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon