٣٠- موسِم زهرة الميوسوتِس

44 5 1
                                    

- جيون جونغكوك..

"ننتزِع كثيرًا من أنفسنا لنتعافىٰ من الأمور أسرع ممّا يجب؛ للحدّ الّذي يوصلنا للفقر ببلوغ الثّلاثين، ونملك أقلّ لنقدّمه كلّما بدأنا مع شخصٍ جديد.."

في الحين الّذي أملتُ جذعي فيه إلىٰ الوسادة متّكئًا بجواره؛ كان يجلس قريبًا للحدّ الّذي جعلني أرىٰ جسدي يعانقه، ويقرأ عليّ مِن الكتاب الّذي قادنا إليه حديثنا.

كنتُ أجزّئ إدراكي بين ما يقول، وبين الفتنة الّتي تجسّدت بملمحه، والرّاحة الّتي امتزجت بالخوف بين جدران نفسي..

يكاد لا ينظر إلىٰ الكتاب بينما يقرأ، كأنّه يتحدّث بأفكاره الخاصّة، وجعلني هذا أتساءل عن عدد المرّات الّتي قرأه بها، أو حجم الشّيء الّذي يعلّقه بهذا الكتاب.

"لكن أن تكفّ مشاعرك حتّى لا تشعر بأيّ شيء، يا لها من خسارة! كَيف قد تعيش حياتك هو شأنك الخاص، لكن تذكّر.."

كان صوته العميق يدفع الهدوء إلىٰ نفسي، ولم يمنع ذلك أن يضجّ عقلي بضجيج الأفكار الّتي تخلّفها الكلمات الّتي يرويها عليّ.

في حين انتظاري لبقيّة جملته يده الّتي قرّبتها إلىٰ وجهي حتّى استطاع الشّعور بدفء أنفاسي علىٰ ظهرها انسحبت مِن بين يديّ لتمسح بخفةٍ أسفل عيني..

"قلوبنا وأجسادنا يُمحون إلَينا مرّةً واحدة"
ثمّ ترك الكتاب بجانبه بعدما عرف بأيّ جزءٍ توقّف، ومال إليّ لأرفع ذراعيّ معلمًا إيّاه بأنّي أستطيع أن أكون بالدّفء الكافي لأضمّه.

"أبولّو.."
همس بالاسم الّذي وهبني إيّاه لأجيبه مهمهمًا بينما أشدّ علىٰ حصار جسده بذراعيّ حتّىٰ بان مرتخيًا علىٰ صدري.

"أين دفترك؟"
سأل بخفوتٍ لأعتدل قليلًا دون إبعاده وأمدّ يدي تحت وسادته مخرجًا ما سأل عنه، ثمّ أمدّه إلَيه مرجعًا جسدي للوضع الّذي كان عليه..

وفي قرارة نفسي؛ اعتقدتُ أنّ حديثًا آخر كان لديه وقد امتنع عنه، ولن أنكر خشيتي مِن السّؤال، لكنّي تركتُ سؤالًا آخر:
"بمَ تريد منه؟"

سألتُه بعدما أصبح بين يديه يقلّب بصفحاته حتّىٰ وضح لصفحةٍ فارغة. هيّء لي أنّه قد تجاهل كلّ ما قبلها عمدًا خشية أن تُلجم نفسه بما قد يرىٰ، وقد جعلني هذا أفلت قهقهةً مكتومةً لينظر إليّ بتعجّب.

"ما الّذي تنوي فعله؟"
سألتُ ثانيةً قبل أن يسأل عن سبب ضحكي لأملك بذلك مجرىٰ الحديث، وحينما نجحتُ بكسب انتباهه لما ألفظ أجاب:
"سأكتب.."

وقد جعل هذا ابتسامةً تنمو علىٰ وجهي غير تلك الّتي كانت بسبب فراره ممّا بدفتري، ومن ثمّ اختفت حينما أكمل حديثه قائلًا:
"لكن بأثناء نومك، أحلامًا سعيدة"

سَديْم - تِ.كحيث تعيش القصص. اكتشف الآن