٢٩- الحبّ والرّوح

33 5 1
                                    

- كيم تايهيونغ..

يمتلك البشر هوسًا بما لا يرونه، وببعض الأحيان قد لا يشكّل فارقًا لديهم إن كان ذلك المفهوم حقيقةً أثيريّةً أم وهمًا اختلقته عقولهم..

أما نفسي؛ فلطالما امتلكت هوسًا بمفهوم الرّوح.

قد أتت عليّ أيامٌ كدت أكتسب فيها إيمانًا بأنّ الرّوح شيءٌ لا وجود له، فكرةٌ مختلقةٌ لتجزيء النّفس البشريّة جزءً زائدًا يصلون به أمرًا لا يجدون له محلًّا موجودًا من الأصل، ولهذا لم أملك واحدة..

لكنّي في النّهاية سلّمتُ نفسي لحقيقة وجودها، وأنّي فقدتُها منذ وقتٍ لا أعلمه ولم أشعر بها حينما كانت بجسدي.

لم يكن لذلك الخواء داخلي تفسيرًا غير أنّ جزءً أثيريًّا فيّ قد فقد تاركًا ذلك الأثر الملموس.
بشكلٍ عام؛ الرّوح البشريّة صعبة الفهم..

وقد اعتقدتُ -في وقتٍ ما- أنّها تاهت، لربّما كانت هذه الحياة الأولىٰ لها ولم تعرف الطّريق بعد، لكنّ الأيام كانت تريني كيف أنّها علمت كلّ الطّرق واختارت طريقًا غير الّذي كنتُ أسير به..

تساءلتُ إن كان باستطاعتي رؤيتها حال الوصول إليها، إن كنتُ سأجدها أكثر جمالًا مِن جسدي الماديّ الّذي أتلفه الحزن، أو إن كان قد أصابها بعضٌ مِن ذلك وسأمقتها إن وقعت عيني عليها..

أو إن كانت أصل السّقم الّذي أحمل وقد تشكّل جسدي حول تكوينها المُتعب، وتساءلتُ كثيرًا عن محلّها الّذي فضّلته علىٰ موطنها وعليّ.

أيّ جسدٍ قد حمل مِن الجمال ما ينتزع روحي هربًا منّي إليه؟

ربّما الآن استطعتُ فهم الأسباب..
فحينما تُركت فارغًا كانت روحي تتلقّىٰ الشّفاء بجسد أبولّو، حتّىٰ تعود إليّ حاملةً حياةً غير الّتي فقدت..

وبذلك في لحظة لقاءنا جددتُ جميع معتقداتي واستطعتُ فهم أسبابٍ أخرىٰ، لكنّي لم أستطع فهم كيف قد تركتني روحي لجسدٍ آخر يحمل السّقم، بل كيف لجسدٍ أن يحمل السّقم والشّفاء بذات الوقت؟

كيف امتلك موطن روحي نفسًا بهذا الوهن؟ وكيف عاش طويلًا مانحًا الحياة لروحينا وحيدًا دون تلقّي الحب؟

كنتُ أُبتلع مِن قبل إجاباتٍ تصنع معضلاتٍ جديدةٍ لا أجد حلًّا لها إلّا أن أضمّه عوضًا عن الحديث، وها أنا الآن أفعل..

"كيف تعرف الحبّ، أبولّو؟"
كسرتُ الصّمت الّذي طغىٰ لدقائق سائلًا بصوتٍ يكاد يُسمع.

لقد تركنا البيانو ليعود وحيدًا واتخذنا مجلسًا علىٰ الأرض الخشبيّة بأحد الأركان، عدتُ لأحتضن يده، وعاد ليضع رأسه علىٰ كتفي.

سَديْم - تِ.كМесто, где живут истории. Откройте их для себя